*شقة مستأجرة 60 عاما...*
مكتبة الأسد..حديقة الأسد..سد الأسد..مشفى الأسد..بحيرة الأسد..مطار الأسد...مدينة الأسد سوريا الأسد...جيش الأسد...جامعة الأسد...حتى العملة مدبج عليها صورة الأسد
.....رحم الله شاعرنا نزار قباني الذي كان يواري ويعني ماكان يقول.... !!!
......هذه البلاد شقة مفروشة !
هـذي البـلاد شـقـةٌ مفـروشـةٌ ، يملكها شخصٌ يسمى عنتره …
يسـكر طوال الليل عنـد بابهـا ، و يجمع الإيجـار من سكـانهـا ..
و يطلب الزواج من نسـوانهـا ، و يطلق النـار على الأشجـار …
و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المعطـره ...
هـذي البـلاد كلهـا مزرعـةٌ شخصيـةٌ لعنـتره …
سـماؤهـا .. هواؤهـا … نسـاؤها … حقولهـا المخضوضره …
كل البنايـات – هنـا – يسـكن فيها عـنتره …
كل الشـبابيك عليـها صـورةٌ لعـنتره …
كل الميـادين هنـا ، تحمـل اسـم عــنتره …
عــنترةٌ يقـيم فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز …
و فـي زجـاجـة الكولا ، و فـي أحـلامنـا المحتضـره ...
مـدينـةٌ مهـجورةٌ مهجـره …
لم يبق – فيها – فأرةٌ ، أو نملـةٌ ، أو جدولٌ ، أو شـجره …
لاشـيء – فيها – يدهش السـياح إلا الصـورة الرسميـة المقرره ..
للجـنرال عــنتره …
فـي عربـات الخـس ، و البـطيخ …
فــي البـاصـات ، فـي محطـة القطـار ، فـي جمارك المطـار..
فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا …
و فـي كل فئـات العمـلة المزوره …
فـي غرفـة الجلوس … فـي الحمـام .. فـي المرحاض ..
فـي ميـلاده السـعيد ،
فـي قصـوره الشـامخـة البـاذخـة المسـوره …
مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينـة المسـتعمره …
فحزننـا مكررٌ ، وموتنـا مكررٌ ،ونكهة القهوة في شفاهنـا مكرره …
فمنذ أن ولدنـا ،و نحن محبوسون فـي زجـاجة الثقافة المـدوره …
ومـذ دخلـنا المدرسـه ،و نحن لاندرس إلا سيرةً ذاتيـةً واحـدهً …
تـخبرنـا عـن عضـلات عـنتره …
و مكـرمات عــنتره … و معجزات عــنتره …
ولا نرى في كل دور السينما إلا شريطاً عربياً مضجراً يلعب فيه عنتره …
لا شـيء – في إذاعـة الصـباح – نهتـم به …
فـالخـبر الأولــ – فيهـا – خبرٌ عن عــنتره …
و الخـبر الأخـير – فيهـا – خبرٌ عن عــنتره …
لا شـيء – في البرنامج الثـاني – سـوى :
عـزفٌ – عـلى القـانون – من مؤلفـات عــنتره …
و لـوحـةٌ زيتيـةٌ من خـربشــات عــنتره ...
و بـاقـةٌ من أردئ الشـعر بصـوت عـنتره …
هذي بلادٌ يمنح المثقفون – فيها – صوتهم ،لسـيد المثقفين عنتره …
يجملون قـبحه ، يؤرخون عصره ، و ينشرون فكره …
و يقـرعون الطبـل فـي حـروبـه المظـفره …
لا نجـم – في شـاشـة التلفـاز – إلا عــنتره …
بقـده الميـاس ، أو ضحكـته المعبـره …
يـوماً بزي الدوق و الأمير … يـوماً بزي الكادحٍ الفـقير …
يـوماً عـلى طـائرةٍ سـمتيـةٍ .. يوماً على دبابة روسيـةٍ …
يـوماً عـلى مجـنزره …
يـوماً عـلى أضـلاعنـا المكسـره …
لا أحـدٌ يجـرؤ أن يقـول : " لا " ، للجـنرال عــنتره …
لا أحـدٌ يجرؤ أن يسـأل أهل العلم – في المدينة – عن حكم عنتره …
إن الخيارات هنا ، محدودةٌ ،بين دخول السجن ،أو دخول المقبره ..
لا شـيء فـي مدينة المائة و خمسين مليون تابوت سوى …
تلاوة القرآن ، و السرادق الكبير ، و الجنائز المنتظره …
لا شيء ،إلا رجلٌ يبيع - في حقيبةٍ - تذاكر الدخول للقبر ، يدعى عنتره …
عــنترة العبسـي … لا يتركنـا دقيقةً واحدةً …
فـ مرة ، يـأكل من طعامنـا … و مـرةً يشرب من شـرابنـا …
و مرةً يندس فـي فراشـنا … و مـرةً يزورنـا مسـلحاً …
ليقبض الإيجـار عن بلادنـا المسـتأجره
الحمد لله.. انتهى عقد الإيجار