في يوم من الأيام "مذكراتي"...

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
رهف ...
تحليلك أيضا للأحداث رائع ودقيق ....
بالنسبه لشخصيه زوجي فإني أراها عاديه ربما لأني أعتدت أصلا على أن أعيش في هذه البيئه منذ صغري ... فأرى أن هذا هو الطبيعي أن يحدث بين كل الأسر ... عشت في بيئه تهتم بالأبناء كثيرا بأبسط تفاصيلهم وتولي لهم إهتماما كبيرا في الحياه وتمنحهم جل الوقت والإهتمام ...


كلام الطبيبه كان بشكل عام وهذا خطأ .. كان عليها ألا تعمم .... وإن كان كلامها صحيحا برأيي كان من المفترض أن لاتقوله بهذه الطريقه .. بل تقوله بطريقه تجعل اهل المرضى يسعون للعلاج وان كان لاأمل منه.. وان كان لاأمل منه اطلاقا ... مجرد السعي يجعلهم يؤدون ماعليهم من أمانه نحو ابنهم .. هناك حالات صعبه للغايه ولم تلقى أي تطور أو تقدم ..حتى مع سنوات العلاج الطويله ...حتى المعالجين كانو يؤدون التمارين وفي داخلهم يعرفون ان هذا المريض لاأمل منه ... وهناك حالات لاقت تقدما لكن عند حد معين وليس تقدم كامل ... وهناك حالات عادت كالأشخاص الطبيعيين ..


كل ذلك يعتمد على حده المرض وقوته وأسبابه والإجتهاد في العلاج ....
مهما كان كان عليها إختيار الأسلوب الأمثل ...

شاكره لك ..
 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
( ١٦ ) ....

جاء الضيوف ..... كانت أمي تتحدث معهم بكلمات قليله... برسميه وهدؤوء وثقل ... رغم أننا نعرفهم .... رغم أنهم أشخاص مألوفين ... أعتدنا عليهم منذ وقت طويل .... كنت أتحدث معهم بإنفتاح كبير .... أندمج معهم بسرعه كبيره ... حتى أنهم تركو أمي وأصبحو يتحدثون معي ..... فيما أمي أكتفت بالصمت والإستماع .... وبالجلوس بالمكان بكل هدؤوء
كانت إحداهن تتحدث عن إبنتها ... وعن أطفالها الذين أنجبتهم بشكل متتالي جدااا ... وعن حياتها كيف أصبحت .... قلت بعفويه : ياه كيف هي صابره على هذا العدد ..
نظرت لي أمي وبصوت منخفض تحذيري قالت لي : حاسبي على كلامك ...
كنت أستغرب من أمي كثيرا .....فهؤلاء منا .. لم كل هذه الرسميه .... عندما رحلو ... قلت لأمي ..... اووووه ياأمي ..... كوني منفتحه على الناس ..!!! ... قالت أمي بهدوء كبير وكأنها تحدث نفسها عوضا عن الحديث معي : يجب أن أحاسب نفسي على كل كلمه أقولها ....!!!!

شعرت بصدمه في داخلي ..... وأكتفيت بالصمت ... بدأت أفكر بكلام أمي كثيرا .... وأتساءل .... هل الحياه معقده لهذه الدرجه ...؟!!!

تذكرت عندما كنت طفله .. كنت هادئه جدا أمام الضيوف .. وبكل الأحوال ...لاصوت لي ولاهمس ... ولاأي حركه ولاأي إزعاج ... فأمي دقيقه كثيرا ولاتعجبها هذه التصرفات .. كنت أشعر بأني لو أحدثت إزعاجا أمام الضيوف .. أو أنني أرد على الضيوف بنفس أسلوبهم وان كانو هم المتسببين ... فإني شخص قليل التربيه .. سيء الأخلاق ... فأمي لاتحتمل كل ذلك .. يصيبها إنهيار لو قال أحد الأشخاص ... إبنتك كثيره الحركه ... او أنتقد شيء ما في أبنائها ولو كان شيء عادي أو طبيعي ...

يهمها كثيرا نظره الناس لها .....

فلابأس أي يكون الضيوف مزعجين ... قليلو الإحترام .. أو منفتحين جدا .. أو لايهتمون بالذوق والإتيكيت .. ذلك مقبول جدا منهم ... أما نحن فغير مقبول إطلاقا أن نفعل ذلك ...حتى وانا صغيره كنت أشعر كثيرا بالضعف .... فأمي وأبي ينقادون جدا جدا لكلام الناس ... ولايحتمل أي احد منهم اي نقد سلبي تجاه العائله ... شعرت بأني ضعيفه للغايه ... فربط حياتي بكلام الناس او رأي الناس عني ... يجعلني بلا شخصيه .... يجعلني تحت رحمه الناس .. فأي تعليق عني حينها سيكون هو المتحكم في حياتي ... فإن قال الناس عني بأني مزعجه فهذا يعني في نظر امي وابي بأني مزعجه ... وان كنت غير ذلك ...

فكلام الناس هو المتحكم في النهايه ...

أمي دقيقه إلى حد كبيير ... تحب أن يكون كل شيء مثاليا ... فحتى بالمدرسه .. لايعجبها أي نقص بسيط في العلامات الدراسيه ... ولاأي خطأ بسيط .. لاتريد إلا العلامات الكامله .. لاتحب إلا أن ترى النجاحات العاليه ... دقتها في تعليم اخوتي وتعليمي في المدرسه ... جعل منا متفوقين كثيرا في الدراسه ..

فأخوتي كلهم يمتلكون شهادات عاليه ... لكن الفرق بيني وبينهم .. هو أن تفوقهم كان هادئ غير ملاحظ .. أما تفوقي كان واضحا .. ظاهرا للجميع ....

تأسيس أمي الدراسي كان متمهل .. بصبر طويل ... دقيق وعميق ... تسجلنا في كثير من الدورات ...تذاكر لنا كثيرا ...
وتطلب لنا معلمين خصوصين عند الحاجه ...
أمي مستعده لفعل أي شيء ... المهم أن نكون أشخاصا ناجحين ...



في أعماقي كنت أكره الدراسه بشكل كبير .. فإني أعلم بأنني ان لم اخذ العلامات الكامله فإن أمي سيصيبها الإستياء .... رغم أن امي كانت لينه جداا في التعامل ... ودوده ... لاتفعل أي شيء ولكن شعورها بالزعل والإحباط الكبير عندما ترى أي نقص يجعلني أشعر بحزن كبير ... فالدراسه مهمه جدا جدا بالنسبه لها ...
لطالما تمنيت أن أرى أمي سعيده وراضيه دائما ...


كنت أشعر بالضغط ... في داخلي أشعر أني مجبره .. فيجب ان اكون مجتهده بالدراسه وألا فأمي لن تكون سعيده ... كرهت الدراسه بشده ...
حتى بالمدرسه .. منذ بدايه دخولي لها .. كنت هادئه جداا ولست كبقيه الأطفال ... لم أكن أكسر .. ولم أكن أشاغب ..ولم أكن أتجاوز الكرسي الذي بمكاني .. ولاأصدر أي إزعاج كبقيه من هم بالصف .. بل أكره إزعاج الأطفال الذي لاينتهي ... فعالمي هادئ جدا ..


تغيضني كلمه هيا ياأطفال من أستاذه الصف .. فلا أشعر بأني طفله ابدااا .. بل امرأه راشده .. فأمي كانت دائما تعاملني وتتحدث معي كما تتعامل وتتحدث مع الكبار .. وليس مع الأطفال .. كنت أميل دائما الى مصادقه من هم أكبر مني سنا بكثير .... فمن هم في مثل سني تفكيرهم محدود .. وليس كتفكيري .. ولازلت ... أميل إلى من هم أكبر سنا مني بكثير ... أو الذين هم في مثل عمري ولكنهم أذكياء ... تفكيرهم واسع ودقيق ومنتبه في الحياه .....


كانت أمي عندما نرفض إحدى طلباتها .. تقول بإنفعال .. كل الناس حياتها هادئه وكل أم يطيعها أبناءها إلا أنتم ... لما أنا مختلفه عن كل الناس ...
شعرت في داخلي بأننا غير طبيعيين ... وبأننا أشخاص مختلفون عن هذا العالم ...


كنت أرى أمي وهي تعمل بالمدرسه .. مبتسمه دائما.. ملامحها مريحه .. مشرقه ...بلباس مرتب .. بسيط ومتواضع.. تسرح شعرها للوراء بطريقه جديه .. لاتضع المكياج..يكسو ملامحها الطمأنينه والوقار والسكينه.. من يرى كميه الطمأنينه والراحه التي تعلو ملامحها لايصدق بأنها تعاني من أي مشاكل في حياتها . ...

