رازيا
~◦ღ( مميزة في قسم الإستشارات الزوجية )ღ◦
- إنضم
- 5 أغسطس 2010
- المشاركات
- 11,180
أبتهل إلى الله ، مالك الملك ، قاضي الحاجات ، ومُفَرِّج الكربات ، من يجيب المضطر إذا دعاه ، منتهى كل نجوى ، وسامع كل شكوى ، وكاشف كل بلوى ؛ أن يكشف همَّك ، ويُطَمئِنَ قلبك ، ويزيد إيمانك ، ويحفظك من بين يديك ومن خلفك ، وعن يمينك وشمالك ، ويسعدك في الدنيا والآخرة ، اللهم آمين .
إليكَ وإلا لاتشد الركائبُ . . ومنك وإلا لاتنال الرغائبُ
وفيك وإلا فالرجاء مخيب . . وعنك وإلا فالمحدث كاذب
لديك وإلا لاقرار يطيب لي . . عليك وإلا لاتسيل السواكب
إليه سبحانه شُدِّي ركابكِ ، تضرعي إليه ، بِقَلبٍ وَجِلْ ، وعين دامعة ، ونفسٍ منكسرة ، ثقي به ، وتوكَّلي عليه ، فما خاب من كان رجاؤه في مولاه الغني القادر ، قفي بين يديه متذلِّلة مفتقرة ، باكية مُتَمَسْكِنَة ، سليه واثقة بأن الخير بين يديه ، سليه مؤمنة أن سعادتك فيما قضاه وقدَّره ، سليه مُتَحيِّنة ساعات الإجابة ، سليه أن يهديكِ لأحسن الأقوال والأعمال ، ألِحِّي عليه بالدعاء ، سليه أن يسعدك في الدنيا والآخرة ، وأن يَحفظ ابنك ، وأن يكفيكِ شرور زوجك ، وقَدِّمي بين يدي ذلك صدقة ولو بالقليل، وعليك بالحفاظ على أوامر الله وفرائضه، الصلاة الصلاة في وقتها، وصلة الرحم، والبعد عن المحرمات ما صَغُر منها وما عَظُم، والتزمي الستر والحجاب فإنهما علامة المرأة المسلمة ، وابتعدي عن مجالس الغيبة وما لا فائدة منه ، واقتربي من أهل الخير والصلاح ، وبعد ذاك اهنئي بالغيث المدرار من رب الأرباب، ومُسَبِّب الأسباب سبحانه وتعالى.
قال أبو حازم رحمه الله: (لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله، إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يغور فيما بينه وبين الله عز و جل إلا أغور فيما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها؛ إنك إذا صانعت هذا الوجه مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنفتك الوجوه كلها) (صفة الصفوة ) .
واعلمي أن من أعظم الأدعية في إذهاب الهمّ والغم والإتيان بعده بالفرج : الدعاء العظيم المشهور الذي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم كلّ من سمعه أن يتعلّمه ويحفظه : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) ( رواه الإمام أحمد في المسند : 1/391 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة : رقم 198 ) .
وهنا أعرض لكِ ثلاث مسائل :
الأولى: أحيلي الألمَ أملاً جاء في الحديث الحسن : ( عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزَلينَ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ ) .
إن الله سبحانه يعجب كما في هذا الحديث الشريف من دخول اليأس الشديد على قلوب العباد ، مع قرب تغييره الحال إلى حال أخرى بكلمة واحدة، وهي كن فيكون ، ينظر إلينا سبحانه بعينه ، أزلين : واقعين في الشدة ، قنطين : يائسين من الفرج .
فذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حال الإنسان وحال قلبه؛ حاله أنه واقع في شدة، وقلبه قانط يائس مستبعد للفرج ، فيظل سبحانه الرحيم يضحك من حالنا العجيبة الغريبة ، وهي قنوطنا من رحمة أرحم الراحمين ، لعلمه سبحانه أن زوال الشِّدَّة قريب على يديه تعالى .
