ولد حمزة بن عبد المطلب في العام الذي ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم .. عام الفيل .. وتربيا معا ورضعا معا ولعبا معا....
كان حمزة عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكنه كان أخوه في الرضاعة . وكان من أعز فتيان قريش وأقواهم ارادة وأرجحهم عقلا ..
كان حمزة يحب حياة الانطلاق.. يركب حصانه وينطلق معه الى الصحاري والقفار .. يجوبها ويصطاد حيواناتها ، ويعود الى مكة يجالس رجالها ويستمع الى قصصها وأخبارها .. وكان حديث محمد ودينة الجديد قد بدأ في مكة، ينادي بعباده الله وترك عبادة الاصنام التي كانت تملا الكعبة المشرفة وبيوت العرب .
واهتز أهل مكة بحديث محمد ورسالتة الجديدة. فهل يعقل أن يترك القوم دين ابائهم وأجدادهم؟... وماذا يريد محمد هذا؟ أيريد أن يكون زعيما على قريش والعرب ؟ أم يريد المال والجاه؟.. هل يكذب؟ هل هو مجنون ؟ أم هو ساحر ؟ ماذا يريد بهذا الدين الجديد يا ترى؟!
وبدأت دعوة محمد سرا.. ولكن زعماء الكفر منة قريش قاوا بمحاربتها علنا وبشراسة. ويقود أهل الكفر أبو جهل: عمرو بن هشام، وأبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.. ويعرف حمزة الامر فيستغرق من الطرفين معا.. يستغرب من ابن أخية محمد وقد عرفه منذ صغره صادقا أمينا لا يكذب.. ومن سادة قريش وأبي لهب كيف يحاربون محمدا ويؤذونه؟
ويعود حمزة ذات يوم الى مكة من رحلة صيد في الصحراء ، فتلقاه خادمته وتحدثه عما أصاب محمد في ذلك اليوم من ابي جهل وابي لهب من سب وايذاء وشتم .. فتثور ثائرته وينطلق الى الكعبة ويضرب أبا جهل بقوسه فيشج رأسه ويقول:" أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول؟.. الا فرد علي ذلك ان استطعت.."
كان حمزة رجلا قويا مرهوب الجانب فمن الذي سيرد عليه؟؟..
لم تكن المشكلة في رأس أبي جهل ولا الدماء النازلة عليه.. كانت المشكلة الكبرى هي فيما سمعة القوم من فم حمزة نفسه . فهل يسلم حمزة ،ويترك دين ابائه واجداده ويتبع دين محمد الجديد؟! هل يسلم أعز فتيان قريش، هكذا وبكل بساطة؟.
ولكن المشكلة في صدر حمزة نفسه كانت أكبر .. لقد عاد الى بيته يفكر بما قال.. فهل حقا أنه تبع دين محمد؟ أم انها كانت لحظة غضب وانفعال؟!
وركب حمزة حصانه وانطلق الى الصحراء يجوبها وينظر الى سمائها ورملها وفضائها، وهو يفكر في أمر نفسه وأمر هذا الدين الجديد كان يفكر بالله الواحد الاحد، ثم يفكر بالاصنام في الكعبة يفكر بالدين الجديد ويقارنه بدين ابائه واجداده.. انه حتى هذه اللحظة لا يعرف الكثير مما يدعو اليه ابن أخيه, ولكنه لا يشك بصدقه ونزاهته وأمانته أبدا.. فهل هذا هو الطريق الحق؟؟ وهل خالق الكون هو اللع الواحد الاحد الملك الصمد؟؟.. كيف يعبر الشك الى اليقين؟! كيف يصل الى الحقيقة.
وظل حمزة أياما يحاور نفسه وأتى الكعبة وأخذ يرجو الله أن يشرح له صدره للحق ويذهب عنه الشك فلما دخل قلبه الايمان همز حصانه وانطلق به منشرح الصدر هادىْ النفس الى حيث محمد (ص) فأعلن بين يديه اسلامه، ونطلق بالشهادتين فدعا له الرسول أن يثبت الله قليه على دين الاسلام.
أعز الله الاسلام بحمزة بن عبد المطلب وكان درعا ووقاية لللرسول وللمستضعفين من المسلمين ولكنه لم يستطيع بالطبع أن يمنع كل أذى قريش عن المسلمين ، فهاجر مع الرسول والمسلمين الى المدينة المنورة حيث بنوا أول مسجد يرفع فيه اسم الله .
ومنذ أسلم حمزة أعطى كل بأسه وقوته وشجاعته لله ولدينه وكانت أول راية عقدها الرسول هي راية حمزة
وكانت أول سرية خرج بها المسلمون لملاقاة عدوهم هي السرية التي يقودها حمزة.
وفي يوم بدر ... لبس حمزة لباس الحرب وغرس ريشة النعام على صدره يتزين بها، وانطلق الى مياه بدر ... ووقف مع المسلمين على مياه ابار بدر وأذن الرسول لحمزة بن عبد المطلب وعلي بن ابي طالب وأبي عبيدة عامر بن الجراح بمنازلة ثلاثة من قادة جيش الكفار .... وانتصر الثلاثة في مبارزة نظراتهم . ثم قامت الحرب.
كان حمزة بن عبد المطلب يصول ويجول . في صفوف الاعداء حتى لقبه الرسول (أسد الله واسد رسوله...) وانتصر المسلمون وانهزم المشركون وعادوا يجرون أذيال الخيبة بعد أن خسروا الكثيرين من أكابرهم ، قتلى وأسرى...
وبعد عام كامل ، جمع المشركون جيشا كبيرا لمحاربة المسلمين ، وكان همهم الاكبر الوصول الى رجلين اثنين : رسول الله وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه...
وأوكل المشركون أمر حمزة لعبد اسمه "وحشي" عرف عنة الدقة والمهارة في قذف الحربة... ووعدوه ان قتل حمزة أن ينال حريتة فورا ... القلائد والمجوهرات والذهب ان هو قتل حمزة ...
وجاءت غزوة أحد ولبس حمزة لباس الحرب، وزين صدره بريشة التعام ، وراح يصول ويجول في صفوف المشركين... وقارب النصر المسلمين وأخذ المشركون ينسجون من أرض المعركة.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد وضع خمسين من امهر الرماة على ظهر جبل أحد... وطلب منهم البقاء على الجبل لحماية ظهور المسلمين.
ولما رأى الرماة المعركة وقد انتهت لصالح المسلمين قرروا النزول عن الجبل واللحاق بهم وامتنع بعض الرجال عن النزول ، التزاما بأوامر الرسول . ولكن الغالبية ظنوا أن المعركة انتهت فتركوا مواقعهم... ورأى خالد بن الوليد ولم يكن قد اسلم بعد رأى الجبل وقد خلا من محاربيه، فالتف بجنوده وانقض على المسلمين من خلفهم...
وراح المسلمون يجمعون أنفسهم ويحملون أسلحتهم. وكان بعضهم قد القاها لاعتقاده أن الحرب انتهت . وكان موقفا صعبا جدا.
كان هم المشركين الوصول الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقتلة.. والتف من حول المسلمون يدافعون عنه ورأى حمزة الامر فزاد من قوتة ونشاطة.. ولكن "وحشي" كان يراقبة لا يرفع عنة عيتيه. ودقق وحشي النظر، وهز حربتة هزا حتى رضي عنها فرماها في صدر حمزة!!!
