الرب
يقول الشيخ عبد الرزاق البدر( الرب هو اسم عظيم لله جلا وعلا تكرر وروده في القرآن الكريم في مقامات عديدة وسياقات متنوعة تزيد على خمسمائة مرة ).
قال الزجاجي : الرب : المصلح للشيء , يقال رببت الشيء أربه ربا وربابة , إذا أصلحته وقمت عليه , ورب الشيء مالكه .
ومصدر الرب : الربوبية ., وكل من ملك شيئا فهو ربه , يقال هذا رب الدار ورب الضيعة ,
ولا يقال : الرب معرفا بالألف واللام مطلقا , إلا لله عز وجل لأنه مالك شيء .
وقال الجوهري : الرباني : التأله العرف بالله تعالى , وقال سبحانه ( كونوا ربانيين ) .
ويقول الشيخ البدر معنى الرب ( أي : ذو الربوبية على خلقه أجمعين خلقا وملكاوتصرفا وتدبيرا . وهو من الأسماء الدالة على جملة معان لا على معنى واحد .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله (( الرب في كلام العرب متصرف على معان , فالسيد المطاع فيهم يدعى ربا .
والرجل المصلح الشيء يدعى ربا,
والمالك للشيء يدعى ربه ,
وقد يتصرف أيضا في وجوه غير ذلك , غير أنها تعود على بعض هذه الوجوه الثلاثة . فربنا جل ثناؤه السيد الذي لا شبه له ولا مثل في سؤدده والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه والمالك الذي له الخلق والأمر ))
وقال ابن الأثير رحمه الله ((الرب في اللغة يطلق على المالك والسيد والمدبر والمربي والقيم والمنعم , ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى , وإذا أطلق على غيره أضيف , فيقل رب كذا ))
بل إن هذا الاسم إذا افرد تناول في دلالاته سائر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا .
وقال عبد الرحمن السعدي ( الرب ) هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم , وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل , لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة .
ورود هذا الاسم في القرآن الكريم
ورد هذا الاسم في القرآن مرات عديدة جدا. أما عن وروده منفردا فقد ورد في إحدى وخمسين و مئة مره كما قال الشيخ محمد النجدي ومنها
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمغربين )
يقول الشيخ عبد الرزاق البدر( وربوبية الله للعالمين تشمل العالم كله , فهو الذي ربى جميع المخلوقات بنعمه وأوجدها بمشيئته وقدرته , وأمدها بما تحتاج إليه , أعطى كل شيء خلقه اللائق به , ثم هدى كل مخلوق لما خلق له , وأغدق على عباده النعم , ونماهم وغذاهم ورباهم أكمل تربية ).
وتربيته سبحانه وربوبيته تعالى نوعان :
أولا : ربوبية امة تشمل كل مخلوق بر أو فاجر, مؤمنا أو كافرا, سعيدا أو شقيا , مهتديا أو ضالا, وهي تربيته لهم أجمعين بالخلق والرزق , والتدبير والإنعام , والعطاء والمنع , والخفض والرفع , والإحياء والإماتة , والتولية والعزل , والقبض والبسط , وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) الرحمن
ثانيا : تربية خاصة لأوليائه حيث رباهم فوفقهم للإيمان به والقيام بعبوديته وغذاهم بمعرفته والإنابة إليه , وأخرجهم من الظلمات إلى النور , ويسرهم لليسرى وجنبهم للعسرى , ويسرهم لكل خير , وحفظهم من كل شر .
ولهذا أدعية أولي الألباب والأصفياء الواردة في القرآن باسم الرب استحضارا لهذا المطلب , وطالبا منه لهذه التربية الخاصة , فتجد مطالبهم كلها من هذا النوع , واستحضار هذا المعنى عند السؤال نافع جدا للعبد .