ذكر الإمام الذهبي رحمه الله ، في ترجمة أبي مسلم الخولاني رحمه الله ، أن أبا مسلم كان من الصالحين العباد ، اشتكت إليه زوجته الفقر الذي هو فيه ، وأنه لا دقيق تصنع منه خبزاً ، قال : لها هل في البيت مال ؟ قالت دينارٌ واحد ، قال : أعطني إياه أشتري لكم به دقيق ، وخرج إلى السوق ليشتري بهذا الدينار دقيقاً ..لمّا وصل إلى السوق قبل أن يشتري الدقيق جاءه رجلٌ سائلٌ ، عليه المسكنة ظاهرةٌ بادية ، فأعطى أبو مسلم السائل الدينار ولم يبقى في يديه شيء ، لم يبقَ في يديه إلا الكيس الذي خرج به من بيته ليشتري ويضع فيه الدقيق ، فعمد إلى صاحبِ خشب ونجارة فأخذ نجارة الخشب وملأ بها الكيس وحملة على ظهره وعاد إلى بيته ، ووضع الكيس بين يدي امرأته وتنحى في غرفةٍ أخرى ينتظر قدر الله ،ما هي إلا برهة وإذا بالمرأة تأتي له بالخبز! فقال لها من أين الدقيق ؟ قالت : سبحان الله ! مِن الكيس الذي أتيت به ! فسكت وأخذ يأكل وهو يبكي.
إن حسن الظن بالله جل وعلا من أعظم العبادات وأجل الطاعات ، تجاوزي اليأس ، فهو سيما العاجزين البائسين ، سببٌ للانهزام ، مدعاةٌ لفقد التحكم بالإرادة ، فكلَّما اشتدت الأمور سوءاً ، واستحكمت الهموم والغموم ، وزادت الكروب ، وضاقت السُّبل ، وتقطَّعت الحبال ، وبارت الحيل ، ورأيتِ ألاَّ حول لكِ ولا قوَّة ، تَيَقَّني أن الفرج قريب . . إنَّ الغنى يأتي بعد الفقر، والفجر ينبثق من حلكة الليل ، والسَّعة تكون بعد الضيق ، والفَرَج يولد من رحم الأزمة ، والأمَلَ يلوح بعد الألم ، بل إن العسر محفوف بيسرين، يسر سابق ويسر لاحق ، قال ابن عباس رضي الله عنه : ( لَن يَغلُبَ عسرٌ يُسرَين ) ، قال الله تعالى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )( الشرح / 5 ).
الثانية: أعيدي دراسة واقعك
إني مع تَفَهُّمي لوضعك ، لأعجب من حالك ، إن الزواج حقوق وواجبات، مودَّة ورحمة، أخذ وعطاء، تعاون وتفاهم، راحة وطمأنينة وسكينة ، ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )( الروم:21 ) .
إنَّكِ في حاجة إلى من يحميكِ ، ويرعاك ، لا أن يكون مصدر شقاء وتعاسة لك ، لن ينجح زواج يقوم على الكراهية ، والتعنيف ، والإيذاء النفسي والجسدي ، إن زواج كهذا لن يُنْتج إلا الهم والغم والأمراض التي لا تنتهي .
امرأة عاشت رحلة البؤس والعذاب هذه ، أليس في إمكاناتها أن تنتصر على خوفها ، وتَتَمَرَّد على واقعها ، وتشتري سعادتها ، وتُحَرِّرَ نفسها من هذه القيود الكئيبة ، لتطلب الخُلع من هذا المسخ الذي تخلَّى عن آدميته .
إن تفريط زوجك بحقوق العلاقة الزوجية وواجباتها وغدره بك واخذ فلوسك ، نتيجة لجهله بأحكامها وآدابها ، أو تجاهله لذلك ، سبب للمشكلات والأزمات التي ترينها ، وهو سبب للهزَّات العنيفة التي غَمَّتكِ في حياتك ، وسبب أيضاً لزعزعة أركان علاقتكم الأسرية ، وانفصام عرى الود بينكما .
الثالثة: استودعي الله ابنك
اذا كان ابنك منه فهو الورقة التي يلعب بها زوجك ، هو يدرك أنَّكِ لن تفرطي به ، وستَتَحَمَّلين في سبيل بقائه لديك كل شيء ، لكن ما يجب أن تدركيه أنتِ أنه في حفظ الله ورعايته ، وأنَّكِ لن تكوني أرحمُ به من خالقهن سبحانه ، فقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد فرق بينها وبين ولدها، فجعلت كُلَّما وجدت صبيًا من السبي أخذته فألصقته بصدرها، وهي تَدُور على ولدها، فلما وجدته ضمته إليها وألقمته ثديها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أترون هذه طارحة ولدها في النار ، وهي تقدر على ألا تطرحه؟ ) قالوا: لا يا رسول الله . قال : ( فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها ) ( صحيح البخاري "5999" وصحيح مسلم " 2754 " ) .
