الأثنين : 22/10/2007 06:21 ص
أطل رأسي من النافذة ، فوجدت حمرة على خدود السماء ، لا بد وأن الشمس لم تزل راقدة وفي حالة استعداد للنهوض ، تركت فراشي بسرعة لأعانق أنسام الصباح وأنا أتأمل مشهد الشروق الحبيب .
ذهبت إلى السطح ، ومشيت حافية مشيا سريعا وأنا أردد : سبحان الله العظيم وبحمده ، أتأمل امتداد السماء الزرقاء ، وتلك الحمرة التي بدت تتوهج جهة الشرق وكأنها تعانق أشواق قلبي .
استمتعت في كوني أتحرك بسرعة ، وأشعر ببرودة الأرض في باطن قدمي ، وأشم أنفاس الفجر العبقة برائحة الزرع والندى ، آه كم ذلك مدهش !
دقائق ثم بدا قرص الشمس الذهبي ، صعدت على حاجز إسمنتي مرتفع بعض الشيء كي أتمتع بالنظر إلى الشمس عن كثب ، استرخيت على أضوائها المتوهجة ، لا بل انتعشت ، وأحسست أن الحياة في داخلي هي الأخرى تتفتح وتنتعش كالربيع ، أحسست أنني أبدأ من جديد ، أحسست أنني رائعة ، وأن لدي الكثير كي أتمتع به ، فهناك بصري ، وسمعي ، وشمي ، وإحساسي...إلخ .
أسراب من الطيور تحلق هنا وهناك ، تلاحقها نظراتي حتى تغيب في جوف السماء ، يا له من إحساس مدهش حين تتملكك الرغبة في التحليق مثلها !
كان لحظات ممتعة ، وأحببت أن أزيد من استمتاعي ، فرميت مشبك رأسي وجعلت شعري يتهادى بحرية مع الهواء ، ويلتمع تحت ضوء الشمس ، لم لا أدعه هو الآخر ليستمتع بحياته ؟!
ولحنجرتي رغبتها في الاستمتاع ؛ لذا أطلقت صوتي ليردد : أشرقت يا ماحلا نورها شمس الشموسة ، يللا بنا نفرح ونحلب لبن الجاموسة ! تبسمت ، وودت لو كان حولي أحبابي كي نرددها معا بصخب ، ولكن لا .. إنني أستمتع بلحظتي دون أماني !
عندما نمرن حواسنا على التمتع بطاقاتها ، يصبح لدينا معين لا ينضب من فرص الاستمتاع واستجلاب مشاعر الحبور والبهجة ، فكم هي مليئة حياتنا بالمهام والمشاغل والهموم والالتزامات ، وامتدادها على طول اليوم مرهق جدا ، فمن الأحرى أن نرخي حبلها قليلا ، ولو للحظات ، كي نستعيد إحساسنا بروائع الكون والوجود من حولنا .
نعم..
لقد استمتعت بلحظتي ، وها هي لحظات أخرى بانتظاري كي أنجز فيها الكثير تجاه نفسي وأهلي ودراستي وعملي وأهدافي.. قائمة طويلة غير منتهية ، إلا أن المتع هي الأخرى غير منتهية ، ومتاحة لنا في كل وقت والحمد لله !
لا يمكن أن تكون لحظات الاستمتاع والتأمل والاسترخاء مضيعة للوقت ، إنها المنشط الذي يعيد الشباب والحيوية إلى همتنا .
استشعري متعة كل لحظة : شعار طبعته على واجهة جهازي النقال ؛ كي أتذكر دوما وفي كل لحظة ، أن لدي مخزونا عظيما من وسائل الاستمتاع : بصري ، وسمعي ، وشمي ، وتذوقي ، وملامستي ، وإحساسي... هناك منافذ عديدة كي أجد البهجة ، وكي أجد الطريق إلى أرض امتناني وشكري لله سبحانه الذي منَّ علينا بهذه النعم .
" وقليل من عبادي الشكور ".