لدى أمي قوانين صارمه ... صارمه جداااا ... لم أجرؤ يوما على تجاوزها ... فأمي لاتتنازل ابدا فيما يخص المبادئ والقوانين. .
في داخلي ..... لاأستطيع مقاومه كل شخصيه شماليه شرقيه أراها في حياتي ..... فهم جذابون جداا .. إنهم يذكرونني بأمي ....


كان البقاء في بيت أهلي متعبا مع أطفالي .. فلم يبقى أحد في البيت لم يتشاجرو معه .. ولم تبقى فوضى لم يحدثوها ... زادت مشاغبتهم .. جننو العالم ... يتنقلون من شخص إلى آخر ....وكانو يتشاجرون يوميا مع أختي بالذات ..
رغم أنها وللغرابه الشديده من أقرب الناس لهم ..


كان ذلك يشكل ضغطا بالنسبه لي ...
كنت أخرج من البيت للمواعيد وعقلي مشغول بهم .. وأخاف دائما بأن يغضب منهم أي أحد في بيت أهلي .. أو يصرخ عليهم ... أو يضربهم أو يلقي عليهم أي كلمه ... فلصبر الأشخاص حدود...أعلم بأنهم المخطئين .. لكن لاأحتمل ذلك ...


لاأحتمل أن أرى أي شخص يتعرض لأطفالي بأي سوء بسيط ... ولو كان أعز الأشخاص بالنسبه لي..لم أستطع النوم بشكل جيد في بيت أهلي .. يجب أن أكون مستعده لحمايه أطفالي من غضب أي أحد تجاههم ... أراقبهم دائما .. طوال اليوم ...
لست أبالغ..
فأمي كانت تتصرف مع اخوتي هكذا......


سمعت صوت أمي العالي وهي تتحدث مع أطفالي...
كانت أمي تحاول منعهم من المجيئ إلي وإزعاجي ..
خرجت من الغرفه لأخذهم ... قالت أمي : دعيهم ..الأمر بيني وبينهم .. لاشأن لك ...
نهضت أمي وقالت بغضب : سأخذكم للتنزه في حديقه قريبه ... ثم وجهت كلامها لي قائله : أذهبي لتنامي قبل أن يستيقظ الصغير ..
قلت لأمي : دعيهم في البيت .. تجاهليهم .. ولكن الأطفال تمسكو بأمي رافضين كلامي ....
ثم خرجو ...


أستلقيت على السرير .. أتفحص هاتفي .. أرسل لي زوجي صوره بطاقه العائله الجديده .... ثبت إسم الصغير على البطاقه بشكل رسمي .... شعرت بغضب كبير .... كنت أخبره مرارا بأني أكره هذا الإسم بشده .. ولم أتقبله ... لم يرق لي إطلاقا ... إسم نطقه ثقيل على اللسان ... سبحان الله ... أي شيء معقد في الحياه لاأستسيغه ...


أختار أسماء أبناءه بنفسه... لم يعجبني أي إسم من أسمائهم ... كنت في الماضي أذكره دائما بأنه لم يستشرني ولم يأخذ برأيي في أسماء ابنائي ... أذكره بذلك لسنين طويله .. وفي كل شجار لادخل له بهذا الموضوع كنت أذكره بذلك ... كنت أعتقد بل جازمه بأنه في هذه المره سيجعلني أختار .... لكني صدمت بأنه لم يفعل ذلك ........ ذلك يشعرني بالغضب وبالإهانه .... إنه لايأخذ برأيي .. إنه لايحترمني ....


بسرعه كبيره حدثته بغضب وأعطيته بلوك على الفور..... لن أتحدث معه طوال فتره النفاس ... ولاأريد أن أراه ولاأن أسمع صوته ..
بعد ساعتين تذكرت بيأس بأني لاأستطيع فعل ذلك ... فيجب أن اسأله يوميا عن جدول المواعيد القادم ... ويجب أن أراه يوميا لأنه من سيقوم بإيصالي إلى المشفى .....

أتصل بعد ساعات وقمت بالرد عليه بغضب : نعم .ماذا تريد،، .... أخبرني ببرود بأن أمه ستحضر بعد قليل ...

حضر هو ووالدته .... كنت طبيعيه ... وعاديه ... فمن عادتي بأن لاأخبر أحدا شيئا عن حياتي ولاأن أبين أي شيء عن مشاعري ....
أما زوجي .. فكان يتصرف نفس التصرف .... فهو دائما يظهر لأمه بأنه الزوج المثالي والأب المثالي ... ويبين لها بأن حياته دائما على مايرام ... ودائما يؤكد لها بأنه يهتم بالصغير وبعلاجه ..
فرأي أمه مهم جدا بالنسبه له ... قبل أن تغادر أم زوجي سألتني : متى ستعودين لبيتك ؟! ... ثم قالت بإستنكار كبير هل ستبقين أربعين يوما هنا ؟!


نظرت إليها وأنا أحاول أن أكون طبيعيه ... فهي تحدثت عن موضوع حساس جدا في حياتي ... قلت لها بأسلوب ساخر مرح .. : لماذا .. هل مللت من الطبخ لإبنك ...؟! نظرت أم زوجي بإبتسامه محرجه وصمت .. كنت في داخلي أعلم بأني لو أخبرتها بأن إبنها هو من يرفض عودتي ... فإنها سترغمه على ذلك ... وهو لن يجرؤ على قول لا لها .... لكن حبي للخصوصيه .... وكرهي الشديد لأن يتدخل أحد في حياتي ....
وكبريائي الذي يجعلني أشعر بالضعف أذا استعنت بأمه لينفذ طلبي ..... يمنعني من فعل ذلك ...


مرت الأيام بطيئه .... كلها شجارات وعراك ...
فأمي متعبه جدا .. ضغط ...
أطفالي يزعجون العالم وأنا وأمي وراءهم طوال الوقت .. ضغط
الصغير لاينام ويحتاج لكثير من العنايه والتمارين..ضغط ..
المواعيد الممله التي لاتنتهي ..ضغط ..
المذاكره معهم والواجبات الكثيره ضغط ..


كنت أطلب من زوجي بأن يأخذ الأطفال معه يومين في الأسبوع ... يومي الإجازه ... كان يتصل ويسألني هل تريدين أن أحضر لك الأطفال ؟! فأجيبه بلا في كل مره ...


أكتشفت فيما بعد بأنه يفتح السبيكر أمام أطفاله ليسمعهم رفضي لعودتهم .. ويقول لهم أمكم لاترغب بكم ..
لاأعرف لماذا يفعل ذلك ..ربما ردا لكلامي عندما أقول له دائما ... أنظر كيف ان الأطفال يلاحقونني طوال اليوم أينما أذهب ... ومتعلقين بي بشده ... بينما يرفضون الذهاب معك إلى أي مكان ....

 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
تمر الأيام بطيئه .. والوضع كما هو لم يتغير .. كنت أتساءل في داخلي كل يوم ماهي حدود صبر أهلي ........



في مره سمعت صوت بكاء ابني الأكبر .. خمنت انه تشاجر مع أحد هذه المره .. ولكني سمعت بأن أبي فقد أعصابه وصفعه .. ثم خرج من البيت غاضبا.. هذه المره لم أكن حاضره لأدافع عنهم في كل مره .... نسيت بأنني لاأستطيع أن أكون كظلهم وأراقبهم طوال اليوم .... كنت عاهدت نفسي طوال حياتي أن لايتعرض أحد أبنائي لأي أذى نفسي أو جسدي من أي شخص كان ... مادام قلبي ينبض ومادمت أتنفس فلن أسمح لأي شخص بأذيتهم ...



لكن لايمكنني بالطبع بأن أقف في وجه أبي ... فهو ليس كالبقيه ... ليس كأخوتي وليس كبقيه الأقارب ......



تشاجرت مع زوجي ... أخبرته مره أخرى برغبتي بالعوده للبيت .... في كل مره عذر جديد .. إنه يشرح ويبرر ... لكن كل ذلك لايهم ... أعذاره كلها لم تقنعني ... لاأرى أمامي إلا رغبتي بالعوده فقط .....أفتقد بيتي .. مكاني ... وليس هو .... كان يقول ... لاأملك المال من أين ستأكلين وتشربين ....



لكني لاأصدقه... فشخصيته إقتصاديه .. هو دائما هكذا .... أكرر عليه بأني سأرضى بالموجود مهما كان .. الراحه النفسيه أهم من كل شيء .. ولانريد ان نأكل ولاأن نشرب ...



