أخواتي ليس الرجل فقط بل حتى الأنثى ينطبق عليها صفات موجودة في الحيوانات
قوله تعالى : ( و َمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَ لاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)
قال سفيان ابن عيينة أي ما من صنف من الدواب و الطير إلا في الناس شبه منه فمنهم من يعدوا كالأسد و منهم من يشره كالخنزير و منهم من يعوي كالكلب و منهم من يزهوا كالطاووس فهذا معنى المماثلة .
و قال الإمام ابن القيم "و قال الخطابي ما أحسن ما تأول سفيان ـ يعني ابن عيينة ـ هذه الآية و استنبط منها هذه الحكمة و ذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعا لظاهره وجب المصير إلى باطنه و قد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان و بين كل طائر و دابة و ذلك ممتنع من جهة الخلقة و الصورة و عدم من جهة النطق و المعرفة فوجب أن يكون منصرفا إلى المماثلة في الطباع و الأخلاق . ثم علق ابن القيم قائلا و الله سبحان قد جعل بعض الدواب كسوبا محتالا و بعضها متوكلا غير محتال و بعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته و بعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقا مضمونا و أمر مقطوعا و بعضها لا يعرف ولده البتة و بعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه و بعضها تضيع ولدها و تكفل ولد غيرها و بعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها و بعضها يدخر و بعضها لا تكسب له و بعض الذكور يعول ولده و بعضها لا تزال تعرفه و تعطف عليه .و جعل بعض الحيوانات يتمها من قبل أمهاتها و بعضها يتمها من قبل آبائها و بعضها لا يلتمس الولد و بعضها يستفرغ الهم في طلبه و بعضها يعرف الإحسان و يشكره و بعضها ليس ذلك عنده شيئا و بعضها يؤثر على نفسه و بعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحدا يدنوا منه و بعضها يألف بني آدم و يأنس بهم و بعضها يستوحش منهم و ينفر غاية النفار منه و بعضها لا يأكل إلا الطيب و بعضها لا يأكل ألا الخبائث و بعضها يجمع بين الأمرين و بعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها و بعضها يؤذي من لا يؤذيها و بعضهم حقود لا ينس الإساءة و بعضها لا يذكرها البتة و بعضها لا يغضب و بعضها يشتد غضبه فلا يزال يسترضى حتى يرضى و بعضها عنده علم و معرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس و بعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة و بعضها يستقبح القبيح و ينفر منه و بعضها الحسن و القبيح سواء عنده و بعضها يقبل التعليم بسرعة و بعضها مع الطول و بعضها لا يقبل ذلك بحال " أ.ه كلام ابن القيم .[3]
قال تعالى ( وَ مَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَ لاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون )[4] .
و قال أيضا في الجواب الكافي حيث أورد كلام سفيان ابن عيينة في الآية " قال منهم من يكون على أخلاق السباع العادية و منهم من يكون على أخلاق الكلاب و أخلاق الخنازير و أخلاق الحمير و منهم من يتطوس في ثيابه لحما كتطوس الطاوس في ريشه و منهم من يكون بليدا كالحمار و منهم من يؤثر على نفسه كالديك و منهم يألف و يؤلف كالحمام و منهم الحقود كالجمل و منهم الذي خير كله كالغنم و منهم أشبه الذئاب و منهم أشباه الثعالب التي يروغ كروغانها .و قد شبه الله أهل الجهل و الغي بالحمر تارة و بالكلب تارة و بالأنعام تارة و تقوى هذه المشابهة باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا يراه المتفرسون و يظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد و لا يزال يقوى حتى تعلوا الصورة فتنقلب له الصورة بإذن الله و هو المسخ التام. فيقلب الله الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان كما فعل باليهود وأ شباههم و يفعل بقوم من هذه الأمة و يمسخهم قردة و خنازير " أ.ه