وظن المشركون ان محمدا قد مات ، فقد وقع في حفرة والماء تملا وجهه الكريم وبدأ المشركون بالانسحاب ولكن هندا بنت عتبه لاحقت وحشي ووعدته بالقلائد والذهب ان هو أحضر كبد حمزة لتشفي غليلها منه ... فنفذه وعده ، وانطلق الى حال سبيله!!!.
وكانت نتيجه المعركة قاسية على المسلمين .. ومشى الرسول صلى الله عليه وسلم يتفقد القتلى والجرحى. فاذا به أمام جثمان حمزة.. عمه وصديقة واخية في الرضاعة وحبيبة ... واغرورقت عيناة بالدموع وقال:
" لن أصاب بمثاك ابدا... وما وقفت موقفا قط أغيظ الي من موقفي هذا"...
ونادى المنادي على المسلمين ليصلوا على الشهداء في أرض المعركة ... وجيء بحمزة فصلى علية الرسول والمسلمون ... ثم جيء بشهيد اخر فوضع قرب حمزة وصلى الرسول والمسلمون عليهما، ثم رفع الشهيد وترك حمزة مكانة ثم جيء بشهيد ثالث ووضع قرب حمزة وصلى الرسول والمسلمون عليهما ثم رفع وهكذا ... جيء بالشهداء اثر شهيد وحمزة مكانة، حتى صلى الرسول والمسلمون على حمزة سبعين صلاة ...
الديك الذكيخرج الثعلب من مغارته يبحث عن الطعام ..
وعندما اقترب من طرف الغابة سمع صوت الديك.. وقف الثعلب وأصغى .. ثم تقدم نحو جهة الصوت فرأى ديكاً واقفاً فوق سياج البستان.
فرح الثعلب وقال لنفسه: إنه صيد طيب!..
لكن كيف أجعله ينزل؟.
اقترب الثعلب وحيا الديك: صباح الخير يا صديقي..كيف حالك؟
قال الديك : إنني بخير، ماذا تريد مني؟
قال الثعلب: أريد أن تشاركني في زراعة هذه الأرض، وسوف تحصل على حبوب كثيرة وثمار ..
رد الديك : إنه عمل مفيد حقاً!
قال الثعلب: حسن ..انزل حتى نوقع اتفاقاًّ
ابتسم الديك وقال: إذهب إلى كاتبي( بوبو) في ذلك الكوخ فهو وكيلي ..
توجه الثعلب نحو الكوخ وهو يحدث نفسه:
من هو ( بوبو)؟ لعله ديك أخر؟!
اقترب من الكوخ وهو يمشي على أطراف أصابعه. وعندما نظر من ثقب في الجدار وجد كلباً كبيراً
صاح: أه ! أهذا هو ( بوبو) ؟! لقد سخر الديك مني مرة أخرى..
تراجع الثعلب خائفاً، ثم هرب إلى الغابة وضحكات الديك تلاحقه.
وصل الخنزير الضخم الى الغابة ، كان يعيش في مكان يطل على هذه الغابة... وكان ينظر الى السماء فيراها أكثر زرقة، والى الارض اكثر خضرة، والى الماء فيراه عذبا زلالا كل شيء في هذه الغابة أروع ... الاكل وفير والنوم مريح والطقس بديع...
وصل الخنزير الضخم واستقيلة أهل الغابه بفتور عادي،
فلا الدب امتعض، ولا الحصان صهل ، ولا الثور رفس، ولا الطيور هاجت، ولا الدجاجات ماجت، حتى الحمار ظل ساكتا يراقب ولا يفكر. ولكن الاسد أرسل في طلبه حالا، وسألة عن سبب مجيئه، وعن ولائه، فأجاب الخنزير أنة يود العيش في هذه الغابه . لما سمعه عن عدل مليكها ، وأمن أرضها ، وأنه لا يدين بالولاء الا للاسد العظيم ، وها هو الدليل ... وقدم الدليل على للاسد بأن أهداه مجموعة كلاب ضخمة!!
وابتدأت الخنازير الأخرى ترد الغابة تباعا لعلة أرسل في طلبها واحدة بعد الأخرى ، كانت الخنازير من طرف خفي لا يحس بها أحد ، ثم تتوزع في أطراف الغابة تيتكين تحت شجرة أو قرب صخرة أو تنام طول النهار في مغادرة خفية ولا تخرج الا في الليل الاظلم.
وفي يوم من الايام استيقظت الحمامات مبكرة ، وأخذت تطير في سماء الغابة ... كانت تطير أفواجا وتدور لتعود الى مكان انطلاقها ، ثم تعود لتطير وتدور .. وفجأة وقع نظر احدى الحمامات على منظر غريب عجيب لم تره من قبل ... رأت الخنازير وقد اجتمعت في مكان واحد وقد بدا عليها الجد والاهتمام !!
كانت الخنازير مجتمعة لامر هام... فقد تصل اليوم أو الغد دفعة جديدة من الخازير ، وعليهم ان يدبروا أمر مسكنها ومأكلها دون أن يحس بها أحد.
عادت الحمامات الى أوكارها، ولكن تلك الحمامة لم تستطع النوم ولا الهدوء... فلقد أقلقها منظر الخنازير، فعادت بهدوء وعلى انفراد تستطلع الخبر ...
وقفت الحمامة على الشجرة وأخذت تراقب ما يجري، ولما رأت عشرات الخنازير ترد من ذلك المكان وتختبىء في الاماكن المعدة لها، انطلقت مسرعة الى الحصان، وأخبرتة بالامر الخطير... ودون تردد أنطلق الاثنان يطلبان اجتماع الحيوانات مع الملك...
في عرين الاسد عقدت الحيوانات اجتماعا سريعا مع الملك... وكانت الحمامة على رأس المجتمعين.
قال الحصان: سيضيق علينا المكان... قال الحمار: سيقل علينا الاكل... قال الدب: سيضايقون اولادي... قالت الحمامة... الماء لن يكفي... الخنازير تتزايد... ستقوى علينا ولكن الاسد أنهى الاجتماع بشكل حاسم وفوري وقال: لا تهتموا... لا تخافوا... سأحل المشكلة حالا... وفكر قليلا ثم قال بصوت عال وقوي: اعقدوا لي اجتماها منفردا مع الخنزير... لأفهم الامر... ولن يعصي الخنزير لي أمرا...
ركض الحمار... وطار النسر عاليا ليخبر الخنزير عن موعد الاجتماع ومكانة. جلس الاسد في مكانة ، ودخل الخنزير وضربت الحراسة على المنطقة بأسرها ... فلا أحد يقترب ولا أحد يستمع ، انقضت ساعة وساعتان ، والحصان والدب والنسر وحتى الحمار واقفون بالباب ينتظرون نتيجة الاجتماع !!
وبعد مدة خرخ الاسد ليعلن عن اتفاقية مع الخنزير ، قال: لقد تفهمت المشكلة كلها ... وطلبت من الخنزير ألا يضايقكم أبدا ... ومنعا للازعاج سأفرد له قطعة من الارض يرتع فيها فلا يضايقكم ولا تضايقونه ... وقد طلبت منه أيضا أن لا يحضر مزيدا من الخنازير بعد اليوم أيدا ، وقد اتفقنا على ذلك ...وعلا صوت الحيوانات بالرضى والحبور ... فصفقت الحمامات بأجنحتها ... وصهل الحصان صهيلا عاليا ... ونهق الحمار فتردد نهيقة في أرجاؤ الغابة ... وضرب الدب الارض بقدمية فرحا بموقف ملك الغابة وعظيمها ...