ثقي بالله سبحانه ، واستودعيه الرحمن الرحيم ، وما يدريك ، لعلَّ الله السميع القادر أن يهدي هذا الزوج الخائن للعشرة . . وإذا لم يكن هناك معيناً لكِ ، فَجِدِي محامياً يتولى هذا الأمر عنك ، واشتري سعادتك ، وسعادة ابنك
.
إليكَ وإلا لاتشد الركائبُ . . ومنك وإلا لاتنال الرغائبُ
وفيك وإلا فالرجاء مخيب . . وعنك وإلا فالمحدث كاذب
لديك وإلا لاقرار يطيب لي . . عليك وإلا لاتسيل السواكب
إليه سبحانه شُدِّي ركابكِ ، تضرعي إليه ، بِقَلبٍ وَجِلْ ، وعين دامعة ، ونفسٍ منكسرة ، ثقي به ، وتوكَّلي عليه ، فما خاب من كان رجاؤه في مولاه الغني القادر ، قفي بين يديه متذلِّلة مفتقرة ، باكية مُتَمَسْكِنَة ، سليه واثقة بأن الخير بين يديه ، سليه مؤمنة أن سعادتك فيما قضاه وقدَّره ، سليه مُتَحيِّنة ساعات الإجابة ، سليه أن يهديكِ لأحسن الأقوال والأعمال ، ألِحِّي عليه بالدعاء ، سليه أن يسعدك في الدنيا والآخرة ، وأن يَحفظ ابنك ، وأن يكفيكِ شرور زوجك ، وقَدِّمي بين يدي ذلك صدقة ولو بالقليل، وعليك بالحفاظ على أوامر الله وفرائضه، الصلاة الصلاة في وقتها، وصلة الرحم، والبعد عن المحرمات ما صَغُر منها وما عَظُم، والتزمي الستر والحجاب فإنهما علامة المرأة المسلمة ، وابتعدي عن مجالس الغيبة وما لا فائدة منه ، واقتربي من أهل الخير والصلاح ، وبعد ذاك اهنئي بالغيث المدرار من رب الأرباب، ومُسَبِّب الأسباب سبحانه وتعالى.
قال أبو حازم رحمه الله: (لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله، إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يغور فيما بينه وبين الله عز و جل إلا أغور فيما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها؛ إنك إذا صانعت هذا الوجه مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنفتك الوجوه كلها) (صفة الصفوة ) .
واعلمي أن من أعظم الأدعية في إذهاب الهمّ والغم والإتيان بعده بالفرج : الدعاء العظيم المشهور الذي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم كلّ من سمعه أن يتعلّمه ويحفظه : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) ( رواه الإمام أحمد في المسند : 1/391 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة : رقم 198 ) .
وهنا أعرض لكِ ثلاث مسائل :
الأولى: أحيلي الألمَ أملاً جاء في الحديث الحسن : ( عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزَلينَ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ ) .
إن الله سبحانه يعجب كما في هذا الحديث الشريف من دخول اليأس الشديد على قلوب العباد ، مع قرب تغييره الحال إلى حال أخرى بكلمة واحدة، وهي كن فيكون ، ينظر إلينا سبحانه بعينه ، أزلين : واقعين في الشدة ، قنطين : يائسين من الفرج .
فذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حال الإنسان وحال قلبه؛ حاله أنه واقع في شدة، وقلبه قانط يائس مستبعد للفرج ، فيظل سبحانه الرحيم يضحك من حالنا العجيبة الغريبة ، وهي قنوطنا من رحمة أرحم الراحمين ، لعلمه سبحانه أن زوال الشِّدَّة قريب على يديه تعالى .
ذكر الإمام الذهبي رحمه الله ، في ترجمة أبي مسلم الخولاني رحمه الله ، أن أبا مسلم كان من الصالحين العباد ، اشتكت إليه زوجته الفقر الذي هو فيه ، وأنه لا دقيق تصنع منه خبزاً ، قال : لها هل في البيت مال ؟ قالت دينارٌ واحد ، قال : أعطني إياه أشتري لكم به دقيق ، وخرج إلى السوق ليشتري بهذا الدينار دقيقاً ..لمّا وصل إلى السوق قبل أن يشتري الدقيق جاءه رجلٌ سائلٌ ، عليه المسكنة ظاهرةٌ بادية ، فأعطى أبو مسلم السائل الدينار ولم يبقى في يديه شيء ، لم يبقَ في يديه إلا الكيس الذي خرج به من بيته ليشتري ويضع فيه الدقيق ، فعمد إلى صاحبِ خشب ونجارة فأخذ نجارة الخشب وملأ بها الكيس وحملة على ظهره وعاد إلى بيته ، ووضع الكيس بين يدي امرأته وتنحى في غرفةٍ أخرى ينتظر قدر الله ،ما هي إلا برهة وإذا بالمرأة تأتي له بالخبز! فقال لها من أين الدقيق ؟ قالت : سبحان الله ! مِن الكيس الذي أتيت به ! فسكت وأخذ يأكل وهو يبكي.
