دعني أُعينك ببعض الملاحظات التي قد تستفيدي منها بعض الشيء.
أولاً: هل نفسك في الرسالة, أو لا؟
لاحظي أن رسالة الدكتور صلاح الراشد التي اكتشفها كانت كالتالي:
إسعاد الآخرين والتأثير فيهم - و الكلام للدكتور صلاح الراشد - رسالتي لم تكن تحتوي على نفسي, من هنا أدركتُ كيف أني كنت أعمل الليل والنهار من أجل إسعاد الآخرين والتأثير فيهم.
لقد استلمتُ لجنة خيرية آنذاك , وكانت ميزانيتها خمسة عشر ألف دينار, كان المفروض من هذه اللجنة أن تعرِّف بالإسلام لغير المسلمين, وكانت أعداد غير المسلمين في الكويت تُقارب ثُلث مليون, تصور وأنا وعامل, ومساعد لي, هو صديقي الفاضل وائل عبد الرحمن صدقة, المساعد في إعداد هذه المادة, بدأنا في تنفيذ هذه الفكرة.
في غضون أربعة سنوات, أصبحت اللجنة قوية جدًا على مستوى الخليج, ومعروفة على مستوى العالم, وأدخلت بفضل الله أكثر من عشرة آلاف شخص في الإسلام, وتركتها وميزانيتها تعادل مليون دولار.
إنها رسالة, ونِعمت الرسالة, لكني في ذلك الوقت خسرت أهلي وأولادي وصحتي, كانت مشاكلي الأسرية كثيرة, ووضعي المالي متواضع, وكنتُ أراجع عيادة القلب للفحوصات, وزاد وزني, ولازمني القلق والتوتر.
رسالتي لم تحتو نفسي, لذلك أضفتُ لها: إسعاد نفسي والآخرين, والتأثير فيهم.
بمجرد أن فعلتُ ذلك, ووضعت الخُطط المُعينة لذلك, تحسنت نفسيتي, وأصبحت صحتي في حالة ممتازة, وصرت ـ والحمد لله ـ أتدرب رياضيا , ما لا يقل عن ساعة إلى ساعتين, ثلاث مرات في الأسبوع, وأعطي نفسي من الاسترخاء ما لا يقل عن ثلاث ساعات أسبوعيًا, وأصبحت سعيدًا أسريًا.
فإذا لاحظتي نفسك غائبه عن الرسالة, فأنصحك أن تضيفيها إلى رسالتك, الذي لا يُعطي نفسه سوف لن يستمر, سوف يصل إلى مرحلة تُتعبه, هو كقائد السيارة الذي يقول: لا وقت لدي لتغيير الزيت, أو ملئها بالبنزين, ما الذي سيحصل؟ ستقف السيارة.
إذًا, هذه الملاحظة الأولى: تأكدي من وجود نفسك.
الملاحظة الثانية: لا تنسَي الآخرين. هناك من سيجد في رسالته, أن رسالته احتوت نفسه, لكن لم تحتو الآخرين. مثل: أكون واثقًا في تحقيق نجاحي, أو أن أبلغ قمة النجاحات في علم الهندسة, هذه الرسالة, وتلك, خالية من الآخرين.
رسالتك ينبغي أن تحتوي على الآخرين, يمكن أن تكون في الأولى: أن أكون واثقًا, وأن أحقق مع الآخرين نجاحات. وفي الثانية: أن أساعد في تحقيق النجاحات في علم الهندسة بما يخدم السلك الهندسي والبشرية.
لاحظ أن رسالتي احتوت إسعاد نفسي والآخرين.
لمَّا كانت رسالة الدكتور نجيب الرفاعي: العلم, كان في ضمنها التعلم النفسي, والتعليم لغيره, هذا التوازن بين نفسك والآخرين, وفي الحديث: 'إن لنفسك عليك حقًا'.
ورسالة الأنبياء من أعظم الرسالات, وهي تبليغ الدعوة للآخرين {وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [يـس:17], أي رسالتك في البلاغ المبين, لكن {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] كما في سورة القتال. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108] إذًا, ضمّن الآخرين في الرسالة, فأنت ضمِّن الآخرين مع نفسك في الرسالة.
في المثال السابق : الرسالة كانت أن اسعد نفسي و اريحها .. لم تحتوي الآخرين .. بعد التعديل اصبحت أن ادخل السعادة و الراحة على نفسي و الآخرين
الملاحظة الثالثة : تفحصي الغايات الأخرى الموجودة في التمرين الذي فعلتيه .. هل هناك مطلوب ان تضيفيه في رسالتك منها ؟ حتى لو انها جاءت مرة واحدة
على سبيل المثال .. رسالة الاستاذ الراشد كانت إسعاد الآخرين والتأثير فيهم .. قد اضاف و تنوير مجالات حياتهم المختلفة .. ليس فقط اسعادهم فالسعادة ليست كل شي
و قد بدا فعلا بتنوير حياة الآخرين بهذه الرسالة .. و نحن منهم ان شاء الله
ملاحظة أخيرة: وهي أننا كمسلمين, غايتنا الكبرى, رضا الله سبحانه وتعالى عنَّا, فبإمكانك أن تضيفي في بداية رسالتك: إرضاء الله تعالى
فرسالتي, مثلاً, أصبحت إرضاء الله بإسعاد نفسي والآخرين, وتنوير مجالات حياتهم المختلفة.
و الرسالة في المثال السابق هي نيل الرضا من الله بادخال السرور على نفسي و الآخرين .
هذه الاضافة مهمة هناك كثيرون, أعمالهم في خطر.
وقديمًا قال أحدُ العارفين: الناسُ في هلكة إلا العالمين, والعالمون في هلكة إلا العاملين, والعاملون في هلكة إلا المخلصين, والمخلصون على خطرٍ عظيم.
والسبب: تلك النية الخفية, ومن هنا تدركي أن الإسلام أعطى للنية وضعًا خاصًا.
علَّق أبو داود السجستاني ـ رحمه الله ـ صاحب 'السنن' على حديث عمر 'إنما الأعمال بالنيات', قائلاً: النية ثلث الدين.