الأحد : 20 يناير 2008م
السلام عليكم..
الجو صحو ، والحشائش الغضة الصغيرة المتناثرة هنا وهناك أغرتني بالجلوس عليها ، أخذت شالي الصوفي وتلحفت به ، فيما هبـَّتْ نسمة خفيفة داعبت خصلات شعري فتبعثرت على جبهتي بعفوية جميلة .
رائعة هي رائحة الحشائش البرية اليانعة والتراب المبلول حين تتصاعد مع كل نفحة تمرّ ، رائعة هي مشاعري الآن حين تنداح على سفح الذكريات ، إنها ابتسامة .. حزن.. فرح.. براءة.. سعادة وغبطة.. دهشة.. موج من المشاعر يهبط ويعلو مع حركة الهواء الهامسة ، أحببت أن أكون بهذا الوضع ، ثم أحببت أن أكسر هذا الجو ، فنهضت فجأة بقفزة رشيقة.. هووووووب...
أطلقتُ ساقيّ للريح ِ ، وهرولت مع خيوط الشمس التي ملأت عيني بالأضواء حتى غمرني إحساس بالانتعاش !
لقد قفزت قفزة سريعة لأمارس الجري ، ولكنني أقف عاجزة أحيانا عندما يتحتم علي الاختيار من بين عدة خيارات ، عندما يتحتم علي أن أقرر المضي في طريق ما بدل الآخر كي تهدأ براكين ترددي .
هي حالة من فقدان الرؤية الواضحة ، اللحظات المستقبلية تبدو غامضة لست أدري ما أريد ؟ تتنازعني خيارات عديدة : هل أوافق أم لا ؟ هل أتقدم خطوة أو أبقى مكاني ؟ هل أتجه من هنا أو من هناك ؟
الخيارات واضحة ، ولكن النتائج التي تتبع خياراتنا غير مضمونة ، ثم إن تراكمات الماضي وتجاربه تربكنا أحيانا حتى نهاب الاختيار أيا كان .
هل أتبع قلبي أم عقلي ؟!
قصاصة تتطاير مع الهواء أمامي ، أسرعت نحوها فالتصقت بوجهي ، وحين أزحتها قرأت كلمات عانقت قلبي ، لا بل عانقت عقلي ، لا بل عانقت قناعاتي .. ما معنى قول الله تعالى " لهم قلوب لا يعقلون بها " ؟!
القلوب تعقل ؟!
وما معنى قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : " استفتِ قلبـَـك " ؟!
العقل يستعرض الخيارات أمامنا ، والقلب هو بوصلتنا للخيارات الأسلم .
ثار غبار خفيف من جهة الغرب ، وتبعثرت أفكاري هي الأخرى في غبارها ، كيف أصبح صاحبة قرار ؟ كيف أصبح صاحبة كلمة ثابتة لا تتزعزع ؟
قلبي صديقي .. لم لا يكون صديقي ؟ لم لا أثق به ؟ لم أشعر بأنه يخذلني أحيانا ؟ إنني مؤمنة الآن بأن عقلي ما هو إلا أداة يستخدمها قلبي ، وقلبي هو من يقرر !
قلبي الحبيب.. :icon26:
قررت من اليوم أن أتبعك ، وأن تكون دليلي في رحلة حياتي ، فكن لي خير مستشار وخير دليل .
همسة من روحي..
القلب هو الناطق الرسمي لي ، حين أكون بخير سيلهمك يا بدار قرارات جيدة وصائبة ، وحين أكون ذابلة سيشوشك أكثر ، ويملي عليك مشاعر متضاربة تتقاذفها أفكار ذهنك الممتلئ بتقيحات الماضي والتجارب السلبية .
أنا :
من لي الآن ؟ أيتها الروح كيف لي أن أجعل قلبي خير صديق ؟ وكيف لك أن تكوني على أفضل حال ؟
روحي :
سؤال في محله .. أكون بحال جيدة حين تمنحيني زادي كل يوم ، زادي الروحاني الذي يصفو قلبك معه ، وتنجلي معه الحقائق .
وقبل أن تسألي ما زادي لأخبرك به : إنه حسن التعلق بالله ، ويأتي حسن التعلق به من خلال معرفته حق المعرفة .
أنا ( بحيرة ) :
كيف أعرف الله ؟
روحي :
ستعرفين الجواب حين تبدئين الرحلة .
أنا :
سابدأ قريبا .. لا بل الآن ..
قفزت قفزتي السريعة ، لقد اتخذت قرارا حاسما ، سأشق طريقي لأعرف الله !