إن حسن الظن بالله جل وعلا من أعظم العبادات وأجل الطاعات ، تجاوزي اليأس ، فهو سيما العاجزين البائسين ، سببٌ للانهزام ، مدعاةٌ لفقد التحكم بالإرادة ، فكلَّما اشتدت الأمور سوءاً ، واستحكمت الهموم والغموم ، وزادت الكروب ، وضاقت السُّبل ، وتقطَّعت الحبال ، وبارت الحيل ، ورأيتِ ألاَّ حول لكِ ولا قوَّة ، تَيَقَّني أن الفرج قريب . . إنَّ الغنى يأتي بعد الفقر، والفجر ينبثق من حلكة الليل ، والسَّعة تكون بعد الضيق ، والفَرَج يولد من رحم الأزمة ، والأمَلَ يلوح بعد الألم ، بل إن العسر محفوف بيسرين، يسر سابق ويسر لاحق ، قال ابن عباس رضي الله عنه : ( لَن يَغلُبَ عسرٌ يُسرَين ) ، قال الله تعالى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )( الشرح / 5 ).
الثانية: أعيدي دراسة واقعك
إني مع تَفَهُّمي لوضعك ، لأعجب من حالك ، إن الزواج حقوق وواجبات، مودَّة ورحمة، أخذ وعطاء، تعاون وتفاهم، راحة وطمأنينة وسكينة ، ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )( الروم:21 ) .
إنَّكِ في حاجة إلى من يحميكِ ، ويرعاك ، لا أن يكون مصدر شقاء وتعاسة لك ، لن ينجح زواج يقوم على الكراهية ، والتعنيف ، والإيذاء النفسي والجسدي ، إن زواج كهذا لن يُنْتج إلا الهم والغم والأمراض التي لا تنتهي .
امرأة عاشت رحلة البؤس والعذاب هذه ، أليس في إمكاناتها أن تنتصر على خوفها ، وتَتَمَرَّد على واقعها ، وتشتري سعادتها ، وتُحَرِّرَ نفسها من هذه القيود الكئيبة ، لتطلب الخُلع من هذا المسخ الذي تخلَّى عن آدميته .
إن تفريط زوجك بحقوق العلاقة الزوجية وواجباتها وغدره بك واخذ فلوسك ، نتيجة لجهله بأحكامها وآدابها ، أو تجاهله لذلك ، سبب للمشكلات والأزمات التي ترينها ، وهو سبب للهزَّات العنيفة التي غَمَّتكِ في حياتك ، وسبب أيضاً لزعزعة أركان علاقتكم الأسرية ، وانفصام عرى الود بينكما .
الثالثة: استودعي الله ابنك
اذا كان ابنك منه فهو الورقة التي يلعب بها زوجك ، هو يدرك أنَّكِ لن تفرطي به ، وستَتَحَمَّلين في سبيل بقائه لديك كل شيء ، لكن ما يجب أن تدركيه أنتِ أنه في حفظ الله ورعايته ، وأنَّكِ لن تكوني أرحمُ به من خالقهن سبحانه ، فقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد فرق بينها وبين ولدها، فجعلت كُلَّما وجدت صبيًا من السبي أخذته فألصقته بصدرها، وهي تَدُور على ولدها، فلما وجدته ضمته إليها وألقمته ثديها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أترون هذه طارحة ولدها في النار ، وهي تقدر على ألا تطرحه؟ ) قالوا: لا يا رسول الله . قال : ( فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها ) ( صحيح البخاري "5999" وصحيح مسلم " 2754 " ) .
ثقي بالله سبحانه ، واستودعيه الرحمن الرحيم ، وما يدريك ، لعلَّ الله السميع القادر أن يهدي هذا الزوج الخائن للعشرة . . وإذا لم يكن هناك معيناً لكِ ، فَجِدِي محامياً يتولى هذا الأمر عنك ، واشتري سعادتك ، وسعادة ابنك
.