فكل ما ذكَرته أخي السائل عن ابنك يعد من خصائص المراهقة، وطبيعة مرحلتها، وقد تزيد أعراضها بصورة مزعجة؛ لأنه لم يجد الاحتواء والثقة أو الصبر عليه.
ومرحلة المراهقة ذكروا أنها تبدأ من سن العاشرة فما فوق حتى سن الحادية والعشرين، وتتميز بتقلب المزاج والقلق والاكتئاب، والخروج عن الطوق، وكثرة الاعتراض مع الانطواء والعزلة، مع عدم تقبُّل النصيحة، والاستجابة لأوامر والديه، مع ميل للآخرين والتأثر بالأصدقاء وأطروحاتهم، والتخلق بسلوكياتهم وأفكارهم، حتى لو لم يكن مقتنعًا بها.
في هذه المرحلة تظهر من المراهق والمراهقة رُوح التحدي لوالديه ولأقرب الناس إليه في عدة أساليب؛ منها: الخروج بلا إذن، السهر، النوم عن الصلاة، ومخالفة المعهود في نمط الملابس وتسريحات الشعر الغربية الغريبة؛ مما سبَّب حالةَ استفزازٍ لوالديه؛ ذلك أن علماء النفس يرَون حالة التمرد من سمات المراهقة، مع إحساس بالاستقلالية والشعور بأنه أصبح كبيرًا، ولا يحتاج إلى أحدٍ.
وعليه، فمشكلة ابنك في هذه الفترة متوقعة؛ لِما يعتري عمر المراهقة من تغيرات، وما يمكنك عمله بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه والصبر هو:
• الاحتواء، بأن تكون صديقًا له، فتتقرب إليه قدر المستطاع، وتتحدث معه وتتقبَّل تصرفاته وأخطاءه دون انتقاد أو تجريح أو تهديد بوقف مصروف أو غيره، مع التغافل والإغضاء.
• أوقِف الجدلَ معه والحِدَّة في هذا العمر، واعتمد التقارب والتفاهم والتوجيه غير المباشر.
• استخدم التأثير الخارجي (كالأعمام، والأقارب، الأصدقاء الإيجابيين) من الدائرة القريبة في تعزيز إيجابياته.
• مزاحمة السلبيات وسد الفراغات بما هو مفيد ونافع؛ مثلًا: دورات مهارية، نوادٍ لياقية آمنة، نزهة تسوق ... إلخ.
• في المناسبات لا مانع من هدية مفاجئة يرغب فيها.
• أظن أن عندك ضعفًا في التواصل والتفاعل العاطفي والشعوري معه؛ لذا أعْطه الأمان حتى يثق بك، وأخبِره عن بعض أسرارك ومعاناتك، حدِّثه عن نفسك وتاريخك، وهكذا ستكون قريبًا منه، وسيستمع لك ولنصائحك.
• إذا أخبرك عن أي شيء عن حياته، فاكتُم سرَّه مهما كان، احترم أفكاره وتقبَّلها، ولا تستخف به، بل شجِّعه وامدحه، أخبِره كم تعتز به وكم أنت فخور به ابنًا ورجلًا تعوِّل عليه بعد الله تعالى.
• ما يتعلق برفع صوته على أمه هو أمرٌ سلبي ودلالة على التفريغ الداخلي؛ كونها أقرب إليه، وتتحمل أخطاءه، وهذا أمر سيزول مع الاحتواء والاقتراب منه ومرور الوقت.
• إذا كان الابن يدخن، فلا تحاول أن تُشعره بشيء، أو تسعى لأن تقابله بالجرم المشهود، بل إذا وقع مثل ذلك، فحافظ على الهيبة التي بين الأب والابن؛ لأنه لو انكسرت، فتحت بابًا للاستمرار والجرأة ليدخن ويجاهر بالمعصية أمام والديه وإخوته، وهذه مشكلة، ثم إذا علِم أنك علِمت وكتَمت، كانت نقطة إيجابية وإضاءة لديه في تقديرك واحترامك والقرب منك أكثر، ومما سيؤدي به إلى ترك التدخين بمشيئة الله.