ولكن الاسد أشار الى الحيوانات بالسكوت وقال : ولكننا اتفقنا على موضوع بسيط أخر ، وهو ريش الحمامة!! ونظر الاسد الى الحمامة نظرة أرعدت فرائصها ، وأهتزلها ريشها ، وألتفتت فرأت الخنزير ينظر اليها هو الاخر نظرة أزعجتها ، بل أخافتها ... فطارت من مكانها ثم عادت فحطت ، وهي تقول في تفسها ... وماذا في ريشي حتى يدخل محضر أجتماع الاسد والخنزير ؟ ما لهم وريشتي ... ماذا سيفعلون به يا ترى ؟؟..
قال الاسد مستطردا : نعم ، ريش الحمامة ، يضايقنا نحن معشر سكان الغابة .. تطير به عاليا في الصباح الباكر ، فتزعجنا في منامنا وصحورنا وتكشف أسرارنا ... وقد أرتأينا لمصلحتكم جميعا ... سكان الغابة أن ننتف ريشها .. وازدادات دقات قلب الحمامة عنفا واضطرابا .. كيف ينتف ربشها ؟ ماذا فعات به ؟ من أزعجت به ؟؟ ولمصلحة من من سكان الغابة ينتف ؟؟ ونظرت الى باقي الحيوانات نظرت الى الحمامات رفيقاتها ، نظرت الى الحصان والنسر والدب والحمار .. كانت كأنها تطلب منهم النجدة والعون . وألتفت نظرات الحيوانات المندهشة المستغربة ، كيف يرضون بنتف ريشها ..؟ كيف يهون عليهم ذلك ؟ وهل يصدق أحد أنه لمصلحة سكان الغابة حقا يقوم الاسد بتطبيق هذا القرار الجائر ؟ ماذا قال الخنزير ليقنع عظيم الغابة بالحكم على الحمامة المسكينة ؟..
صهل الحصان وحاول أن يتكلم ، أن يعترض ، ولكن الاسد أشار بيدة معلنا انتهاء الاجتماع ، وفض الجلسة ، مشيرا الى حراسة الكلاب لتنفيذ القرار !!
وبعيدا عن عرين الاسد اجتمع الحصان مع رفاقة للتشاور ، قال الحصان : لا نلرضى ... لا نقبل ... كيف نقبل ؟... كيف نرضى ان تخسر الحمامة ريشها ؟... ولمصلحة من ؟... وهل هو جزاؤها للأنها نبهتنا للخطر ؟... لا بد أن نرفض ... وبهدوء وروية كان الحمار يفكر ... وكانت أذناة ترتفعان وتنخفضان وهو يفكر ... ثم حكرأسة وقال : ولكن يا صديقي ، ألا ترى أنة في سبيل الجماعة يضحي الفرد ؟... اذا ضحت الحمامة بريشها اليوم ضمنا المستقبل .. فلا خنازير جديدة ترد أرضنا ، ولا نقص في الطعام ولا في الشراب ... ألا ترى القيود التي فرضت على الخنازير بسببها ؟... نعم التضحية واجبة .. وعلى الحمامة أن تضحي في سبيل سعادة الجميع .
قال الدب : هذا قرار جائر ظالم فرضه الاسد ... وأنا لا أاوافق عليه . وبينما كانت الحيوانات تتكلم ، كان الكلب يختزن في عقلة ما يقال ... وهنا قال في سره ما هذا الكلام أيها الدب العزيز ؟! الاسد ظالم وقراره جائر !
واستطرد الدب قائلا : وكيف ستدبر الحمامة طعامها وشرابها ، وتربية أطفالها ؟... قال الحمار بسرعة :
نحن نحضر لهم الاكل ، وبعد قليل ينمو الصغار وينمو ريشهم . انها التضحية يا عزيزتي ... التضحية ألا تفهمها لم تصل الحيوانات الى قرار يجمع عليه الجميع ، وأنقص الاجتماع وقام الكلب من فوره وأطبق على الحمامة ينتزع ريشها الجميل ... ومع حسرات الحصان ورفض الدب وسرور الحمار ، ىنزلت دموع الحمامة ساخنة حارة على وجهها حزنا على ريشها الضائع ... ومضت الايام ونسي الجميع مشكلة الحمامة : كان الدب أكثر الحيوانات وفاء لها ... فكان يحضر لها الطعام والشراب ، ويسرد عليها قصص الغابة ، وكانت أجمل القصص وأمتعتها قصة الحمار . فقد كان الحمار في مكان اخر ... مكان لم يعهده من قبل ... ولم يحلم به من قبل ... مكان رفيع المستوى أنساة أمر الحمامة والخنزير ، وأمر بياناتة الحماسية السابقة بالوقوف مع الحمامة في محنتها ... لقد كان الحمار في ضيافة الاسد ... يستمتع بالشمس والهواء ، ويتفعفل بالتراب وقتما يشاء ... الاكل وفير ، والماء نمير ... والكلاب تحيية صباح مساء ...
فلقد أنعم الاسد عليه بقلب "الحمار المفكر "!...
وفي يوم من الايام وبينما الدب يتجول في الغابة ، اذ به يرى أمرا غريبا رأى كلابا صغيرا سوداء ذات أسنان حادة ، تتبع الخنزير أينما تحرك ... تنظر بأعينها الثاقبة يمينا ويسارا .. فزع الدب لما رأى ، وأوجس من الامر خيفة ، فركض الى اصدقائة يخبرهم ويستطلع رأيهم ، قال الدب : يا جماعة ... لم يعد الامر سهلا ، كان الخنزير واحدا فأصبح خنازير ، كان مسكينا فأصبح قويا ... يمشي وحوله الكلاب الضغيرة لحمايتة . وأنا أرى أن نبطش به وبكلابه اليوم ... وحالا ... نظر الدب الى مخالبة القوية .. ورفع يدية وقدمية في الهواء ، ثم كشر عن أنيابة واسنانه .. قال الحصان وهو يصهل صهيلا عاليا ، ويرفس التراب بقدمية الخلفيتين ، ثم يرفع أقدامة الامامية عاليا : نعم ... نبطش به اليوم ... ونظر الحمار الى اسنان الدب ومخالبه ، والى اقدام الحصان وحوافرة ، فأعجب بها أيما اعجاب ، ثم ثم نظر الى أجنحة النسر ، فسر بها وأخذ ينهق نهيقا عاليا وهو يرفس بأقدامه رفسات قوية عنيفة . ولكنة توقف فجأة وتسمر في مكانة ... وأخذت أذناة تتحركان في عصبية ثم حك رأسه وقال لقد فكرت ... وأنا الحمار المفكر ... فكرت يا أصدقائي أن قرارنا سليم وأن علينا فعلا ان نقضي على الخنزير ، ولكنني أرى وأقترح أن نذهب الى الاسد أولا نخبره بعزمنا وقرارنا ، فلعل عندة الرأي الافضل .
قال الكلب وقد سره كلام الحمار .. نعم الرأي رأيك يا صديقي ... نعم نذهب الى الاسد حالا ... وبين اعتراض الدب وامتعاض الحصان ، وتحت تأثير الحاح الحمار ، وأنطلق الجميع مع النسر الى عرين الاسد نظر الاسد مليا في وجوه الحضور ثم قال : أنا أحلها ... أرسلوا الى الخنزير ، وأخبروه أنني أريده في اجتماع هام وعلى الفور ....