رفض ولم يقتنع ... كنت أفكر في داخلي لو كان رجلا آخر لرضخ على الفور لشده الإلحاح... لاأدري كيف يمكنه الصمود كل هذه الفتره ....ماهذا الصبر الذي يمتلكه ..



تعبت أمي أكثر ... حتى إنها بقيت في مكانها لفتره دون حراك لشده التعب .... نظرت لأمي .. قلت لها : متى ستتقاعدين ياأمي .. لما لاتتركين الوظيفه ؟! .....



قالت أمي بإنفعال كبير : الخير هذا كله الذي تنعمين بوجوده هو بسبب هذه الوظيفه ...
فكرت بيني وبين نفسي .. أمي لم تقصر بشيء معنا مطلقا .... أشترت لنا كل مانريده .. أعطتنا الكثير من الأموال ... عشنا برفاهيه كبيره بفضلها .... لكن لاأعلم ...... هل كنت سأكون أكثر سعاده لو أنها كانت ربه منزل تتمتع بحيويه وسعاده وإشراق أم لا ..



ماذا لو لم تكن أمي موظفه ... هل كانت حياتنا ستكون أفضل ام أسوأ ؟! لاأعلم ....
ازداد تعب أمي .... كان البقاء في بيت أهلي منذ البدايه غلطه .....
تشاجرت مع زوجي أكثر ... لأنها لو كانت أمه ... لم يكن ليسمح بأن يراها بهذا الحال أبدا ...



وهو الذي يخدم أمه ليل نهار ... ولايسمح بأن يراها متعبه مطلقا......
لم أكن أتوقع موافقته ... لكنه أخبرني أخيرا بأن أقوم بتجهيز أغراضي ... تفاجأت .... أساسا لم يبقى على نهايه الأربعين إلا أسبوعا واحدا .....



أخبرت أمي بذلك ... رأيت معارضتها بشده .. لم يعجبها كلامي ... قالت ولكن بقي أسبوع .. نظرت أمي إلى أطفالي بغضب ...



بدأت بجمع الأغراض ... عندما علم أبي بذلك قال لماذا ستذهبين .. إن كان بسبب أطفالك فلا عليك لست مهتما بهم ... اعتدت على مشاغبتهم ... بقي أسبوع لم تكملي الأربعين .. نظرت إلى أبي بإبتسامه خفيفه حزينه ساخره ... وقلت في داخلي هل يجب أن يكتمل العدد بهذه الدقه ......



عدت للبيت ... بوجه متعب شاحب .. بلا مكياج ولاأي زينه .. ببجامه عاديه قديمه ..وبعبوس في ملامح وجهي ..
لم تكن هيئتي جيده كما المفترض ان تكون...
لكن الظروف تحكم نفسها ...


علق زوجي منتقدا: من المفترض أن تعودي بكامل زينتك وصحتك .... تجاهلت كلامه ... وهل الظروف تسمح ؟! ... أنتبهت لنفسي .... بطبيعتي لاأهتم بالظروف ولابالأسباب ولابالمنطق أمام ماأريد فعله .....



لكن لاأدري لما هذه المره أقتنعت بحجه الظرووف ......
منذ اليوم الأول توجه زوجي للنوم بمفرده في الغرفه الأخرى ... يبدو انه خطط لهذا مسبقا... كان يقول بأنه يريد أن ينام جيدا ففي الصباح لديه عمل ... ضايقني ذلك كثيرا ... انه يبالغ بشده ... وكأنه هو من سيقوم بالسهر مع الصغير وحمله طوال الوقت ... ثم ماذا إن إنزعج قليلا منه في الليل ...أليس طفله هو أيضا ؟! ... هل سيكون أب بدون أن يدفع أي ثمن ..؟!



ثم إنه ينام كيفما يريد بقيه اليوم .. بدون إرتباطات أطفال ولامسؤوليات ....وبدون أن يزعجه أي أحد......
فالرجل ... " حر " دائما ....
كنت أستيقظ طوال الليل مع الصغير ..



وأتجول في المكان ... وأرى بأن زوجي لاينام بشكل جيد ... فهو ينام قليلا ويبقى مستيقظا في بعض الساعات ...بشكل متقطع .. نومه أصبح مضطرب جداا .. أراه يمسك بهاتفه ....
يستمع إلى كثير من الفيديوهات ... معلومات عن مرض الصغير وكيفيه علاجه .....


يقرأ ...ويتثقف .....

وهو اللي ولافي يوم قرأ كتاب ... أو حرف ... أو عرف ... ماهو معنى الثقافه .......


أراه أكثر إهتماما بالصلاه من السابق .... يتحدث بصوت هامس بعد كل صلاه ....
لعله يقرأ دعاء ...... أرى تغيرات .. وتطورات قد حدثت .....
أنظر إليه بتفكر وتأمل ..... لاأستطيع مقاومه إعجابي بكل شخص يطور نفسه في الحياه .... شعرت بأنه يشحذ همتي من جديد ....... أنا أيضا سأصبح أكثر إهتماما وحرصا بالصلاه ولن يكون أفضل مني ... أشعر بالتحدي ...
أتأمله كثيرا وهو يقرأ ....
هموم الدنيا كلها فوق رأسه ..
لاأدري لما شعرت بأنه يبالغ ... الناس كلها تبالغ..


غالبا هذه ردود أفعالي تجاه الأحداث ....
لايوجد شيء يزعجني بالحياه ولايوجد شيء يؤثر بي ....
لاحريق ولامصائب ولاخساره أموال ولاأي شيء ....بل على العكس كنت أحب إختبار نفسي ورؤيه مدى قوتي في الصمود في وجه كل الظروف ...
أبسط الأشياء دائما ..... أسهل الأمور الصعبه ....... فالحياه بنظري سهله يسيره .... بعيده عن كل التعقيدات ..........
لاشيء يستحق ........ الدنيا تافهه ....... ماهي الدنيا ...؟! ماقيمتها ؟!
صديقاتي يسألوني لما لاتهتمين بشيء .... فأرد عليهم بمرح نهايتنا القبر ......


الشيء الوحيد الذي يؤثر بي ويزلزل كياني هم عائلتي .... أحبائي ..... أمي وأبي وأبنائي وبعض الأقارب المقربين ..... مايحدث لهم يحطمني .... يقتلني .... يؤثر بي بشده .... وإلا بقيه الأشياء في الحياه لاتستحق ....
بل لاقيمه لها ....


لماذا نستعجل الأحداث ... الطبيب قال بأن العلاج الطبيعي قد يحدث أثر ... لماذا من حولي يشعرون بالحزن ... هل نعلم عن المستقبل؟! ... وهل نعلم مالذي سيحدث فيه؟! ... إخفاء الله للمستقبل عن الناس فيه حكمه بنظري ..... لعله دافع للسعي في الحياه.....


في الصباح التالي .... جاءت أم زوجي لرؤيه الصغير ....تحدثت معي لبعض الوقت .. أمسكت بيد الصغير ... كانت تحاول القيام ببعض تمارين العلاج الطبيعي له لكنها لم تعرف كيف تفعل ذلك ... ثم أصبح مجيئها إلي بشكل يومي .. كل صباح تأتي لرؤيه الصغير ... رغم أنها تستشعر كثيرا عدم رغبتي بوجود أحد .. لم أكن أرفض وجودها ... بل على العكس كنت أسعد بذلك ...
فالأحاديث معها جميله ...


لكن في وقت وجودها كنت أتمنى لو أنام قليلا قبل أن أذهب للمشفى ..لم أكن أنام .. كنت أشعر بنعاس كبير .. وبخمول وإستسلام للنوم ... ثم إني أعلم بأن مجيئها يعني بأنها ستتجول في كل مره في كل غرفه وجزء من أرجاء البيت وتنتقد بإستمرار ماتراه يحتاج لتغيير ...



كانت تلمح لي بإستمرار ... بأنها لاتمانع بأخذ الصغير ان اردت تنظيف المكان أو القيام بأعمالي... فهي تحب ان يكون المكان عطرا لامعا على الدوام ....بل هي شخصيه دقيقه للغايه.. يبدو عرضها مغريا للبعض .. لكن ليس لي ... فأنا لاأحب أن يساعدني الناس .... ذلك يتعارض مع شعوري بالقوه والإستقلاليه .... أريد أن أنتشل نفسي بنفسي .....
وأن لاأحتاج لأحد مطلقا .. ولاأملك القدره مطلقا على مفارقه ملاكي الصغير ولاحتى لثانيه ....

