رازيا
~◦ღ( مميزة في قسم الإستشارات الزوجية )ღ◦
- إنضم
- 5 أغسطس 2010
- المشاركات
- 11,180
عزيزتي ما تمرين به الآن من حيرة وحزن؛ سرعان ما يتبدد بإذن الله وينتهي أمام صبرك واستعانتك بالله.
فاسألي الله بمنه ورحمته أن يثبتك على دينك ويجنبك الشقاء والفتن، واعلمي يا حبيبتي أن ما حدث هو ابتلاء من الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي وابن ماجه.
فكوني على يقين أن ما حدث هو قضاء الله الذي لا راد لقضائه، فلا تحزني ولا تحتاري، لكن بالصبر والإيمان والرضا ستعبرين هذه الأزمة بسلام.
واعلمي أن الحزن لن يغير قضاء، وما عليك إلا أن تتقبلي ما حدث و تسلمي أمرك إلى الله و تقتنعي أن ما حدث مقدر من عند الله، وأن قدره سبحانه لا يأتي إلا بخير، و تمسكي بالأمل، فالأمل هو الحياة و فكري بترو وتأن ولا تستسلمي لأحزانك، وتذكري أن كل ضيق بعده الفرج وكل ليل بعده نهار، هذا هو ناموس الكون الذي نظمه صاحبه الخالق الأعظم الذي علمنا أن دوام الحال من المحال وأن كل شيء يتغير ويتبدل، وأن الضيق يأتي بعده الفرج كما قال الشاعر :
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وأكثري من الدعاء الذي كان يدعو به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت"، "اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل"، "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
ثم أدعوك- عزيزتي إلى التأمل والتفكر في عظيم نعم الله عليكِ، فقد منّ الله عليك بنعمة العافية والذرية والإيمان والأمن، فانظري للحياة نظرة متفائلة، فليست الدنيا نكاح وطلاق فحسب بل ستجدي السلوى والأنس في عبادة الله، وفي بذل الخير للناس، وفي تربية الأبناء التي أنت مسؤولة عنهم أمام الله تربية صالحة ومستقرة، وانظري إليهم وتابعيهم في سني حياتهم، هذا سوف ينسيك كل حيرة وعذاب، نسأل الله عز وجل أن تقرَّ بهم عينك.
فاحمدي الله على نعمة الأبناء و نعمة العافية، واجتهدي في كسب ود زوجك حتى يحيي الأبناء في أسرة مستقرة كريمة، وانظري إلى غيرك ممن حُرمن نعمة النكاح ونعمة الأبناء.. واحتسبي ذلك عند الله عز وجل ليثقل به موازين أعمالك، رفع الله قدرك وجلا همك وخلف عليك خيراً.
توكلي على الله والقي عليه بأحمالك وهمومك فسوف يثيبك على صبرك ورضاك.
اقتربي أكثر من الله سبحانه وتعالى وتوسلي إليه بالدعاء أن يثلج صدرك ويريح قلبك ويفرج كربك ويحقق لك كل ما تتمنيه.
اسألي الله سبحانه أن يهديك وأن يرزقك بالإيمان الكامل، والقناعة بأن ما يكتبه لك هو الخير في جميع الأحوال، واحمدي الله أن رزقك الله زوجاً سلك طريق الحلال في وقت عمت فيه الفوضى و صارت سبل الحرام سهلة وميسرة أمام ضعاف الدين.
ولا تنسي في خضم هذه النظرة الحزينة، أن ما فعله زوجك حق أعطاه الإسلام للرجل.. "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع".. ولكن ثقافة العولمة وما يروج لها من أعداء للإسلام وتشريعاته خصوصا ما يتعلق بشؤون المرأة قد أثرت وللأسف الشديد على مفهوم تعدد الزوجات حتى بات يُنظر للرجل المعدد نظرة سلبية، بينما مرافقة الخليلة والعشيقة صارت أمرا طبيعيا.
و كوني على ثقة أنّ زوجك لن يبتعد عنك ولا عن أبناءه.. ولا تجعلي تفكيرك كله منصب في الرجل أين ذهب، وماذا فعل؟ فإن أتى أكرميه وإن ذهب فاتركيه، واعلمي أنّ رضاه من رضا الله تعالى.
:
من المهم جدا بعد استيعاب ما حدث، أن تراجعي نفسك وتحاسبيها حساب الشحيح، وتسأليها هل قصرتِ مع زوجك في شيء؟ راجعي طريقتك في التعامل معه، فربما حدث التقصير دون أن تدري، وربما انشغلتِ بالأبناء وأهملت الزوج، وربما أصبح البيت مكانا غير مريح للزوج بسبب صراخ الأطفال ومتاعبهم، وربما لم تهتمي بعلاقتك الحميمة مع زوجك، وربما أمور أخرى فاجلسي مع نفسك وحاسبيها، فكلنا نخطئ واللبيب من يصحح أخطاءه ويتعلم منها.
فكلما أحسنت الزوجة إلى زوجها، وصبرت عليه، وكظمت غيظها، وعاملته بود كانت أقرب إلى قلبه ومشاعره.
أظهري لزوجك قدراً كبيراً من الاحترام والعناية، واستخدمي معه أسلوب المدح لصفاته الإيجابية، واسعي إلى رضاه، وعبري له عن مشاعرك الدافئة، فالرجل يحب أن يسمع من زوجته أرق الكلمات وأعذب العبارات، ويهتم بذلك أكثر من اهتمامه بقيامها بالأمور الأخرى من نظافة البيت والاهتمام بتنويع طعامه وشرابه.
من المهم جدا أيضا في حياتنا أن نتدرب علي الاستقلال عن الحاجة للآخرين، بمعني أن يكون لك المقدرة علي أن تضفي علي حياتك السعادة وصناعة المرح، وأن تستمتعي بحياتك رغم الألم ورغم الحزن ورغم المعاناة، ابحثي عن الجوانب المشرقة في حياتك واهتمي بها .. انشغلي بتنمية قدراتك ومهاراتك و اقرأي في فنون الطهي وتربية الأبناء، فهم الكنز الحقيقي لك... كوني قوية ومتماسكة أمام أبناءك حتى يشبوا أسوياء النفسية .
كما قال الله جل وعلا: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ".. ارفعي أمرك لرب الأرض والسماء، واعلمي أن العفو منهج الأنبياء والصديقين والأولياء.
وفي الختام .. أدعو الله سبحانه وتعالي أن يرزقك الرضا وراحة البال ويحفظك من كل شر ويجمع بينك وزوجك في الخير ويبارك لك في ذريتك ويقر عينيك بهم... اللهم آمين.