وأنطلق النسر يخبر الخنزير بموعد الاجتماع ومكانة وفرضت الحراسة على المكان ، وانتضرت الحيوانات بباب العرين ، ساعة ثم أخرى ، ثم أخرى ... كان الاجتماع على انفرادا .. ولم يسمح لأحد بدخول العرين اللهم الا الكلب .. فوقف الجميع ينتظرون بفارغ الصبر . بعد مدة خرج الاسد وكبير الخنازير ... كان الارتياح باديا على وجهيهما ... حيا الاسد قطيع الحيوانات وقال : أبشروا أبناء هذه الغابة ، فلقد كان اجتماعي مثمرا ومفيدا لكم جميعا ... وها أنا أرعى مصالحكم وأحقن دماءكم جميعا ... لقد اتفقت مع كبير الخنازير على عدم العرض لكم اطلاقا ... وسيمنع كلابه الصغيرة هذه من التجول بينكم ، ولن تروها بعد اليوم أبدا ، فهي فقط لحماية نسائة وأطفاله ... انه ضعيف ، أحس بقوتكم فأراد الدفاع عن نفسة ... أنتم تخيفونة وترعبونه ! ونظر الاسد الى الدب نظرة قوية عميقة ... ونظر الى أسنانه ومخالبه وقال : أنتم على حق بالتخوف من كلابه ، وهو سيحصرها في مكانها قرب بيتة وأطفاله ، ولكنكم أنتم السبب في ذلك ، أنتم الذين أخفتموه ...
وقبل أن ينهي حديثة قامت عاصفة من التصفيق والهتاف بحياتة ، فأشار اليهم الاسد بالسكوت وأكمل حديثة أنياب الدب هذه مثلا .. مخالبه .. انها سبب تخوف الخنزير، انها مصدر ذعره ، بسببها أحضر كلابه لحماية نفسه وأطفاله ، ولذلك فأنا أرى ، وحتى أعيد الامن والاستقرار لأرجاء الغابة ، لا بد أن أنتزع أنياب الدب ومخالبة ..وران الصمت والذعر على الجميع ، وألجمت الصدمة ألسنتهم ، كان قرارا مفاجئا لم يتخيله أحد من قبل .. كان طعنة في الصميم ... وفي لحظات كان الدب يهوج ويموج ، يدور حول نفسه مرات ومرات ... ثم كشر عن أنيابة وقال : ما دخل أنيابي ومخالبي في مفاوضات الاسد والخنزير ؟.. ما دخل أنيابي ومخالبي بمخاوف الخنزير وأطفاله ؟... لم أكن يوما مصدر عدم استقرار في الغابة . فكيف يكون علاج هذا الامن والاستقرار بخلع أنيابي ومخالبي ؟...
أما الاسد يرد سماع أقوال الدب ، فدخل عرينة وأشار الى الكلاب لتنفيذ الامر ... وعلا صوت الدب ورفس الالرض بأقدامه ، واقترب من الحصان يطلب منه الرأي ... قال الحصان وقد وقف يحمي الدب بجسده : أؤيد الدب كل التأييد ... وأقف معه بلا تردد ، لا أرضى بخلع أنيابة أو مخالبة ، لا أقبل بذلك ابدا ... وضرب الارض بحوافره وصهل صهيلا عاليا ... كان الحمار طول الوقت مطرقا مفكرا ، كانت أذناه تتحركان بعصبية كبيرة ، تهبطان وترتفعان وهو يفكر ويفكر ثم قال : يا أخوة ... يا أصدقاء ... شعارنا في الغابه الواحدة والترابط ويجب على كل منا أن يقدم مصلحة الكل على مصلحتة الشخصية . وأنا أرى أن الاسد محق في كلامه من ناحية واحدة فقط . سكت قليلا وأخذ ينظر يمنة ويسرة ليرى تأثير كلامه على الجميع ، ثم أكمل وهو مضطرب خائف :
نعم هو محق في أننا أقوى من الخنازير ... فنحن حقا أقوى منها ... نحن نخيفها بعددنا وقوتنا وتماسكنا ثم ... ألم تتهجم علية أيها الدب لقتلة هو وكلابة ؟ وما كاد الحمار ينهي هذا الكلام ، حتى ثارت ثائرة الدب ، وهجم علية وعلى أذنية اللتين كانتا تتحركان بعصبية ، يريد أن يقضمهما ، وأعمل أظافرة في رأسة .
وثار الحمار ورفس الارض بأقدامة ، فأثار الرمل والحصى ، وأستدار وهو يلوي رأسة من الالم حتى يرفس الدب بحوافره ويبعد أنيابة ومخالبة عن راسه ... ولكن الدب أحكم قبضتة على الحمار ، وأخذ يجره من أذنية جرا ، فانطرح الحمار أرضا وهو يتلوى من الألم .. ولكنة وما أن ثبت رأسه حتى رفع قدمية الاماميتين وضرب الدب ضربه قوية في منتصف وجهة ، فتراجع الدب الى الوراء وكاد يقع على الارض
في تلك كانت الحمامة الحزينة تقترب من الحصان وتلح علية بأجنحتها المقصوصة ، أن يهب لينهي أمر النزاع بين الدب والحمار .. أخذت ترفرف وترفرف بجناحيها المنتوفين وتقول وعيونها دامعة : يا جماعة ... يا جماعة لماذا القتال ... هل نحن أعداء ؟ يقف الخنزير هناك فرحا سعيدا وانتم هنا تتقاتلون ؟ لماذا ؟ أنت أيها الحمار أتخشى الخنزير ، وتقاتل الدب ؟ وأنت أيها الدب اتق الله ... لماذا تضربه هكذا ؟ ستقضي علية ... وأنت أيها الحصان تقف ولا تحرك ساكنا ؟... أين شعاراتك وبياناتك عن الوحدة والتضامن والأخوة ؟
وتحرك الحصان ليفض النزاع ... وانشغل الحمار بتضميد جراحه ، بينما قامت الكلاب من فورها بتطبيق قرار الاسد بخلع أنياب الدب ومخالبة ، وهو منهمك القوى لا يكاد يرفع يده أو رجلة ...!!!
جلس الدب حزينا بائسا ... انعزل في مكان قصي من الغابة ، يتطلع بحسرة الى مخالبة ويتحسس بألم أنيابة وأسنانة ... مرت الايام والليالي ، والحمار يقضي فترة نقاهه ممتعة في ربوع الاسد ... كانت كلاب الاسد تتفنن في تقديم ما لذ وطاب له ... وتخترع أفضل الطرق لتسلية والترفية عنه أنه يؤيد الاسد في كل ما يقول ، وفي كل الاوقات ، فكيف لا يعوضه الاسد تعويضا مناسبا ؟ بل كيف يرسل لأهله باقات البرسيم وصناديق التفاح والراقصين والراقصات والعازفين والعازفات ؟...