لم أكن أستغرب ماتفعله ام زوجي .... فهي تهتم بأحفادها .... هذه هي بيئتي .... بيئه أهلي وأهل زوجي .... الذين يجعلون الأبناء رقم واحد في حياتهم ..

 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
( ١٧ ) ..


أصبحت أم زوجي تأتي لزيارتي بشكل يومي .. لأجل أن ترى الصغير ... بدأت أعتاد على وجودها بإستمرار ..أحتجت إليها لكي تقوم بتحميم الصغير ... فهي أكثر خبره .... في بيت أهلي كانت أمي من تقوم بذلك والآن أمي أصبحت بعيده عني ......


لم أكن أعرف كيف أحممه بوجود الجبس في أقدامه بأكملها .. كنت أشعر بخوف كبير من أن يصيبها الماء وأتلفها .... بطبعي مغامره في كل شيء وأحب تجربه مهاراتي في كل جديد لكن ليس في أبنائي ....
بل في نفسي وفي حياتي فقط ...
أبنائي خط أحمر في كل شيء ...



كان في داخلي بعض الإستياء...
كوني أحتاج لمساعده شخص ما في أمر من أمور حياتي يشعرني بالنقص ...
بعد أسبوعين حاولت أن أغامر ونجحت ... كنت أشعر بسعاده غامره .... كلما أصبحت أكثر إعتمادا على نفسي .... كلما شعرت بأني إستقلاليه أكثر .... كان ذلك يشعرني بأني شخصيه قويه ناجحه .. أنتبهت أم زوجي أني لم أعد أجلب الصغير لها ..
أعتقد أنها لن تستغرب ذلك فهي قد عرفت شخصيتي بعشره السنين ...



كان هناك مشكله أخرى ... مشكله لم أكن أتوقعها أو أتخيلها في أيامي السابقه في حملي بهذا الصغير ..
عندما كنت أعيش نشوه أحلامي وآمالي الكامله بإنتظاره .... كان الصغير يرفض الرضاعه ......


منذ ولادته .... لم أعرف السبب .. بل لم يكن هناك سبب واضح .... كان الآخرون منتبهين لذلك أيضا ... فكانوا يقولون لي ربما هو غير جائع لما تصرين على إرضاعه ... كنت أقول لهم بأنه لم يرضع طوال اليوم إلا القليل البسيط جدا الذي يسكت الجوع...
ومستحيل أن لايكون جائعا كل هذه المده ...



بل كان يخرج لسانه طوال الوقت .. وهذه علامه واضحه على الجوع .... لم أعرف مالحل ... لأول مره يحدث معي هذا .. لم تحدث لي هذه المشكله سابقا مع أخوته ... جربت أخذه للطبيب .. والذي أكد أنه لايعاني من شيء .. كل شيء به طبيعي .... لكنه لازاال لايرضع ..!



كان يحاول ابعاد نفسه في كل مره بازاحه رقبته وظهره .. فهو لايستطيع تحريك يديه واقدامه ..
هذه طريقته برفض الرضاعه ..



كان زوجي وأم زوجي يصرون على إدخال الحليب الصناعي له ... كانو يقولون أنتي لاتأكلين الكثير من الطعام ربما لايشبع منك لهذا يرفض ان يرضع ...
لكن لاعلاقه للأمر بذلك ... إنهم يصرون على انني لاأأكل فقط لكوني نحيفه .... لكن النحافه أو السمنه ليست دلاله على أن صاحبها يأكل كثيرا أو قليلا ...


أشترى زوجي الحليب الصناعي ... وطلب مني أن أعطي الصغير ... لكن رفضت ... بل كنت أتهرب منه اذا شعرت بأن هناك شجارا سيحدث ....


لم أرضع أخوته رضاعه طبيعيه كوني كنت أدرس ... الآن أنا في البيت ... لما أحرمه من نعمه الرضاعه الطبيعيه ..؟! ينتابني تأنيب ضمير فظيع لأنني حرمت إخوته قبله ... أريد أن أعوض كل شيء بهذا الصغير ... كنت قبل ولادته حتى مصره على ان يحظى المولود القادم برضاعه طبيعيه كامله ...
قد عقدت العزم وأنا مصره على ذلك ....



إصرار زوجي كان عجيب.. يقول بأننا طوال اليوم خارج البيت في المشفى وهذا يصعب الرضاعه الطبيعيه ... لكن لايهمني ... لايهم ... لاتهمني الظروف مهما كانت ..... التعلل بالظروف حجه الفاشلين في نظري .... فمن يريد الوصول لأمنياته سيفعل المستحيل ...



أخذت أفكر كثيرا عن سبب إمتناعه عن الرضاعه ... إنه لاينام بشكل طبيعي .... نومه متقطع وقليل ..


فهو لايشبع ومن لايشبع بطنه لاينام ... فكرت لربما هناك علاقه بمرضه وعن امتناعه للرضاعه ..سألت أطباء العلاج الطبيعي ... لكن لاأحد يعرف ... فليس هناك شيء واضح فيه ... جربت أن أبحث عن الأسباب على الإنترنت ... كل الأسباب لاتنطبق عليه ....


أفكر أفكر أفكر .. لربما هو يرفض الرضاعه بسبب ان نومه مضطرب....
إزعاج المشفى وقطع الأطباء لنومه للكشف والعلاج ...


حاولت أن أفوت بعض المواعيد لعله ينام أكثر ...
لكن لاشيء تغير ...أمي أيضا تنصحني بالحليب الصناعي وتقول بأنه ثقيل على المعده ويجعله يستغرق بنوم عميق ....
لكن في داخلي رفض له ... أنا لاأعرف .. لما الجميع ينصحني بذلك ... من المفترض أن يشجعوني على الطريق الصحيح وهو الرضاعه الطبيعيه .. لا العكس ....


هم لم ينصحوني بترك الرضاعه الطبيعيه تماما.. بل بإدخال الرضاعه الصناعيه بشكل مساعد وإضافي ..... لكن مبدئي في الحياه
" الباب اللي يجيك منه الريح ،، سده وأستريح ".......


تمر الأيام .. زوجي يصر وانا أرفض .. لن أتنازل عن أحلامي بهذه السهوله ... يقول زوجي بغضب ... حتى إذا مرت بنا ظروف وأحتجنا أن نضع الصغير عند أحد ما فلن نقدر على ذلك بسبب أنه لايرضع الا رضاعه طبيعيه ....

لكن لاأريد أن أستمع له .. ولن أحتاج لأحد ولن أضع صغيري عند أحد ... لم أنجبه لأضعه عند الآخرين ..

ذهبنا لطبيب العظام ... كان يبدل الجبس كل أسبوعين .. كانت أقدام الصغير متجهه إلى اليمين ... فكان يمسكها الأقدام جهه العظام ويقوم بتحريكها ويلفها بالاتجاه الصحيح كما يتعامل مع الكسور ... ثم يجبسها بسرعه لتبقى على وضعيتها الجديده. .

في كل أسبوعين كان يتغير إتجاه أقدامه بعض الشيء ... وفي كل أسبوعين كان يحرك أقدامه ويلفها بالاتجاه الآخر ثم يجبسها سريعا.....كان يعتمد على تمديد و تصحيح اتجاه القدم بواسطه الجبس .. كان قلبي ينفطر على الصغير فكان يصرخ ألما كلما حرك الطبيب أقدامه ... إلى أن مر ثلاثه أشهر .. في آخر موعد لدى هذا الطبيب أخبرنا أنه بحاجه إلى القيام بعمليه بسيطه جدا للقدم ...
يتم فيها قطع الوتر الذي يربط العظام بالعضلات ليتمكن الصغير من تمديد قدميه بشكل جيد ....


كنت قد قرأت عن هذا سابقا .. قرأت ان أقدام من يعانون من هذا المرض قصيره قليلا وعندما يتم قطع الوتر ..
ينمو مره أخرى أطول من السابق وتجعل القدم تصبح أطول.....
.
قرأت كل ماأستطعت ان اقرأه على الإنترنت ... رغم ان المعلومات قليله جدا تجعل من يبحث عنها يشعر بالإحباط .... وكأن هذا المرض غير موجود على الحياه الواقعيه .......
بحثت عن التجارب وعن كثير عن المعلومات ... لايوجد حتى تجارب لأشخاص تعطينا دافعا أو أملا أو معلومات تفصيليه نستدل بها على كيفيه التعامل مع هذه الأوضاع .....
أو لعلي لم أبحث جيدا .... لاأعرف مالخطأ ...


