كيد النساء
مشرفة سابقة
- إنضم
- 19 فبراير 2007
- المشاركات
- 1,446
وقال بصوتٍ ناعمٍ :" افتحوا الباب يا أولادي الأعزاء , فأنا أمكم , وقد جلبت لكم معي ...".
رفعت حاجبيها ومطت شفتيها وهي تحاول تغيير صوتها ثم رفعت رأسها لتنظر لصغارها . ولكن .. كان الجميع مستغرقاً قي النوم .. كانت ليلة باردة جداً .. لذا لاذت ليلى برفقة أطفالها إلى غرفة الجلوس الهادئة التي أخلتها من كل المثيرات الإلكترونية .. فرتبتها بطريقة مريحة لها ولصغارها .
كانت المدفأة ترسل دفئها من أحد أركان الحجرة ,, قريباً من المكتبة , التي تزخر بشتى أنواع القصص والكتب .. وفي الأدراج وضعت لكل طفل ألوان وكراسات وصلصال.
أغلقت القصة , وهي ترنو لإحبتها .. كان إبراهيم ملتف بلحافه الأصفر ..أما غادة فنامت وزجاجة الحليب في فمها وبضع قطرات تسيل على خدها .. فيما نام أنس وهو يضع رأسه على حجرها ..
تأملت ملامحهم البريئة المختلفة !!
إبراهيم أبيض البشرة متورد الوجنتين وأنس قمحي بشعر مجعد
بينما ورثت غادة عنها شعرها الناعم
فعادت بها الذاكرة إلى مستشفى الولادة !!
إلى تلك الأيام التي كانت فيها المرافقة الدائمة لإخواتها وزوجات إخوتها ..
بل إلى ذلك اليوم بالتحديد الذي قلب حياتها رأساً على عقب !!
ففي ذلك اليوم كانت ليلى مرافقة مع أختها التي ولدت بعملية قيصرية ..
كان الصغير في الحضانة وأختها نائمة .. فتناولت حقيبتها- التي كانت ترتبها وتجهزها منذ أن تكون إحدى حوامل العائلة في شهرها السابع فتضع بها : منشفة , صابون , مشط , شرشف ووسادة صغيرة , رواية , مجلات تسالي وكلمات متقاطعة , مسجلة صغيرة وكاسيت لأحب مطربيها..والكثير من الشوكولاه .. – حملت حقيبتها واتجهت إلى الأسفل للإستراحة الكبيرة .. لم تستطع النوم جيداً.. فهذه تخرج وتلك تدخل وهذه تتحدث بصوت عال .. وأخيراً قررت النهوض , فأحبت أن تتجول قليلاً في الأقسام ..
لذا إتخذت طريقاً مختلفاً وزارت قسماً جديداً ..
كان قسماً هادئاً نوعاً ما .. جميع الصغار نائمون في أسرتهم , إلا هو
كان يلهو مع الممرضة المناوبة اللطيفة , رفع رأسه ونظر إلى ليلى فيما هو يبتسم .. كأنه يرحب بها ويدعوها للمشاركة ..
تررددت ليلى خوفاً من أن الممرضة لن تسمح لها بالدخول فالوقت ليس وقت زيارة ! ثم إقتربت فنظرت إليها الممرضة وهي تبتسم بود ..
" كـ كيف حالك ..؟
مد يده لليلى " سلاآآآآم .. فتناولت يده بسرعة
"وعليكم السلام حبيبي ..
قالت الممرضة وهي تنظر لليلى " أنه يحب الناس .. ثم نظرت للصغير وقالت مارأيك أنس هل تريها لعبتك ..
" نعم .. ومد يده بلعبته لليلى ..
كان وجهه شاحباً نوعاً ما .. وصوت تنفسه مسموعاً وسريعاً ..
لعب ثلاثتهم قليلاً .. ثم قالت الممرضة وهي تنظر لأنس الذي دبّ في عينيه النعاس
" هيا حبيبي لتنم قليلاً .. قبلته وعدلت الوسادة والسرير ثم أطفأت النور
وغادرت الحجرة هي وليلى
" يبدو لطيفاً .. لقد أحببته .. الله يحفظه لأمه ..
قالت الممرضة بألم " كلا .. هو يتيم , جاء إلينا من دار الإيتام ..
صُدمت ليلى .. وسئلت بألم
" مامرضه ؟
" الربو .. يعاني من ربو مزمن ..
عادت ليلى إلى الإستراحة وهي حزينة ومتألمة .. شعرت بالخزي من نفسها من حياتها وتفاهتها !
ثم بكت وبكت ولم تشعر بالمرأة التي جلست بجانبها .. " مابكِ ياأختي ؟ .."