وفي ليلة من الليالي وبينما أصوات الموسيقى تصدح في بيت الحمار ، اذ بالحصان يسمع أصواتا لم يستطيع أن يميزها في بادىء الامر ... اقترب نحو التافذة وأرهف السمع ..ز واذا بها أصوات مهور وكأنها تختنق ... هرع الى الاسطبل ، فرأى أحد ابنائه وقد رقد على الارض لا حراك فيه ، وباقى المهور تصهل وهي ترى كلابا صغيرة سوداء العيون وحيات ثلاثا تسعى وتقترب نحوها !! في الحال قامت معركة دامية بين الاحصنه من جهة ، والحيات والكلاب من جهة أخرى ... وقضى الحصان على حيتين منهما ، وهربت الكلاب والحية الثالثة وهي تفح فحيحا عاليا . وفي اليوم التالي كان الخنزير في باب الاسد يحمل جثة الثعبان فأرسل الاسد في طلب الحصان على الفور !! قال الحصان : أرسل الخنزير ثعابينة وكلابه لمهاجمة مهوري الصغيرة في الاسطبل ، ومات أحد المهور بلدغة من أحدها .. قال الخنزير : بل هو الذى هجم بكل قوتة على الثعابين المسكينة ، فقضى على اثنين منها ، الا ترى ؟ لقد قتلها بحوافزه هو ومهوره .. المهور كانت نائمة بأمان ، حين هوجمت في جنح الظلام ... بل كانت تتدرب على الرفس والركض والقفز .. كانت تتدرب لمهاجمتنا ، انه يدربها ليل نهار استعدادا لمهاجمتنا فكيف تتوقع أن نتركها ؟... هز الاسد رأسه ... كانت مشكلة عويصة حقا ... ثم قال أود الاجتماع مع كل منكما على انفراد !! وكانت فرصة للخنزير كي يوغر قلب الاسد على الحصان سرا ... وأخذ يختلق القصص عن لسانه قال : لقد علمت يا سيدي الملك أن هذا الحصان يتصل بأسد اخر في الغاية ، يريد أن يتفق معة للحضور الى هنا والقضاء عليك وعلى عرينك ... انه يدعي ان أحكامك جائرة ظالمة ... فلقد ظلمت الحمامة بنتف ريشها ، والدب بخلع أنيابه وأظافره . مع أن عملك هذا كان في منتهى الحكمة وحسن التصرف ... انك تحافظ على الامن والاستقرار في المنطقة كلها ، بل في العالم كلة ... ان عليهم أن يقدموا لك ايات الولاء والطاعة ... انهم أقوياء أغنياء والاجداد بهم أن يحترموك فأنت القوي ... أنت الاقوى في الغابة وفي العالم كلة ... استمع الاسد لكلام الخنزير وأعجبه أيما اعجاب ، فهو الاقوى حقا في الغابة وفي العالم . واغتاظ من الحصان أيما غيظ ، كيف يتصل بأسد اخر في الغابة ، وكيف يدرب مهوره على مهاجمة الخنزير وقد أعطاة الامان ؟ كيف يعصي أوامرة ونواهيه ؟... ولكن المشكلة لا تزال عويصة ، وعلية حلها ...
وقف الاسد في باب عرينة ، وأشار للحيوانات وقال : يا معشر الحيوانات ... قد ازدادت مشاكلكم ، وأصبحت تؤرقني في الليل والتهلر وانني أريد الامن والاستقرار ... وحسما لكل نزاع ، فانني امر بالتعويض على الطرفين ، عن الارواح التي فقداها ... وامر حيوانات الغابة كلها بالعمل الجاد يوما كاملا ، ثم يقسم ناتج العمل الى ثلاثة أقسام متساوية ... قسم يعطى للحصان تعويضا لمهره القتيل ، وقسمان يعطيان للخنزير تعويضا عن ثعابينة ، شريطة أن تلتزم الاطراف كلها بضبط النفس والامتناع عن الاعتداء على الاخرين !! ثم التفت الى الحصان قائلا : وأما أنت أيها الحصان ، فانني احذرك من مغيبة أعمالك الاستفزازية ، وامرك بربط أقدام مهورك بالحبال كي لا تواصل التدريب استعدادا لمهاجمتنا .. جن جنون الحصان من قول الاسد ... وهل كان يفكر يوما مهاجمتة حقا؟
في المساء اجتمع الحمار والدب والنسر والحمار في اسطبل الحصان جاءوا يواسونة بفقدان مهره ... جلست الحمامة تنظر بحزن كبير الى ريشها المنتوف ، فهي لاتسطيع الرفرفة للتعبير عن مشاعرها العميقة مع الحصان ونظر الدب بحزن كبير الى مخالبة المقصوصة ، فتحسر وتحسس اسنانة المخلوعة ، فدق قلبة دقا عنيفا ، فهو لا يستطيع تقديم العون للحصان في أزمتة هذه ... ونظر الحصان الى مهورة الصغيرة وتصورها ملجومة مربوطة الاقدام بالحبال ، فثارت ثائرتة وقال ... أما أقدام أبنائي فلن أرضى بربطها اطلاقا ... وأما التعويض المادي فلا أريدة منكم ابدا . هل يمكن ان أرضى أن يكون تعويضي من تعبكم ومن شقائكم ؟ وأما موضوع الخنزير فهذا ما أريد أن أحدثكم به ...! وأطفأ الحصان الانوار ... وأغلق الابواب والشبابيك ، وجلس يهمس قائلا : كانت تلك اكذوبة كبرى صدقناها واعتقدنا بجدواها .. فلقد اعتقد الاسد وأقنعنا بأن قوتنا هي مصدر عدم الامن والاستقرار في الغابة . وأن الخنزير ضعيف يحاول حماية نفسه منا ... فكان ذلك الاعتقاد بيت الدواء ونقطة الضعف ، فقد خلع انياب الدب ومخالبة ونتف ريش الحمامة ، وها هو يريد منا مزيدا من التنازل ، وكلما تنازلنا وضعفنا ، ازدادت قوة الخنزير فما رأيكم ؟!
قال الدب : الأي يا صديقي بكل بساطة هو القضاء على الخنزير وجماعتة قبل ان يستفحل أمرة ... لقد تأخرنا حقا في ذلك ، ولم نستطيع القضاء علية وهو ضعيف ، واعتمدنا على الاسد ليحل لنا مشاكلنا ، فأنظروا ماذا كانت النتيجة ؟ وأشار الى فكة وأسنانة وأقدامه ... ولكن مع ذلك فأنا لم أقفد كل قواي بعد ولم أيأس ، بل ان اليأس لا يحل الا في نفوس الضعفاء ، وكلمة مستحيل لا توجد الا في قواميس الحمقى ؛ والموت هو الامر الوحيد الذي سيعطل حركتي ... لي أقدام ، لي عضلات ، لي دماغ ، وأستطيع أن اقوم بكل شيء .. ورفرف النسر بجناحية بقوة عنيفة أثارت التبن والغبار في اسطبل الحصان ، وركز بصرة الحاد وقال : أنا سيد المواقف ، وبطل الابطال ، أنا ماك السماء وسلطان الاجواء ، نظري ثاقب ومخلبي حاد ، جناحي قوي ومنقاري فتاك ... أنا سبع السباع ومحطم العظام ، أعرف عدوي لو اختبأ خلف الاشجار أو الانهار .. وترددت جنبات الاسطل بتصفيق الحيوانات للنسر وخطابه القوي . قال الحصان مهدئا : رويدا ، رويدا يا أصدقائي ، لا نريد أن يسمعنا أحد قال الحمار : وأنا ما زلت الأقوى في الغابة ... أنا تاصبور ، أنا الامين أنا أوفى الأوفياء ، أجمل لكم الخيرة والماء والطعام ، وأرفس الاعداء وأدوسهم بأقدامي هذه ... ورفس الارض بأقدامه ، فأثار التبن والغبار عاليا ، ونهق نهيقا عاليا ؛ فهب الحصان قائل ... صه ... صه... أصمت ... لثلا يسمعنا أحد ... قالت الحمامة : أما أنا فعلى الرغم من ضعف جناحي ، الا أنني أقوم بالأعمال السرية ، فأنقل لكم الرسائل والاخبار في كل الاوقات وأصعبها ...
بدون ابطاء ابتدأت الحيوانات بالتدريب على أقسى وأحدث الاساليب الهجومية والدفاعية... كان الاحصان يدرب عضلات صدرة ورقبته على سرعة الحركة وقوة الضرب فيلوى رقبتة الى اليمين واليسار عشرات المرات . ويدرب قوائمة الاربع على الضرب والرفس ... وكانت الاحصنة تقف خلفة في صف واحد وتقوم بما يقوم به ، ثم يطلب من اثنين منهما أن يتدربا على مهاجمة بعضهما ، ثم يعلن انتهاء التدريب لذلك اليوم ومتابعة في اليوم التالي .
أما النسر فكان يدرب رفاقة هو الاخر على سرعة الارتفاع في الاجواء ، والانقضاض على الفريسة بسرعة ودقة ... وقد عين اثنين من نسوره القوية لمراقبة أجواء المنطقة التي يتدرب فيها الحصان ورفاقة لئلا يفاجئهما أحد أثناء التدريب ...
أما الدب فلقد عانى الكثير من فقدان أسلحتة "أنيابة ومخالبة" ومع ذلك فقد استطاع أن يدرب الدببة الاخرين أفضل تدريب ، وأن يؤمن المعدات والأدوات ولوازم المعركة المطلوبة ، وأن يحرسها ويحافظ عليها .
وكانت الحمامة أضعف الحيوانات جميعا ، بأجنحتها المنتوفة ، ومع ذلك فقد استطاعت التسلل الى صفوف العدو ، ومعرفة أعداده التقريبية ومواقع حرسه من كلاب وثعابين ، وأوقات نومها واستيقاضها ، واماكن تواجدها في الليل والنهار . وأما الحمار فلقد أعطي مسؤلية كبيرة ومهمة سرية ، فقد طلب منة السفر للاتصال باصدقائهم البعدين ، يشرح لهم المشكلة التي وقعوا فيها والوضع الذي يعيشونة ، والخطوة التي سيقومون بها ، علة يجد منهم المساعدة والعون . وفي الطريق وبينما الحمار يسير ويسير الى هدفة ، خطر في بالة خاطر عجيب ، وطرأت على عقلة فكرة غريبة ... فقال في نفسة : كيف نتصل بحيوانات بعيدة عنا وكيف نقوم بكل هذه الاستعدادات الكبرى ولا يعلم الاسد عنها شيئا ؟... ماذا سيكون موقفة عندما يعلم ؟! أليس الاسد ملك الغابة وعظيمها ؟ . أل يكون عملنا هذا خيانه عظمى له ؟. يل للغابة بأسرها ؟ .. ولكنة عاد فجأة فاستدرك قائل : ولكن ! أين كان هذا العظيم عندما قضيت الثعابين على مهر الحصان ؟ لماذا ترك الخنازير تقوى وتزداد أعدادها يوما بعد يوم ؟ لماذا يدافع عنها ؟.. كيف يقتنع بأراء الخنزير ويقف معه كل مره ؟.. وهل صحيح أنه حريص على أمن واستقرار الغابة ؟ وهل صحيح أننا أقوى منه ومن الخنزير وأنه يخاف منا حقا ؟!.. وقف المار مفكرا ، أطرق ينظر للأرض بينما ابتدأت أذناة تتحركان بعصبية كبيرة ، بدأ يحك رأسة بحافره الايمن بشدة ... كان يفكر بالايام السعيدة التي أمضاها في ربوع الاسد عندما وافق على قراره بنتف ريش الحمامة ، ثم فكر بأسبوع النقاهة الذي أمضاه عنده بعد ذلك اثر جراحة في المعركة التي قامت بينه ةبين الدب ، لموافقتة على قرار الاسد بخلع أنياب ومخالب الدب ... يومها كانت جراحه عميقة فعالجها له الاسد وأمر مساعدية أن يقدموا له أفضل ما عندها من مأكولات ومشروبات ووسائل ترفية وتسلية ... فكيف يخونة ويتصل بحيوانات أخرى وأسد أخر يعينة ويعين رفاقة على هذا الخنزير الدخيل ؟! ولكنة عاد وحك رأسة بحافره الايسر وأخذ يقول :
ولكن رفاقي بذلوا ما بوسعهم لينصفهم الاسد ، فلم يفعل حاولوا كل طريقة ، وفي كل مرة كان يخذلهم ويقف مع الخنزير ضدهم ... وهم اليوم قد أمنوني على هذه المهمه ... وهم ينتظرونني بفارغ الصبر . وأنا منهم واليهم ، مصيرنا مشترك ، ومستقبلنا واحد .. نرعى معا ونشرب معا فكيف أخونهم ؟؟ وطالت حير الحمار ... وأصبح يقف ساعة ويمشي ساعة ، ولكنه أخيرا أكمل المشوار واتصل بالاصدقاء وبالاسد الاخر الذي لدهشته أيدة في كل مشاكلة التي طرحها أمامه ثم عاد الى غابتة بأسرع ما يكون يطمنئهم ويستعد معهم للهجوم ...
وفي ليلة من الليالي وفي أثناء التدريب انفرد الحمار بأحد ابنائه وهمس في أذنه كلاما لم يسمعه أحد وعاد الى التدريب !!!
اتفقت الحيوانات الحصان والنسر والدب على تحديد كلمة السر بينهم لبدء الهجوم على الخنزير ... وكانت الكلمة " لوزة " بعدها يبدا العمل الجاد من كل الجهات وفي ان واحد ... وقد توزعت الحيوانات في أطراف الغابة . وقف الحصان في ناحية ، والنسر في ناحية ، أما الدب فلقد وقف هو والحمار في ناحية واحدة معا . وذلك لضعف الدب . وأما الحمامة والديك والدجاجة فلقد توزعوا ما بين الجهات لنقل كلمة السر حين تحديدها ..
وفي يوم من الايام ، وقبل طلوع الفجر استيقظ الديك ليسمع جلبة في اسطبل الحصان ركض يستطلع الخبر فاذا بالحصان يخبره أن "لوزة "في الباب !!.. وانطلق الجميع ، ووصل الخبر وابتدا الهجوم .. كان التوقيت والاستعداد كاملا انطلق النسر ولرفاقة يلتقطون الثعابين من حجورها ويرمونها في الجو بعد ان يشبعوها تمزيقا ونقرا ... وانطلق الحصان ومهوره يهاجمون كلاب الخنزير وحرسة الخاص ، فيعلمون فيها رفسا ولكما وعضا وانطلق الحمار والدب يهدمان بيوت الخنازير ومغاراتهم ثم يلحقان بالخنازير الفاره الهاربة فيشتبكون معها فيطبق الدب بعضلاته القوية على راس الخنزير ويعمل الحمار في رقبتة عضا وتقطيعا وفيما المعركة قائمة اذ بالدب يصرخ صرخة كبيرة اهتزت لها ارجاء الغابة لقد هجم عليه كلب اسود ونشب في مؤخرتة أسنانه الحادة فلم يعد قادرا على التخلص منه او رفسة بحوافره فأقعى صارخا متألما .. سمع الحصان صرختة فأقبل علية والتف نحوه ودار خلف الكلب ونزل بقدمية الاماميتين على ظهرة فهبط الكلب على الارض وهو لا يزال ناشبا أسنانه في مؤخرة الدب ... وبعد لحظات وكأنها الدهر ارتخت عضلات فك الكلب وترك الدب كانت جراح الدب عميقة وابتدأ الدم يفر من جسمه فلم يستطيع النهوض لعاودة القتال فتنحى جانبا بينما عاد الحصان الى موقعة ... أما الحمار فما رأى الدم حتى خاف خوفا شديدا خاف ان يلحق به كلب اخر من كلاب الخنزبر يقضي عليه او يجرحه ... خاف على أبنائه المحاربين بل خاف من عاقية الحرب كلها ، ضاع الحماس الذي كان يملا صدره ، ونسي كل الكلمات التأييد التي كان قد تفوه بها لرفاقه واستذكر الاسد فقام من توه الى ابنة يدفعة للقيام بما كان قد طلبة منه من قبل !!! وعلى مضض قام الجحش " الحمار الضغير " من مكانة ترك مواقع المنازلة وانسحب بكل هدوء الى خلف خطوط القتال كان وهو ينسحب يتلفت يمينا ويسارا خشية ان يراة أحد ولما اطمأن الى انشغال الجميع أطلق قوائمه للريح وأخذ يجري ... وصل الجحش الى عرين الاسد وطلب المثول بين يدية في الحال للاهمية القصوى قال وهو يلهث : الحرب يا سيدي ... قامت الحرب ... الحصان والنسر مطبقان على الخنزير ، وقد ضيقا علية الخناق ولم يبق من حراسة الا القليل ... أصيب الدب اصابة بالغة لكن الحصان ومهورة يسدون كل الثغرات أمام الخنزير لم يبق الا القليل وتنتهي المعركة صمت الاسد هنيهة ثم زأر زئيرا عاليا ضجت الغابة لهوله وجمع حاشيتة ومضى الى أرض المعركة . أما الجحش فقد اختفى أثرة ولم يدر أحد أين ذهب وصل الاسد وحاشيتة ارض المعركة فراى الامر حقا كما قال له الجحش فأخذ يزأر زئيرا متواصلا ، ويشير بقبضتة القوية الى الحصان والنسر فوقفت جميع الحيوانات وانسحب الى الوراء كان الدب لا يزال ملقى على الارض ينزف والخنزير قد دميت اقدامة واضلاعة واصيب كلابه وارتمى منها اثنان قتيلان وعشره جرحى ومزقت ثعابينة فقتل منها عشرون ، بينما قتل وجرح عدد من ابنائه ... قال الاسد : فليلملم كل منكم جرحاه وقتلاه ولتنتة المعركة على الفور انسحبت الحيوانات كلها وتقدم الى الدب فعض على رقبتة ثم اطبق بعضلات صدرة على راسة واخذ يجرة بعيدا ، ليعالج جراحة ويوقف نزف دمائة ..
في تلك الليلة وفي الليالي التالية احتفل الحصان والنسر والحمار بالنصر الكبير واخذت الدجاجات تقدم اجمل الرقصات والدبكات وانطلقت البقرات تعد الطعام والحلويات للمنتصريين ... ووزعت الحمامة المشروبات على الحضور وطارت العصافير تغني وتزقزق فرحا بالنصر ... ووزعت الميداليات والاوسمة على المشاركين وكان الوسام الكبير من نصيب الدب ...
وقف الدب المسكين يجر نفسه جرا كانت الامه فظيعة وجراحة عميقة فلقد ابلى بلاء حسنا في القتال اذ كان متحمسا للحرب بالغم من تجريدة من سلاحة وبينما كان الحصان يمنح الاوسمة للمحاربين وبينما كانت الفرحة تعم الغابة وصلت عشرات الوفود من الحيوانات الصديقة المجاورة لتهنئهم بوقفتهم الشجاعة هذه قال رئيس وفد الضباع : لولا تدريبكم المضي واستعدادتكم العسكرية لما استطعتم الصمود أمامة قال رئيس وفد التماسيح : لولا ايمانكم القوي بعدالة قضيتكم وبحتمية نصركم لما انتصرتم علية أما مندوب الاسد البعيد فلقد قال حديثا اثار الدنيا ولم يقعدوها !! قال انني اتعجب من امر يا أصدقائي ... لماذا لم تصل المعركة الى النصر التام ؟ لماذا انسحبتم ولما تصلوا الى هدفكم بعد ؟! لماذا لم تستطيعوا طرد الخنزير نهائيا من أرضكم ؟ ولماذا وقف الاسد منكم هذا الموقف ؟. بل من الذي أخبرة بالمعركة وتوقيتها وقد حرصتم على الاستعداد لها سرا ؟؟ وبينما كان مندوب الاسد يتحدث والجميع ينصت مفكرا ، كان الحمار يتلفت يمنة ويسرة بينما كانت أذناه تتحركان للاعلى والاسفل بعصبية كبيرة ... حتى كاد أن يطلب منه السكوت ... ولكن المندوب استطرد كلامه قائلا : لماذا لم تستطيعوا الحفاظ على سركم . وانهاء الظلم بأيديكم ؟.. لماذا تظل قوة الاسد هي المسيطرة على افراد الغابة ؟ والاهم من ذلك الى متى تظل الخيانة تجد طريقه بين صفوفكم ؟.. كان كاملا قاسيا ، ولكنه كان الحقيقة المره الناصعه كبياض الشمس . الحقيقية التي هزت أعماق كل الحيوانات وما ان انصرفت الوفود حتى اعلن الحصان انتهاء الاحتفالات والبدء بتحقيق كبير لمعرفة الواشي .وقفت الحمامة بكل حماس وكانت اول المتحدثين فقالت انا اعرف طريقة لا تخيب لمعرفة الحقيقة ، طريقة سمعتها من جدتي وقد كانت تقصها علي قبل النوم ،قالت لي جدتي
"ان حصانا وحمارا وخروفا وبطة زعموا يوما حقل برسيم ... وتناوبوا على حراستة ... ولكن وفي احدى الليالي قام الحمار بأكل البرسيم كلة وأنكر الجميع بما فيها هذا الحمار ، أنهم اكلوا البرسيم ... فلما أرادوا معرفة الحقيقة وقفوا قرب النهر ليقسموا على قول الحقيقة ثم يقفزوا فوقة ، فمن كان بريئا وقال الصدق نجا ... ومن كان كاذبا سقط في النهر ومات ، وقد ابتدأت البطة فكاكت وقالت :
وك وك أن كني أكلتـــــة ...
وك وك ان كني شـــربتة....
وك وك يرمينــــي ربي ......
وك وك في النهر العالي ...
ونطت فوق النهر ولم تمت ...
وجاء الحصان فصهل وقال :
هو هو ان كني أكلتـــــة ....
هو هو ان كني شـــــربتة...
هو هو يرمينـــــي ربي ......
هو هو ..في النهر العالــي ...
ونط...فلم يمت.
وجاء الخروف نشيطا واثقا فماء وقال:
ماء .. ماء ان كني أكلتـــــة..
ماء ..ماء ان كني شــــربتة..
مـاء .. مـاء يرمينــــي ربي..
ماء... ماء في النهر العالــــي
ونط...فلم يمت.
ثم جاء الحمار متثاقلا من ما أكل وما شرب في تلك الليلة ...جاء خائفا من فعلته النكراء فنهق وقال:
هي...ها ان كني أكلتــــه
هي...ها ان كني شــربته
هي...ها في النهر العالي
ونط...فسقط في النهر ومات...."