قرأت عن مرض الشلل الدماغي ... ذلك الطفل الذي لايستطيع الجلوس ولاالمشي ... الذي يحمله والده في المصعد في مركز التدريب.... قرأت ان الإنسان الطبيعي لايستخدم خلايا دماغه كلها .... وأن العلاج الطبيعي لهذه الفئه يجعل خلايا الدماغ المتبقيه الإحتياطيه تنشط ويصبح قادرا على المشي والجلوس والقيام بكل المهارات الحركيه ...
سبحان الله ... ولله في خلقه شؤون ....


لازلت أرى ... من نجح معهم العلاج ومن لم ينجح معهم بشيء رغم السنوات الطويله ...
هل هي الأقدار ..؟!


في داخلي أردت أن أتمرد على هذا الطبيب ... وأن أرفض هذه العمليه الذي يكرر الطبيب بأنها بسيطه... بسيطه .. بسيطه ... ولاتستغرق سوى ربع ساعه .. ببنج نصفي..
لكن عقلي لايسمع سوى كلمه عمليه ..عمليه ..عمليه ... ولم أفكر سوى ب هل سيشعر بالألم؟! .... داخلي فتاه متمرده ... تقول للأطباء أنتم لاتعرفون شيئا .... لكني بإستسلام تام أنفذ أوامر الطبيب ..هناك من يسيطر على جسدي بدلا مني ...
وكأن شخصيتي المتمرده لاكلمه ولاقوه لها ....
فأنا إن نطقت ورفضت ... سأصبح شخصيه غير عقلانيه ترفض مصلحه ابنها ...


كنت بجانب الطبيب مع الممرضين .. أراقبهم وهم يقومون بتجهيز الأدوات بسرعه .... وسط إزدحام المرضى .. أنظر لهم بتعمق ... الأطباء ....... إنهم بلا قلب .... بلا مشاعر .... لاأدري كيف يمكنهم القيام بكل تلك الأمور المخيفه الدمويه .... هل نزع الله الرحمه من قلوبهم ؟!
لاأدري ماذا أفعل ... هل سيطلبون مني أن أسلمهم الصغير وأنتظر بالخارج ... أم أساعدهم ككل مره في تثبيت الصغير وإسكاته ... هل سأنظر لهم وهم يقومون بالعمليه .. لا لن أفعل ... إذا كيف سأتمكن من مساعدتهم؟! ... تمنيت أن أرمي الصغير على والده وأهرب من تلك اللحظات ... أشعر بصداع كبير ... توتر وشتات في عقلي ومشاعري ... وضعت الصغير على السرير خوفا عليه من أن يحدث لي شيء وأسقطه ...


يمكنك الإنتظار في الخارج ... قالها الممرض وهو ينظر إلي .... بصمت خرجت وكم تمنيت أن أشكر هذا الممرض من أعماق قلبي إذ أنه خلصني من هذه اللحظات ...
جلست على كراسي الإنتظار وأنا أتمنى من كل قلبي أن لايشعر الصغير بالألم .....
أحضر الطبيب الصغير مجبسه أقدامه وقال بأن هذا سيكون الجبس الأخير .. وسيبقى شهرا كاملا هذه المره ...... لم أعرف ماذا اسأله وماذا أقول له ... لكني رحلت وفي قلبي نفور من كل الأطباء في ذلك المشفى ....


 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
في طريق العوده أفكر بإستغراب هل كان من المفترض أن يصف الطبيب مسكن أو دواء ما ؟ او هو صغير جدا ..... هل سيشعر بالألم بعد العمليه ام لا .... هي بسيطه فعلا ... لربما لن يشعر بشيء ........


عدت للبيت ... لم يكف الصغير عن البكاء .. لاأدري هل هو جائع .. هل يشعر بالألم .. هل بكاؤه عادي .... أتى الليل ...... لم ينم طوال الليل .... عند الفجر قال زوجي مضطربا وعلامات الوسواس في ملامحه ..قال .. سنذهب للمشفى سريعا لنسأل الطبيب هل وضعه طبيعي أم لا ... لم يعجبني إقتراحه .. فعيناي تفتح وتغلق من تلقاء نفسها من النعاس .. قلت له بغيظ : أنت نمت في الغرفه الأخرى بأريحيه تامه أما أنا لم أنم ولاطاقه لي ابداا للذهاب ومشوار المشفى بعيد ...


قال زوجي بعد أن رأى غضبي : لا كنت أسمع صوته في الليل .. نذهب لنتأكد سريعا فلا أستطيع التأخر عن العمل .... رفضت لفتره قصيره ثم ذهبت بإستسلام فهذا الرجل لايتنازل عن أفكاره ............
كان زوجي يقود بسرعه وبسرعه وصلنا للمشفى .. أخبرت الممرضين برغبتي لرؤيه الطبيب ...أخبروني انه يتعامل مع حاله ما ولايستطيع رؤيتي ... سألتهم ان كان سيتألم بعد العمليه وهل بامكاني اعطاءه مسكنا ما ... قالو لامانع ..... أثار ذلك غضبي .... لامانع إذا لما لم يخبروني من البدايه .... يبدو أن علاقتي غير جيده مع الأطباء ..........


عدت للبيت وأنا أعد الأيام التي سيمر بها هذا الشهر ... لنتخلص أخيرا من هذا الجبس الممل ...... بعد شهر ...
بعد أن فك الطبيب الجبس بدأ الصغير بالبكاء بصوت عاااالي ... شعرت بأن هناك خطأ ما ... لكن لاأعرف .... أقدامه كأن حجمها قد كبر وبها أنتفاخ أم يهيأ لي ... الطبيب رآه ولم يقل شيئا ... لربما بدأت بالوسواس ... ذهبنا إلى قسم آخر لإستلام الحذاء ..... الذي سيكون بديلا عن الجبس .... دخلنا قسم مكتوب عليه الأطراف الصناعيه .... عافانا الله من كل ذلك .. رأى الممرضين أقدام الصغير ولم يقل أحد منهم أي شيء .. أحضرو له حذاء من الجلد القاسي ... متصل بمسطره حديديه ثقيله الحجم .... لاأدري مالغرض من هذه المسطره ... عندما ألبسه الممرض ذلك الحذاء بدأ بكاء الصغير يعلو أكثر ....


لم أشعر بإرتياح ..هناك خطأ ... أخبرت زوجي بذلك ... ولكنه قال بإستنكار يجب أن ننفذ توصيات الطبيب .... لعل بكاءه هو بعدم شعوره بإرتياح لذلك الحذاء ... يومين أو ثلاثه وسيعتاد عليه ....
لكن هناك شيء خطأ .. شيء خطأ شعور لم يفارقني ... ازداد بكاء الصغير ... شعرت بالتوتر.. كنت أمر من الممر الطويل بسرعه وأشعر بأن الجميع يراقبني .... وصلت إلى كراسي الإنتظار ... أحاول إسكات الصغير وتهدئته لعله يرضع أو لعله ينام ... لكن لافائده .. عاد إلي التوتر فكل من بالمكان يراقبني ... كلما جاءت امرأه تسألني هل هذا طفلك الأول ؟! إنهم يظنون بأنني لاأعرف كيف أسكته لعدم خبرتي ربما .....


جاءت امرأه لاأعرفها ..... إقتربت مني ... طلبت مني أن أعطيها الصغير لعلها تفلح في إسكاته ... نظرت لها بإستنكار ورفضت ... قلت لها ... لا سيسكت بعد قليل .... جلست المرأه بجانبي ... كررت طلبها بإلحاح هذه المره ...... لم يعجبني طلبها ... لاأستطيع أن أعطيها الصغير .... أنا لاأثق بالغرباء ... أمي كانت توصيني عندما كنت صغيره أن أكون حذره دائما من الإقتراب من أي شخص غريب .......
زادت تلك المرأه في الإلحاح .... أعطيتها الصغير تحت تأثير إلحاحها لمده دقيقتين كنت فيها مستعده ومتأهبه للركض و للإمساك بتلك المرأه في حال حاولت الركض أو الهرب بالصغير .... رغما عني أفكر بهذا التفكير الدرامي .... يجب أن أكون حذره دائما ...
بعد دقيقتين أخذت الصغير من تلك المرأه بسرعه كبيره فشعور قوي بالخوف يتملكني .... جاءت الممرضه التي ألبست الصغير الحذاء وسألتني ألم يسكت إلى الآن ... ؟! هل هذا أول طفل لك ..؟! أقترحت تلك الممرضه أن تحاول إسكاته فرفضت .... سمعت زوجي مناديا فذهبت هربا منهم .... عند عودتي للبيت جاءت أم زوجي سريعا لرؤيتي .... عندما فتحت الباب ورأتني واقفه أحاول إسكات الصغير قالت بإنفعال كبير : ماذا به أيضا ..؟!


أجابتها ملامحي المتوتره بصمت وإستسلام ..أخذته أم زوجي محاوله إسكاته لكن لافائده .. كانت تلك الأيام.. أيام إختبارات نهائيه لإخوته ... كان توقيتا سيئا فعلا ..... يبدو أنني لم أتمكن هذه المره من المذاكره لهم .... بقيت أم زوجي عندي وكنا ثلاثتنا انا وهي وزوجي نراقب الصغير لانعرف ماذا نصنع معه ... عندما حاولت ام زوجي نزع الحذاء قال زوجي متهجما منفعلا : لالاااا ... يجب ان نلتزم بكلام الطبيب لكي يشفى ....
انه يتعامل مع كلام الطبيب وكأنه وحي منزل من السماء .... لاتشكيك فيه ولاأخطاء ...


بقي الصغير يبكي طوال الوقت ... كنت أفكر وأسأل نفسي لما لست قادره على التمرد الآن ونزع الحذاء ...
عند العصر جاءت أم زوجي وقالت بإنفعال كبير : أعطيه الحليب الصناعي لكي آخذه عنك بعض الوقت .... دعي الناس تساعدك .... نظرت لها بإنفعال كبير وفي داخلي أرفض أرفض أرفض ...... وأحلامي ...؟! التي كنت أحلم بها كل تلك السنووواات ...؟! في أن أجعل تربيته مميزه ..وأجعله أفضل من إخوته .... كل تلك السنوات ... كنت بإنتظار هذه الأيام ... هل سأتنازل بهذه السهوله .......
لاأحتاج لمساعده أحد ...
دعوني لوحدي فإني أبني ثقتي بنفسي .....


قالت أم زوجي : هاتي الصغير ... أذهبي وذاكري لإخوته ... سأبقى معك هنا .... قلت لها في إحراج .. لا الأمر لايتطلب كل هذا التعب ....


قالت أم زوجي بإصرار : لدي وقت وليس لدي أعمال .. أستطيع مساعدتك ....

نظرت لها مطولا ... مطولا جدااااا ... وبدأت أفكر ... دائما تساعدني في المواقف الحرجه ..... وقفت لي وقفات كثيره في حياتي لاأستطيع نسيانها ...... كم أشعر بإمتنان كبير نحوها ...
 

رهف 88

Well-known member
معلومات رهف 88
إنضم
15 يناير 2017
المشاركات
2,650
مستوى التفاعل
1,703
النقاط
113
الاطباء : انصتي لهم باهتمام ولا تتبني كل ما يقولونه
لانهم فيما بينهم تتضارب آرائهم بل وتتناقض .. لكل واحد مدرسته التي تخرج منها ولكل مدرسة علومها وآرائها
بالنسبة لي : آراء الاطباء تساعد كثيرا جدا على ايجاد الحلول .. لكنها ليست الحل .. الاطباء آرائهم قيمة .. قيمة جدا .. ومع ذلك لا تنفع مع كل الحالات خاصة الحالات المزمنة
شخصيا أرى ان المريض هو طبيب نفسه .. او عائلته خاصة الوالدين .. فحب الوالدين وخوفهم على صغارهم يجعلهم يطرقون كل الابواب ويبحثون دون كلل عن بصيص أمل وغالبا نا يجدون الحلول
الطبيب يتعامل مع المرض كحالة .. لكن المريض وعائلته يتعاملون مع المرض كواقع .. له اسبابه وله علاجاته التي قد يغفل عنها بعض الاطباء
 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
( ١٨ ) .....

في علم النفس ......
يقال أن أفضل طريقه ليعالج فيها الإنسان ذكريات الماضي المؤلمه ....
هو أن يختلي بنفسه ،، في هدؤوء ويستشعر تلك الذكريات من جديد ..
أن يكتبها ويواجهها مهما كانت مقاومته لها ...
مهما كان الشعور الذي يجلبه لصاحبه في تلك اللحظه ..
شيئا فشيئا ،، لايعود ذلك التأثير المحزن كما كان في البدايه ... بل يخف تدريجيا إلى أن يصل لدرجه يسأل فيها الشخص نفسه ....
هل كانت تلك الأشياء البسيطه تسبب لي الحزن والألم حقا ...؟!


كانت إستراتيجيتي في الماضي ،،
هي إغماض عيني عن المشكله ...
أو عن أي شيء يسبب لي الألم ... أتغاضى عن رؤيه الحقائق .... أخدر نفسي سريعا .. ولاأسمح لنفسي بتعايش هذا الشعور ...... لأنه مؤلم ،، متعب جدا ،، أتمنى الهرب منه بشتى الطرق .... أهرب من الواقع .....
فهو لايعجبني .... أو لربما يجعل تأنيب الضمير يذكرني بإلحاح بأنه علي أن أتحرك وأتزحزح عن مكاني .....


فيما أنا لست جاهزه بعد .. ولاأعرف فعلا متى سأكون جاهزه .. لربما أكون بحاجه لشيء قوي يحركني من مكاني ...


كان علي منذ زمن أن أتحرك وأرتدي نظارات الواقع ....
لأرى حياتي بوجهها الحقيقي ... أصلح مايحتاج فيها لإصلاح .... لتصبح فيما بعد حياه مقبوله ... مريحه نفسيا ....... لدي قناعه لاتتغير مطلقا ..... بأن كل مشكله صغيره تنشأ في حياتنا ... تتبعها عده مشاكل تجعلها تتشعب بطرق غريبه .... تتشابك فيها الخيوط لتصبح معقده أكثر فأكثر ... حتى نتوه في متاهات الحياه ولانعلم من أين بدأنا ......


في داخلي أشكر الله على نعمه حبي للكتابه ،، فكلما كتبت شيئا جعلني ذلك أستوعب أشياءا لم أكن أستوعبها سابقا ...
ينبهني لنقاط كانت غائبه .. أشكر الله أيضا على نعمه تأنيب الضمير الملازمه لي ،،
فلولا تأنيب الضمير الذي أتعبني ... الذي يعذبني جداا ،، ومحاسبتي لنفسي في كل صغيره وكبيره في حياتي ،، لما غيرت الكثير من تصرفاتي وقناعاتي في الحياه ،،،،
ولما حاولت بصدق وإخلاص التخلص من عيوبي أو على الأقل محاوله تخفيفها ......


كانت أم زوجي ممسكه بالصغير ،، وتحاول إسكاته بشتى الطرق ،، كنت أنظر إليها وأتمنى بأن لاتساعدني ،، مهما مررت بظروف رغم أني غالبا أكون شخصيه متشائمه بعض الشيء ،، لكني أيضا لم أستشعر بالحاجه .. الناس في تلك اللحظات كانت تستشعر بأني مسكينه .. لكن لم تكن تلك نظرتي لنفسي ...


في داخلي شعور بالقوه ،، وبأني لست مسكينه ابدا بل على العكس .... دائما ماأرى نفسي نصيره الضعفاء والمساكين ... والمدافعه عنهم ... لاأمانع من مساعده الاخرين لكن أرفض أن يقوم الاخرين بمساعدتي ..... كانت تلك اللحظات تعني لي الكثير ....


كانت تحديات الحياه .... الظروف الصعبه والمواقف ... تخطيها وتجاوزها بثبات " لوحدي " دون مساعده أحد ... هي من تمنحني الثقه بنفسي فعلا لم أستشعر يوما بأني بحاجه لأحد ،،، بل لربما لم تكن مساعدتها في تلك اللحظه ذات أثر كبير فالمذاكره للأطفال لكل تلك الجزئيه الكبيره تتطلب ذهنا صافيا بعيدا عن كل تشويش ... طاقه عاليه والكثير من الوقت ...والوقت لم يكن لصالحنا ابدا فقط شارفنا على نهايه اليوم ...



مع ذلك أزداد رصيدها عندي أكثر فأكثر ... حتى وصلت في حياتي لرصيد و مقام عالي صعب جدا أن يصل إليه أي احد .....
ماأروع هذه الإنسانه لولا فقط تدقيقها وحبها للمثاليه ....

أنهيت المذاكره بسرعه و على عجل ،، لم تكن مذاكره جديه بالشكل الكافي ولامتعمقه ،، لكنها كافيه بأن يصبحو ناجحين في الماده أو على الأقل يحصلو على درجات مقبوله ..... هذا ماأستطعت أن أقدمه لهم في ذلك اليوم ...
أخذت الصغير بسرعه من أم زوجي وطلبت منها ان تتجه لأعمالها وأن لاتضيع وقتها معي ،، الصغير يبكي ولم يتوقف.. أقوم بهزه طوال الوقت ،، إلى أن شارفنا على نهايه اليوم ،، وبنهايته أنتهت طاقتي تماما ....