نظرت ليلى إلى المرأة المبتسمة ذات الوجه الودود ..كانت المرأة ممسكة بإحدى يديها كتيب صغير وفي اليد الأخرى تناولت يد ليلى وهي تربت عليها ..
ردت ليلى وهي تخفض بصرها للأرض " خائفة
" ...
" خائفة من نفسي , أين ستأخذني .. اكتشفت اليوم شيئاً رهيباً آلمني .. شعرتُ بأني مغيبة عن الواقع , بل أحسست كأن جزءً من جسدي مريض ولكني مخدرة فلم أشعربه !!!
" عزيزتي .. الكون لم يوجد صدفة !
وكل مايحيط بنا ومايستجد بحياتنا ويستوقفنا ليجعلنا نتسائل من نحن ؟ بل كل مايصفعنا بقوة لنتوقف ونلتفت للخلف .. للطريق الذي اتخذناه ثم للطريق الذي مازلنا نعبره , كل ذلك علامات وتنبيهات .. توقظنا من سباتنا .. هو لطف من الله , فلما البكاء !
أتدركين ماأعنيه عزيزتي ..
فكرت ليلى وهي تقول " أعتقد ذلك ..
.. أصبحت ليلى تزور أنس في كل وقت تشتري له الألعاب وتلهو معه .. تركب المركبات , وتعلق البلونات .. تشتري الورود وتزين الحجرة بها .. وتحكي له كل ماتسنى لها حكاية ما قبل النوم
إلى أن جاء وقت مغادرة أختها وطفلها من المشفى ..
" مريم .. سأزور أنس لـ ..لإودعه !
كان يسعل كثيراً ووجهه مزرقاً .. وأنبوب الأكسجين يغطي نصف وجهه وعلى الرغم من ذلك كانت سعادته واضحة عندما رأى ليلى
لم تستطع ليلى أن توقف إنهمار دموعها .. ولم تستطع أن تتوقف عن إحتضانه وتقبيل يديه .. كان مشهداً مؤلماً .. حاولن الممرضات التخفيف عنها ولكن لم يسعهن إلا البكاء هن ايضاً .
عادت ليلى لمنزلها بروح ووجه غير الذي غادرته , كانت تفكر بأنس كثيراً , كأم تركت طفلها خلفها .
وفجأة لمعت فكره في رأسها الصغير ..
سئلت أمها التي كانت تقلب البصل في القدر
" أمي .. أمي مارأيك ..مارأيك أن نأتي بأنس هنا معنا
قالت أمها فيما كانت تغسل الطماطم
" معنا ..؟ كيف ؟!!
" نكفله.. تربينه .. نربيه كطفل لنا .. أرجوكِ أمي .. أرجوكِ
" آه ياعزيزتي .. أتمنى أن أحمل قدميّ فضلاً عن أن أحمل طفلاً آخر .. الروماتيزم لم يترك لي طاقة لأي شيء .."
ثم دفعت الطماطم لليلى كي تفرمها ..
" قطعاً صغيرة يابنتي .. ستأتي أختك منيرة لتتغدى عندنا ..
بعد الغداء حكت ليلى لمنيرة عن أنس
فشعرت منيرة بالشفقة عليه وأستأنست بفكرة أن تكفله وتحتضنه مع صغيرتيها ..
لكن والدتهم ردت " كيف .. تريدين أطفالاً .. لمادا لاتنجبي إذن ؟؟ ابنتك الصغرى اصبحت في الخامسة .. الرجل يريد ولداً من صلبه !!؟؟
فتخلت عن الفكرة بنفس السرعة التي تحمست بها !
فتخلت عن الفكرة بنفس السرعة التي تحمست بها !
حاولت ليلى أن تقنع الجميع حتى إخوتها , أن تذكرهم بفضل كفالة اليتيم ..لكن دون جدوى ..
وفي الصباح ذهبت ليلى لزيارة أنس مع أخوها محمد كانت مسروره تتحدث عنه طوال الوقت ..
واشترت له العديد من القصص الملئية بالصور الملونة , والعاب البازل التي تناسب عمره .. وغلفتها بطريقة جميلة وممييزه ..
دخلت المشفى .. وصعدت بسرعة إلى الطابق الثالث
كانت أشواقها وحبها يسبقانها إلى حجرة أنس
مرت من عند الإستقبال .. فرأتها الممرضة ونادت عليها
لكنها لم تسمعها .. أو كانت مشغولة بأنس
لكن
كان السرير مرتباً وخالياً
والحجرة مظلمة ..
يتبع ,,
التعديل الأخير: