راجيه الرضا
مراقبة و متميزة أقسام نسوة
- إنضم
- 18 فبراير 2017
- المشاركات
- 14,580
لطالما افتخرت ان التي ربتني أمازيغية مرابطية حرة
شمالية مرفهة .. مكتفية وقنوعة على كل الاصعدة .. وأكثر شيئ ممتنة لها أنه غرسته فينا هو عدم التطلع لما في يد الغير .. مازلت أتذكر ملامح وجهها المستبشرة لما تتلقى خبرا عن نجاح الغير وانجازاتهم
نبرة صوتها الصادقة و ملامح وجهها المتأثرة لما تسمع اخبار الآخرين سواء كانت مفرحة او محزنة
تتأثر بصدق .. تفرح بصدق وتحزن بصدق .. لا أذكر اني رأيتها او سمعتها تشمت بالغير .. أبدا .. ولم أر في حياتي ملامح الغيرة او الحسد في وجهها
وعلى هذا المنوال نشئنا.. ورثتنا طبيعتها .. أنا وخالاتي من قبلي وحتى اخوالي الرجال
في صغري كنت اسمع خالاتي يقلن انهن تربين (غبيات) فبزواجهن واختلاطهن بعائلات اخرى اكتشفن وجها بشعا للناس لا يعرفنه ولم يختبرنه ولم يتصورن وجوده
بزواج خالاتي من قبلي كبرت وانا اتوقع ان هناك ناسا سيئين .. لكن صراحة لم اتصور ان هناك كل ذاك الكم الهائل من الحسد والغيرة في قلوب البعض .. لم أكن ادرك معنى الحسد .. وكنت اتفاجأ من كلام وتعليقات من حولي لما ابتعدت عن بيئة جدتي
كنت اتضايق .. لم استطع إدراك ما يحدث حولي .. في أحد المرات خطبت إحدى الجارات في بيئتي الجديدة .. وكنت قد صادقت تلك الفتاة حينها الله يرحمها برحمته الواسعة .. جائتني احداهن لتزف لي الخبر .. وكم سعدت له .. مازلت أذكر كيف انها كانت تتفرس في ملامح وجهي وهي تخبرني ان فلانة خطبت .. ثم لما رأت فرحتي سألتني مستغربة : يعني لم تتضايقي انها خطبت قبلك .. بل و هي أصغر منك .. !!!!!
مع الوقت أدركت أن في بيئتي الجديدة الغيرة و الحسد ديدن و يكاد يكونان طبيعة وفطرة خخخخ هم يضحك ويبكي
مازلت أحمد الله ومازلت ممتنة جدا لجدتي التي غرست فينا بذرة خير تأتي أكلها الطيب علينا كل حين
مضت فترة شككت فيها في طبيعتنا التي لا تغار.. تسائلت فعلا ان كان عدم الغيرة أمر جيد وصحي .. فأنا ارى من حولي يستشيطون غيرة بكل ثقة .. الواثقين يحسدون ويحسبون ويشمتون بكل ثقة .. شككت اننا ربما لسنا طبيعيين .. ربما نعاني من خلل في أنفسنا فكيف لا نحسد ولا نتطلع للنعم التي يرفل فيها غيرنا .. كيف نفرح لهم .. ما شأننا بهم .. ربما نحن ضعفاء ومحدودي الفكر .. فالأقوياء والأذكياء لا يفرحون لغيرهم ..
والله مضت تلك الفترة وانا أبحث عن اجابات مقنعة .. صدقت لفترة ان عدم الغيرة عيب .. وعدم الاكتراث لما في يد الغير غباء وغفلة .. وربما برود و اعتراف بالضعف والنقص
ورغم اضطرابي حينها الا اني لم استطع تبني الغيرة كديدن ومنهج ..
مع الوقت ومع ردات فعلي التي تشبه ردات فعل جدتي أدركت أنها غرست فينا كنزا نادرا ..
ورثتنا قوة لا تقهر .. فكم من مرة أراد الغير إغاضتي بغيري .. ردات فعلي اللامبالية كانت قاهرة .. فلانة ( التي تعتبر عدوتي ) كسبت وعلانة ارتقت وما شأني انا .. الله يزيدها من فضله ويرزقنا من فضله
والله أفرح من قلبي لإنجازات غيري .. حتى ان اختلفت معهم .. ليس ضعفا .. وليس تذللا .. بل هي طبيعة فينا اننا نحب الانجاز .. ثم اني شخصيا لا اكترث كثيرا بغيري وتفاصيل حياتهم .. الله يسهل على كل واحد أموره .. زاد تمسكي بمبدئي هذا لما سمعت عن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من حسن إسلام المرء تركه مالايعنيه )
منطقيا اذا كان الواحد عايش حياته فلماذا اضعه تحت المجهر وأدقق على تفاصيله.. لدي حياة تعنيني فلأنشغل بها .. وأحاول تحقيق ما أصبو اليه
فيما مضى اعتبرت ان عدم ملاحظة حياة غيري غفلة وغباء .. يعني صدقت الاقوياء الاذكياء من حولي .. فحاولت ان أكون فطنة لماحة.. ارصد اي تغير وألاحظ أي جديد .. هههه كدت أجن .. صوت داخلي كان يصرخ بشدة ان توقفي ايتها التافهة الفارغة ههه .. الناس عايشة حياتها وانت تتلصصين عليهم !!!!!
حاليا أدركت فعلا كم أن جدتي حفظها الله ورعاها امرأة بأتم معنى الكلمة .. أدركت فعلا ان الغيرة والحسد أمر مشين.. وأنهما يضران صاحبهما ليس إلا .. وان ضررهما فادح على كل الاصعدة .. نفسيا وصحيا واجتماعيا
فمن صفات أهل الجنة ان الله سبحانه وتعالى يرفع الغل والغيرة والغيرة من قلوبهم .. وتحل محلها الغبطة والسرور
وهناك حديث صحيح للرسول عليه الصلاة والسلام: لا يمكن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
فالحمد لله اننا مسلمين.. لدينا مراجعنا الثابتة الراسخة التي تعلمنا كيف تفكر وكيف نتعامل
هذه الفضفضة من اروع ما كتبتي حتى الآن لي عودة