فيداي لم تعد تقوى على هزه أكثر ،، وظهري أصبح متصلبا من الوقوف به كل ذلك الوقت .... والنعاس غالبني مجددا وطاقتي بدأت تنخفض فعلا ...


قلت لزوجي في يأس : هل ننزع الحذاء ؟!
لكنه رفض بشده وكرر مايكرره في كل مره ..يجب ان نلتزم تماما بتعليمات الطبيب لتعود أقدامه كما كانت ... لم يعرف زوجي مايفعل فتوجه نحو المشفى من جديد ... سألت الممرضين هناك فأشار أحدهم بأن أقدامه منتفخه وبها بعض التقرحات ،،كما أن لها رائحه مخمره كريهه ... طلب ذلك الممرض نزع الحذاء ليومين أو ثلاث مع وضع زيت غير عطري لتذهب تلك التقرحات ....


عندما خرجت من المشفى وقلت لزوجي :
" الطبيب قال " فلننزع الحذاء ليومين وافق سريعا .... فكلمه الطبيب قال كلمه سحريه لها مفعول عجيب ....


نزعت الحذاء من الصغير ومنذ أول دقيقه توقف فيها عن البكاء ...... ونام بسرعه عجيبه نوما طويلا لربما هو تعويض سهر يومين لم ينم فيهما ... نمت فيها معه لساعتين أستشعرت فيها بقوه لذه النوم وحلاوته ،، فلا يعرف حلاوه النوم إلا من فقده ...
في اليوم التالي بدأ إنتفاخ قدمه يقل ويصغر حجمها إلى أن عاد إلى الحجم الطبيعي .... والرائحه أختفت مع تحميم الصغير المستمر ،، والتقرحات ذهبت .... ألبست الصغير ذلك الحذاء ... لم يبكي هذه المره بل كان وضعه عاديا ... أصبحت أتذمر بيني وبين نفسي ...


حذاء من الجلد القاسي الصلب.. إنهم يتعاملون مع أطفال ... لما لايصنعون حذاء خفيف رقيق يتناسب مع أقدامهم ... وهذه المسطره الحديديه الثقيله .. مالحكمه من كل ذلك .... لماذا لماذا ...... ليتني شخصيه لاتفكر مطلقا ... فالتفكير متعب ومرهق ...
كان حمله يحتاج لوضعيه خاصه ..


فثقل المسطره المتصله بالحذاء تجعل جسده يتجه إلى الأسفل بقوه .... فكان لزاما علي حمله من المنتصف في كل مره مع الإمساك بثقل المسطره ...طلب الطبيب بأن يلبس الصغير الحذاء لمده ٢٣ساعه ،، ينزعه لمده ساعه في اليوم لتتنفس أقدامه ،، لمده ثلاث أشهر ،،،


ثم بعد ذلك .. يرتديه وقت النوم فقط يوميا لمده ثلاث سنوات ....كلمه يوميا تبعث على الملل ،،، كم أكره التكرار ......
.... عادت أقدامه إلى الإتجاه الطبيعي بواسطه الجبس ..... لكن الطبيب قال بأن هناك إحتمال كبير جدا بأن تحدث له إنتكاسه وتعود القدم إلى الإتجاه السابق ..


وهنا تكمن أهميه الحذاء ،، إنه بمثابه التقويم اليومي ،، يجعل أقدامه تنمو كلما كبر بالإتجاه الصحيح إلى أن تثبت ...... لكن ذلك بالطبع بعد أن يرتدي الحذاء لمده زمنيه طويله جداااااا ......
دون إنقطاع ...
ثلاث سنوات كثير .. أصابني اليأس ..
حقيقه في الحياه كان صعب علي إستيعابها .. فعالمي الداخلي لايعرف إلا السرعه الإعتياديه والسرعه العاليه جدا .... والسرعه العاليه جدا جدا جدا ....
لم أعتد على الخوض في الأمور البطيئه ،، أو طويله المدى ..... هل الحياه تقدم لي إحدى دروسها ..؟!


في يوم استمر بكاء الصغير لوقت طويل ... بشكل مزعج .. لم يتوقف فيها مطلقا .. شعرت بنفور نحو ذلك الحذاء ... غير مريح إطلاقا .. أخبرت زوجي بالهاتف بأني سأنزع الحذاء لهذا اليوم فالصغير متضايق بشده بسببه .. كان خارج البيت ... حذرني من نزعه ... عاد إلى البيت وتوجه فورا ليتأكد من أن الصغير لازال يرتدي الحذاء ... نظرت إليه ماهذا الوسواس المبالغ فيه ............


ذهبنا إلى موعد جديد عند طبيب الأعصاب ... جلست على كراسي الإنتظار بنعاس كبير أنتظر دوري الذي يبدو أنه لن يأتي أبدا ...
فكل مريض ينام عند هذا الطبيب في العياده .. ماهذا الطبيب البطيء ........ سرعو الحياه ياعالم ....البطء والإنتظار يقتلني ....
كان جو المشفى باردا جدا ... يشجع بشكل كبير على النوم .... كنت أحاول بجهد أن أبقى مستيقظه ومنتبهه لمحيطي ... فحولي مشاهد تستحق التأمل بعمق .... أحيانا تمر لحظات على الإنسان يشعر فيها بتفاهه الدنيا،،


عندما يرى مثل هذه النماذج .....
كان المنتظرون مثلي برفقه أطفالهم ....
رغم النعاس القوي الذي يغالبني الا ان رؤيه هؤلاء الأطفال توقظ في النفس الكثير ..،،، كانت أشكالهم مختلفه جدا وملفته ... بعضهم رأسه كبير جدا مقارنه بجسده ..
والبعض الآخر على العكس كان رأسه صغير جدا مقارنه ببقيه جسده ... كثير منهم أشكالهم غريبه ومخيفه بعض الشيء ...








 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
نظرت إلى الأهالي فلم أجد أي حزن أو أسى على ملامحهم .. يبدو انهم اعتادو على الوضع منذ زمن ،،
كانت النساء يتحدثن فيما بينهن ،،، ويتعارفن وكانت كل واحده تحكي قصتها للأخرى ،،، لست شخصيه إجتماعيه ولاأحب التعارف لذا أكتفيت بالصمت والإستماع ،،،، دائما فضوليه وأحب سماع قصص الآخرين ،،، كانت امرأه تجلس بجانب ابنها الذي يبدو من الوهله الأولى انه طفل مشاغب ويبحث عن المشاكل ،، كان يلعب بهاتف أمه طوال الوقت ،،


لكن لاأدري حتى طريقه لعبه وامساكه للهاتف توحي بشخصيته .... كانت أمه تتحدث مع المرأه التي بجانبها عن معاناتها الطويله معه .. وكيف أنه مصاب بالتوحد ،، ودائما عدواني مع الآخرين ،، ودائما مايضرب إخوته ضربا مبرحا في البيت ،، مما يثير غضبهم ويجعل شجاراتهم معه لاتنتهي على مدار اليوم ...


تقول المرأه : تعبت والله تعبت معه ،، لايتوقف مطلقا عن ضرب الآخرين ،، دائما يبعث المشاكل وراءه ،، مهما حاولت حبسه لاأستطيع ،، أين ماأخرج يأتي إلي بالمصائب ،، تعبت وأنا أفهم وأشرح وأبرر للآخرين بأنه مريض ويعاني من التوحد ،، لكن لاأحد يسكت ولاأحد يتقبل بأن يضرب أطفاله ،،


حتى إني حاولت إدخاله إلى رياض الأطفال ،، عله يندمج مع الأطفال بعض الشيء ،، لكن لم أجني إلا الشكاوي منه ..
قالت لها المرأه الأخرى بحيره : لكن أعتقد أن بقاءه يلعب بالهاتف طوال الوقت سيزيد من حالته سوءا ،،
قالت أم الطفل بتعب وإستسلام : رغما عني لم أعد أمتلك الصبر ،، أريد أن أحظى ببعض الهدؤوء ... أنت لاتعلمين لو أغلقت عنه الهاتف سترين كيف سيبدأ فورا في إثاره المشاكل ....


