مرحبآ !

من خلال التسجيل في صفحات نسوة يمكنك ذلك من المشاركه وتبادل الآفكار الأيحابيه مع زميلاتك

آشتركي معنا الآن !

الرجل العجوز ونظارة ابي"هذا هو عالمي"

راجيه الرضا

مراقبة و متميزة أقسام نسوة
إنضم
18 فبراير 2017
المشاركات
14,541
تسمّرت مكاني وأنا أرى العجوز الذي أوصاني أبي عليه، لقد وصل من الشمال قبل أيام دون أن يأخذ معه من منزله شيئا.

يقول لي بصوت مرتعش: أخبرني أبوك أن تمنحيني نظارته، فأنا لا أرى، وقد ذابت ذاكرة نظارتي تحت أكوام الركام. ولا نظارات في مراكز البصريات!
سألته مستغربةً : وكيف سترى بها يا عمّ إن لم تكن على مقاس بصرك؟!
: ضوء زهيد مع بصيرتي يكفيني !
كدتُ أقول له: وماذا تريد بالنظارة يا سيدي، أنت لن ترى سوى الموت والدماء والقصف، سِرْ ببصيرتك وحدها، ووزع الحكمة على عيون لسعها اللهب.. ماذا تريد أن ترى؟ وليس هنا سوى الدمار

لكنني اختصرت حديثي وعانقتُ نظارة أبي قبل أن أعطيها للشيخ العجوز، وقلت له باسمةً: لقد اشترى أبي نظارته هذه قبل الحرب! فلعلك ترى العالم بها كما كان يراه أبي؟

فتناولها مني بيدين مرتعشتين، وأخذ يلبسها ببطء مصباحٍ قديم، أما أنا فبقيتُ صامتةً خاشعةً أقرأ عينيه الرماديتين الذابلتين اللتين نحتهما الغروب. وهو يقول: الحمد لله اليوم سأرى مصحفي..
نظرت إليه وهو يلبسها، ثم فتح المصحف، ووجَّه كشّافا صغيرا على الكلمات، ثم قال والدمع يفيض من عينيه: هذا هو عالمي!
فلم أتمالك نفسي وأنا أقول له: يا الله! وكأنني أرى في عينيك عالم أبي!

#مريم_قوش

٢٣. يوليو. ٢٠٢٤م.
 
أعلى