الخميس : 2-4-2008م :
داهمني الهواء من شق باب الخيمة المنسدل قليلا ، حاملا بين يديه روح الصباح وترانيم الطيور البرية وسنا الجميلة المخدرة في الأفق . هيهات أن يقف قلبي صامتا دون أن يفتح ذراعيه لجولة في حقول الحرية على حصان جموح يترقب الانطلاق بنظرة موافقة من عيونٍ كحيلة .
على هـــودج..
.. ناخ جملي فارتقيته ، ومضينا على تلال الصحراء ووديانها نعلو ونهبط كما هي الحياة في شدوها ونشيجها .
استسلمت للنوم في النهار كثيرا ، غير أني لم أحتمل أن أغمض جفني عن منابع الضياء المشرقة في الدجى ، كانت كل نجمة ترسل بريقا يشبه سهام القلب حين يحب ، وكانت حنجرتي مزمارا أجاد الحداء على همسات الليل الساكن .
لا أدري كيف أصف رقصة العبرات على قارعـة الصحراء حين يتهادى الهودج يمنة ويسرة برفق لتهبط كل أناشيد الحياة بموجها تدفع عينيّ لهطول ناعم ، يتسلل ما بين الحشا ومعاني الفكر ، وبواطن الذاكرة ، ودروب الوجدان ..
***
كم تغيرت هذه الأماكن ؛ فلقد كانت يوما مليئة بالحياة وبالبشر ، وأما الآن فقد باتت خالية إلا من بعض أنواع الطيور المخلصة !
كل شيء مع مرور الأيـام يتغير ، وشخصياتنا مما تمر عليه سَـنَن التغيير كذلك ، إلا أن ثمة زوايا فيها تأبى أن تتزحزح عن مكانها ، تظل متشبثة بوجودها حتى وإن حاول صاحبها أن يزيحها أو حتى يحورها . تبدو راسخة كالجبال الشواهق التي تبدو لناظري الآن شامخة ، ثابتة ، تتراقص حول قمتها الغيوم وتتشكل في كل لحظة حتى تختفي ، بينما هي هي..
محاولات حثيثة للتغيير ، وقد يبدو بعضها متخاذلا مستسلما ، وهي هي لم تتحول .. لم ترحل.. كل ما هنالك أنها مستمتعة بوجودها ، بينما صاحبها يتشوق لمغادرتها ، حيث أنها مصدر إزعاج ، أو لربما تشكل عائقا عن إتمام أحلامه ورؤاه .
اممممممممممـ........ هل ستظل مصدر إزعاج في الوقت الذي أحتاج فيه إلى الاسترخااااء ، والخلود إلى حياة مطمئنة ؟!
لماذا لا أدعها وشأنها ؟ لمَ لا أتقبلها ، وأستمر في تحقيق آمالي من طريق آخر .. أو.. لربما من منظور آخر ؟! وإذا لم أستمرئ الوضع فلا مناص إذا من رفع مستوى القوة إلى أقصى معدلاته كي أصل إلى نقطة التحول عنه بمبادرة خارقة !
التكيف مع جوانب شخصياتنا التي نرحب برحيلها خطوة جيدة نحو حياة هانئة ، أحيانا ما ليس علينا أن نصر على التغيير ، حتى لا نفقد متعة العمر .
لن أتخم ذهني بالحلول الملحة ، ولن أسحق بالي بتوتـــــر مستمر يغلي من الداخل كبركان يزمع أن يخرج بالحال .. رحلة التغيير ستكون ضربا من المغامرة ، لا الحرب الأهلية !
بـــــــــــــــــــــدار