آثار الإيمان باسم الله الحميد
1ـ الإيمان بأن الله جل ثناؤه هو المستحق للحمد على الإطلاق , كما قال سبحانه عن نفسه (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) والألف واللام في (الحمد ) للاستغراق , أي هو الذي له جميع المحامد بأسرها , وليس ذلك لأحد إلا لله تعالى , ولا نحصي ثناء عليه , هو كما أثنى على نفسه , فهو الحميد في ذاته وصفاته وفي أسمائه وصفاته وفي أفعاله , فله الحمد على كل حال , في كل زمان ومكان , في الشدة والرخاء , والعسر واليسر , وفيما نحب ونكره , كيف لا ! وهو العليم الحكيم , الفعال لما يريد , المختار لما يشاء , فمهما يقضي ويقدر فهو الموافق للحكمة البالغة والعلم التام .
وكن صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع من الركوع (( اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما , وملء ما شئت من شيء بعد , أهل الثناء والمجد , لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ))
وكان صلى الله وعليه وسلم يقول إلى الصلاة من جوف الليل : (( اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض , ولك الحمد أنت قيام السماوات والأرض ومن فيهن , أنت الحق ووعدك الحق ... ))
وكان مره يصلي بأصحابه فرفع رأسه من الركوع فقال ((سمع الله لمن حمده )) فقال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال : من المتكلم ؟ فقال رجل : أنا , فقال (( رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول )) .
وكان صلى الله عليه وسلم يسبح الله تعالى في أدبار الصلوات ثلاثا وثلاثين ويحمده ثلاثا وثلاثين .... الذكر المشهور .
وقل صلى الله عليه وسلم مبينا عظم الحمد لله تبارك وتعالى : (( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان , وسبحان الله والحمد لله تملآن ( أو تملأ ) مابين السماوات والأرض .. )) .
وقال أحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت ..))
وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الحمد على النعم : (( ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله , إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ )) . أي إلهام الله له من الحمد والشكر , أفضل مما أخذ من النعمة . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن حمد الله تعالى من أسباب رضاه عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها , أو يشرب الشربة فيحمده عليها )).
2 ـ وقد اقترن هذا الاسم في الكتاب ببعض الأسماء الحسنى كقوله تعالى ( أن الله غني حميد ) وقوله تعالى (إنه حميد مجيد ) وقوله تعالى ( الولي الحميد ) وقوله تعالى ( العزيز الحميد ) , ويفيد ذلك قدرا زائدا على مفرديهما .
ففي الآية الأولى : له الحمد على غناه وجميل نعمه .
وفي الثانية له الحمد على مجده وعظمته وكبريائه .
وفي الثالثة : له الحمد على توليه المؤمنين بنصرته ورعايته لهم , ونعمته عليهم , ومحبته لهم .
وفي الرابعة : له الحمد على عزته وغلبته , وعلى إعزازه لأوليائه , ونصره لحزبه وجنده .
يقول ابن قيم الجوزية إن الغنى صفة كمال والحمد كذلك , واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر , فله ثناء من غناه وثناء من حمده , وثناء من اجتماعهما ,
فالحميد الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودا , وإن لم يحمده غيره فهو حميد في نفسه , والمحمود من تعلق به حمد الحامدين ,
والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله , والله سبحانه له الكمال المطلق الذي لانقض فيه بوجه ما , والإحسان كله له ومنه , فهو أحق بكل حمد وبكل حب من كل جهة , فهو أهل أن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه ولكل ما صدر منه سبحانه .
وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال , كما يدل عليه موضوعه في اللغة , فهو دال على صفات العظمة والجلال ., والحمد يدل على صفات الإكرام والله سبحانه ذو الجلال الإكرام وهذا معنى قول العبد ( لا إله إلا الله والله أكبر ) , فلا إله دال على ألوهيته وتفرده فيها , فألوهيته تستلزم محبته التامة , ( والله أكبر ) دال على مجده وعظمته وذلك يستلزم تمجيده وتعظيمه وتكبيره .
لذلك يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيرا كقوله تعالى ( رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) . وقال تعالى ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
وقال صلى الله عليه وسلم من حديث انس (( ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام )) يعني الزموها وتعلقوا بها ,
فالجلال والإكرام هو الحمد والمجد .
3ـ كل ما يحمد به العباد فهو من الله تبارك وتعالى , فيرجع إليه سبحانه لأنه الواهب للصفات المحمودة .