سألتها تلك المرأه : ماذا عن إبنتك ،، ماذا بها،، ؟!
نظرت متأمله إلى ابنتها الذي يبدو رأسها صغيرا وغير طبيعي ...
قالت المرأه الأخرى : معاقه بإعاقه عقليه ،، وليست الوحيده بل هي الإبنه الثالثه ،،.. بدأ الأمر حينما أنجبت الطفل الأول وظهر بأنه معاق عقليا ،، ثم الثاني والثالث وأتضح انهم يعانون جميعا نفس الإعاقه ،،، أكتفيت من الأطفال وأغلقت هذا الحلم إلى الأبد ،، فيبدو أني لاأنجب إلا المعاقين ....
تعرفين العنايه بثلاث أطفال معاقين يكفي ،، فالعنايه بهم تتطلب الكثير ،، كلما كبر عمرهم زادت مسؤوليتهم وأنا لن أدوم لهم مدى الحياه ...



سمعت نداءا باسم صغيري فتوجهت إلى طبيب الأعصاب .... شعرت بأنه طبيب جيد بعض الشيء لكن لم أشعر بأنه قدم لنا الكثير ،، لربما هناك حالات أخرى تحتاجه بشكل أكبر ........
كانت لنا مراجعات أخرى عند طبيب الأمراض الوراثيه ،،، أخذ تحليل للجينات الوراثيه للصغير والذي أكد أن جيناته وعدد الكروموسومات طبيعي مئه بالمئه ... سألناه ماذا تعتقد سيكون السبب وراء مرضه هذا ؟! قال بعد تفكير أعتقد بأنها طفره جينيه ربما ،، اطمئنو فالطفره الجينيه لاتحدث إلا مره واحده في العمر وخاصه بأن إخوته سليمين تماما فهذا مبشر بخير ....
لم يقنعني كلام الطبيب كثيرا ،،، فكل شيء في الحياه له سبب .... لاشيء يحدث في الكون بشكل عشوائي ..... هناك سبب ما ... لكن ليتني أعرفه .......


عدت للبيت وكانت لي حرب من الصغير في كل يوم بسبب الرضاعه ،،، لايرضع ،،لايشبع ،،لاينام ،، وكل شيء به طبيعي ولاأحد يعرف ماهي المشكله ... في كل شهر كان وزن الصغير يتناقص تدريجيا ... أصبح يميل للنحافه بعض الشيء ....حتى الحليب الذي بصدري بدأ يقل ويخف ،، بسبب قله رضاعته ... حذرني طبيب الأطفال من أن ينقص وزنه أكثر ... خاصه وأنه ولد بوزن جيد جدا وممتاز .. لم أعرف ماأفعل شعرت بحيره كبيره ...


هل أتنازل عن الرضاعه الطبيعيه أم أبقى متمسكه بها ؟! هل رضاعتي له هي السبب ؟!
لاأعرف هل ظلمته أم لا بتمسكي بالرضاعه الطبيعيه ... تمنيت لو أنام ليوم واحد بشكل جيد حتى أتمكن من التفكير بشكل أفضل ..لكني مشوشه وأشعر بألم في رأسي من كثره التفكير .......


في اليوم الأخير شعرت بإنهيار لما لايرضع ...يخرج لسانه ويبكي طوال الوقت ...
لاينام مطلقا ... بدأت أشعر بالخوف من أن يؤثر عليه عدم النوم في شيء ...
... بدأت أستسلم بشكل جدي .... وبدأ تأنيب الضمير يتسلل بشكل كبير بداخلي ... قلت في نفسي إن كانت الرضاعه الصناعيه ستشبع بطنه وستمكنه من النوم بشكل جيد ..... لربما سأتنازل في النهايه عن أحلامي ....


على الأقل يعود وزنه للطبيعي ويصبح الإهتمام به أسهل لأتمكن من عمل تمارين العلاج الطبيعي بشكل أفضل ........... أو لربما كانت هذه كذبه أكذب بها على نفسي لأقتل تأنيب الضمير.....
أو لأقتل الصوت الخفي الذي يقول لي بأني " فشلت " في تحقيق هذا الحلم ...
تركت الرضاعه الطبيعيه وأتجهت للصناعي .. رضع فيها أربعه أشهر رضاعه طبيعيه فقط ...


مع ذلك لازال يرفض الرضاعه ... قلت لعله في البدايه لم يعتد على الصناعي بالشكل الكافي ... لكن حتى بعد مده وبعد اعتياده الكامل ... لازالت نفس المشكله لم يتغير بها شيء ....
بعد فتره ندمت بشده على أداء هذه الخطوه الذي يبدو أنها كانت خطوه خاطئه .....
حينما بدأت أفكر في الماضي ...
وفي ماهي الحلول التي كانت متاحه أمامي ومالذي كان بإمكاني صنعه ...


على الأقل كنت أستطيع شراء جهاز شفط لأمنع جفاف الحليب الذي بصدري مع قله رضاعته إلى أن أجد حل لهذه المشكله ...
على الأقل كان سيحظى الصغير برضاعه طبيعيه كامله ........
ليتني صبرت في تلك الأيام ....
ليتني صبرت أكثر ......
أفتقد الصبر في حياتي بشده ،، سريعه ومتعجله دائما ....
لكن ،،، وعسى أن تكرهو شيئا وهو خير لكم ...



 

رهف 88

Well-known member
معلومات رهف 88
إنضم
15 يناير 2017
المشاركات
2,650
مستوى التفاعل
1,703
النقاط
113
الرضاعة الطبيعية: حلم معظم النساء
تعلمت شيئا بشأن الرضاعة : الحمد لله ان لدينا البديل الذي يشبع اطفالنا ويحميهم من سوء التغذية بفضل الله عز وجل
بخصوص الشفط فمن مجربة اخبرك انها تحربة فيها تحديات : شفط كل ساعتين او على الاكثر ثلاث ساعات يتخللها رضاعة الطفل و القيام بالاشغال التي يجب القيام بها .. مع تأجيل الخرجات .. الشفط يحتاج تفرغا تاما .. والاهم يحتاج صبرا وطول نفس .. تصوري كل ساعتين تغسلين وتعقمين الشفاط ثم تجلسين على الاقل عشرين دقيقة اذا كان الشفاط مزدوج او نصف ساعة واكثر اذا كان عاديا تتفرغين تفرغا تاما في تلك اللحظات مع مخاوف من ان يعتاد الرضيع على الببرونة وتلتبس عليه الحلمة و التفكير في بدائل الببرونة ووو
شخصيا كانت مسألة الشفط متعبة ذهنيا اكثر شي خاصة مع قلة خبرتي في موضوع الرضاعة
بالنسبة لك اربعة أشهر رضاعة طبيعية رغم كل تلك التحديات انجاز اكثر من رائع .. كلمة انجاز قليلة فيه .. الله يجزيك على صبرك وعلى نيتك في اعطاء الافضل لابنك .. لا تلومي نفسك بل كوني فخورة بها : اعيدي تأمل الاحداث وكيف صبرتي على كل تلك التحديات : بكاء مستمر ورضاعة قليلة وتعب وقلة نوم وضغط من الآخرين وتناقص الوزن : كل تحد اكبر من الآخر .. مسألة تناقص الوزن في حد ذاتها مشكلة فعلية تجعلك تفكرين كل مرة في ادخال الصناعي ومع ذلك صبرتي ماشاء الله عليك وقدمتي افضل افضل ماعندك ونجحت نجاحا عظيما لا يمكن الاستهانة به بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
 

ها أنا ذا

Well-known member
معلومات ها أنا ذا
إنضم
27 يناير 2019
المشاركات
1,167
مستوى التفاعل
1,120
النقاط
113
راجيه .. شكرا على النصيحه ،، أشياء كثيره نعرفها بحياتنا ونبدو مقتنعين بها ولكن أحيانا حينما نقع فيها ننسى ماتعلمناه وماعرفناه ...


رهف .... شخصيا ليس لي أي تجربه في موضوع الشفط ولكنه كان من المقترحات من الحلول التي بقيت في ذهني وبالتأكيد من كان له تجربه سيكون أكثر خبره ،،، التحديات ،، نظرتي لنفسي كانت أعلى من ذلك ماكنت أتوقعه من نفسي كان أكبر بكثير ،،بالنسبه لي بما أنه ليس مستحيلا ولي القدره على ذلك بعد الصبر فكان من المفترض أن أصل إلى ماأصبو إليه ،، في مسأله القدرات أثق بأن كل شخص يمتلك قدرات في داخله أكثر مما كان يعتقده ،، مع مشيئه الله طبعا ... شكرا على التشجيع .. أسعدني كلامك كثيرا ...
 

من نحن ؟؟

موقع نسوة : هي شبكه عربيه تهتم بكل ما يخص المرآه وحياتها اليوميه يعمل منذ سنوات لمساعدة والمساهمه في انجاح كافة الامور الحياتيه للمرآه العربيه