الخميس : 09/08/2007 08:56 م
ألم ألم.. وانتفاخ مزعج ، وبطن متكور ناتج عن تهيج القولون ، آه .. منذ متى أعاني منه دون أن أدري !
ذهبت إلى الطبيب ، وقال لي ما توقعته ، إنه القولون . وما عساي أن أفعل ؟! هل سأتناول الأدوية لتسكن الألم ، هل سأتجرع هذه السموم ؟!
لا..
قررت ألا أتناولها ، وأن أعالج الأمر بنفسي ، من باب آخر ، هو الأولى في علاج القولون .
إنني بحاجة إلى مزيد من الاسترخاء ، بحاجة إلى أن أستشعر معنى الطمأنينة والسلام الداخلي وسط أمواج التوتر والقلق التي تجتاحني هذه الفترة بالذات مع تزاحم المهام ، وقلة الترفيه .
سأعتني بنوعية طعامي ، وحسب ، لست بحاجة إلى دواء ، لست بحاجة إلى مسكنات ، لست بحاجة إلى مزيد من السموم !
تعلمت من خلال قراءتي عن الشفاء الذاتي أمرين هامين ، هما الأساس في علاج أي مرض :
الأول : أن أتهيأ نفسيا للعلاج ، من خلال تغيير بعض القناعات السلبية عن ذاتي أو الحياة أو الآخرين ، وأن أقوم بتحقيق مفهوم الطمأنينة والسلام الداخلي من خلال العلاجات الروحانية ، كالذكر والدعاء والصلاة .
الثاني : أن أهتم بنوعية الطعام الذي أتناوله ، وأعتقد بأن لكل شخص برنامجه الغذائي الخاص الذي يناسبه ، ولمعرفة برنامجي الخاص كان علي عمل التحاليل لمعرفة نسب المواد في جسدي ، وما يحويه من سموم وأي خلل . كما أن علي أثقف نفسي ، وأن أقدر بنفسي البرنامج الذي أحتاجه ، فمهما ما وصل إليه الطبيب من معرفة ، فإن الطبيب الدقيق الذي يعرف ما يناسبني هو أنا .
أتألم الآن نعم ، ولكنني على يقين من أنني سأتشافى ذاتيا دون علاجات كيميائية ، اللهم إلا في حالة وصول الألم بي حدا لا يطاق ، فإني سأستعين به لأستعيد توازني فقط .
مرحلة هامة من حياتي أن أركز على لحظات استرخائية وروحانية مكثفة ، أريد أن أطفو على بحيرة باردة ، وأنا أتنفس بعمق ، أنصت إلى خرير الماء العذب وهو يتدفق من بين الأحجار ، كما تدغدغ سمعي شقشقة العصافير وتغريد الطيور . أشعر بالاسترخاء ، والكون من حولي هادئ ، ومنسجم مع إيقاعات نفسي المطمئن : زفير وشهيق بهدوء وسكينة مدهشة كالربيع !
أحلق بحبوري مع الفراشات الملونة ، يسكنني جمال الغسق ، وينفلق في صدري فجر نديّ يغرد بنسائمه اللطيفة .
آه.. كل ما حولي يتهادي في دورة الحياة بطمأنينة ، كل شيء حولي ساكب بسلام عذب ، أشعر بالهدوء وراحة البال . وبين بتلات وردة يانعة غضة ، وردية اللون ، غاب أنفي بين العبير والشذا المنعش.. يالله !
إنني في سلام الآن ، حملت الأفكار المزعجة بعيدا عن فكري وبالي ، وأودعتها فقاعة ذات بريق ملون ، نفختها برقة ، وها هي الآن تحلق بعيدا بما فيها ، لربما تنفجر فوق سطح البحر ؛ لتذوب فيه للأبد .
آه.. إنني أسمح لنفسي أن تتخلى عن مشاغلها ، واعتقاداتها الداكنة ، ومخاوفها ، وقلقها وتوترها ، في هذه اللحظات على الأقل ، أستحق هذا الانعتاق ، حتى لا أصل إلى لحظة الانفجار البركاني المرعب.
نعم..
إنني أستحق أن أتنهد بعمق الآن ، مهما كانت الأجواء مشحونة ومتوترة ، أسترخي الآن ، وأنسى العالم من حولي ، وأركز فقط على أنفاسي .
في لحظة ما ، وسط هجوم مشاكس يداهمنا في مضمار الحياة ، ويقلب حالتنا النفسية رأسا على عقب ، يحق لنا أن ننفصل عما حولنا تماما ، وأن نركز فقط على الإحساس بالسلام والاسترخاء ، نركز على نقطة في الجدار لا تعني شيئا ، أو نركز على كلمات متألقة تجلب الطمأنينة العميقة : لا إله إلا الله ، أستغفر الله ، الحمد لله ، الله أكبر ، لا حول ولا قوة إلا بالله ...
من حقنا ، في خضم المعركة ، أن نوصد الأبواب بإحكام ، لنختلي بأنفسنا من أجل أن ندخل حالة طفل وُلـِدَ للتو ، لا يعي من الحياة شيئا !
***