ان الجميع ينصت للحمامة وهي تروي قصتها بهدوء واستمتاع ، الا الحمار ... فقد كان يستمع بعصبية زائدة يريد ان يقوم ليضربها بحافره ضربة مميتة وقد استشاط غضبا حقا ، فقام مهاجما الحمامة قائلا : وهل هذا وقت القصص والروايات ... اصمتي ... وكان الحصان يتفرس في وجوه الحيوانات عله يتعرف على الخائن من نظراته ولفتاته وحركاته ... وقد أحس بعصبية الحمار ، فشك في أمره الا أنه قال : لا بأس بطريقتك أيتها الحمامة هيا بنا نطبقها . فالنهر موجود ...ولم يتم حديثة ... فلقد ران صمت كبير ... فالنهر موجود حقا ولكن الخنزير يقف هو وعشيرته وكلابه على الضفة الغربيىة منه ...لقد جاء هذا الخنزير يوما وحيدا مسكينا يريد المأوى ولو ولو في كهف صغير ... ولكنه وجد المكان أكثر خضرة والماء أكثر عذوبة فأحضر العشرات من بني عشرية وسلحهم بالكلاب والثعابين واخذ يتفنن بمضايقة الحيوانات في كل ساعات الليل والنهار ... ورغم جراحة وقف الدب يقول : مهما كان فلا بد ان نجد الوسيلة لمعرفة الحقيقة ووجود الخنازير هذا لن يعيقنا سأقف أنا هناك على ضفة النهر التي يقف عليها وأدافع عنكم ... تفرس الحصان في وجوه الحيوانات واحدا واحدا يريد معرفة الحقيقة من عيونهم نظراتهم ... ولاحظ الحمار وقلقة ولاحظ ان كل الحيوانات متحمسة لمعرفة الخائن ... فقدوقف النسر وقال : الموت للخائن ... الموت للخائن ورددت الحيوانات وراءه القول _الموت للخائن ... الموت للخائن ...
كان الحمار مترددا معهم الجملة ام لا ... ولكنه وبعد ثوان انطلق يصيح بأعلى صوتة منفردا :
الموت للخائن الموت للخائن ..!! فرددت الحيوانات . ما قال مرة أخرى ..
ولما لم يستطيع الحصان الوصول الى اليقين في معرفة الخائن ذلك النهار فقد طلب من كل الحيوانات الانصراف الى اعمالها بهدوء والانتباة لكل ما يجرى حولها من امور !!!
خرج حمارا يلوي على شيء ... كان كل تفكيره منصبا على طريقة لحماية نفسة من غضب الحيوانات فهي بلا شك ستعرف أنه اتصل بالاسد وكشف سرهم ... كان خائفا منت أمرين : أن يفشي السر ابنه ، أو أن يفشي الاسد نفسة بالسر ، فيخبروا الحيوانات بتواطؤ الحمار معه ... ولكن الامرين غير جائزين !! فهو قد ربى ابنه على طاعته وعدم معصيتة ثم هو يفعل ما يفعل من اجل الاسد ومن أجل مصالحه فما الذي يريدة الاسد أكثر من هذه الطاعة العمياء والخدمة المتواصلة ... ثم ان الاسد قد وقف معة من قبل فأغدق علية الخيرات وحماه من انياب الدب ومخالبة ولسوف يحمية من أي اخطار اخرى بلا شك مرت الايام والشكوك تتزايد بأمر الحمار والادلة والقرائن تثبت يوما بعد يوم عدم اخلاصة لباقي الحيوانات واحس الاسد بنقمة الحيوانات على الحمار وثورتها على وجوده بيتهم ... وبضعف موقفه وقرب اكتشاف أمر خيانته لهم ... فدعى الحمار اليه يوما وقال له
لقد ازدادت شكوك بني قومك بك ... وازدادوا نقمة عليك ... وأنا أرى أن عليك أن تعترف لهم بما أقدمت عليه !!
ذهل الحمار وكاد ان يغمى عليه ... ثم تماسك وقال:
ألم أفعل كل ما فعلت لاجلك ؟.. ألم أضحي دوما من أجل مصالحك ؟ ألم أقف دوما مع قراراتك ورغباتك أدافع عنها وأطبقها بالرغم من اراء كل الحيوانات الاخرى؟.. ماذا تريد مني بعد ؟؟ لماذا تريدني أن اعترف لهم ؟ سيقتلونني سيشنقونني ... سيضعون الحبل حول رقبتي ... لقد أعدوا المشنقة للخائن ... نعم نصبوها في الساحة الكبرى ... فهل أسلم لهم رقبتي ، لماذا ؟ لماذا ..؟
قال الاسد بهدوء :
لقد انتهى دورك الان .. انكشفت خيانتك ... جميع رفاقك يريدون الانتقام منك ... لم تعد نافعا لي ولا لهم .. اذهب واعترف .
قال الحمار :
وأنت .. أنت يا سيدي من سيقف معك عند الحيوانات ؟ من سيدافع عن مصالحك ومصالح الخنزير انة سيصبح في خطر حقيقي ... ألم ترى ماذا فعلوا به ؟؟ سييجهزون عليه جميعا .. أبق علي .. احفظ حياتي
قال الاسد بهدوء غريب ..
لاتخف علي مصالحي أو مصالح الخنزير ..ز فقد أجد من يأخذ دورك بين الحيوانات ويكون أكثر ذكاء أمض ... أمض الان ... أمض ...
مشى الحمار مطاطىء الرأس ، لايكاد يفهم ما يدور حولة ... وصل الى الساحة واعترف ... وهناك في الساحة الكبرى كانت المشنقة بانتظار ....
طار الغراب الأسود سعيداً في الهواء يستنشق نسمات الهواء النقية.. فقد كان سعيداً جداً هذا الصباح.. لأنه استيقظ في البكور.. ورأى بعينيه شروق الشمس..
وبينما هو مستمر في طيرانه.. سمع صوت نغمات جميلة.. فطار بسرعة نحو الصوت الجميل الذي سمعه.. فوجد الكروان يغني على أحد الأشجار.
قال الغراب : الله .. ما أجمل هذا الصوت.. وأروع ريش هذا الطائر الجميل.. يجب أن أتعرف عليه ونصبح أصدقاء..
وبسرعة انطلق الغراب ووصل إلى الشجرة التي بها الكروان وقال له: هل من الممكن أن نصبح أصدقاء.. فقد أحببت صوتك كثيراً..
أنت حقاً طائر رقيق، وصوتك كله نغمات راثعة..
رفع الكروان منقاره إلى أعلى قائلاً: ابتعد عني أيها الطائر الأسود.. لابد أنك أنت الغراب صاحب الصوت البشع.. هيا.. هيا ابتعد عني فأنا لا أحب أن يكون لي أصدقاء مثلك.. كانت الصدمة شديدة على الغراب.. فطار وطار بعيداً جداً.. وجلس على أحد الأشجار حزيناً يبكي ..
لماذا عامله الكروان بهذه القسوة؟.. إنه أسود اللون حقاً وصوته سيء لكن قلبه رقيق..
وبعد أيام قرر الغراب أن يعود إلى الطيران وانطلق في الهواء.. بحثا عن مكان آخر ليس فيه طائر مغرور كالكروان وقررالوصل إلى المدينة، ويعيش على أحد أشجارها.. وبينما هو يطير في شوارع المدينة.. سمع صوت غناء حزين.. كأنه يعرف هذا الصوت بالفعل إنه صوت الكروان.. فاقترب منه بسرعة.. فوجده داخل قفص ذهبي يغني ويبكي..
تعجب الغراب وقال له: كيف حدث لك هذا..؟
فبكى الكروان وقال: جعلني غرووري أقترب من بعض الصيادين لأسمعهم صوتي، فصادني أحدهم وباعني داخل هذا القفص الذهبي، وها أنا أصبحت أغني أغاني حزينة.. يبدو أنني أخطأت في حقك أيها الغراب..
وقبل أن يقترب صاحب البيت كان الغراب يطير في الهواء وهو بحمد الله قائلاً: الحمد لله حقاً لوني أسود وصوتي كريه.. لكنني حرٌ طليق.. وهذا هو أجمل ما في الوجود.