الثلاثاء : 26 / 3 / 2008 ص
هل تعرفون حادي الصحراء ، وعندليبها الذي يغرد على أغصان وحدته ؟! ها أنذا أرقبه يتهادى من بعيد يرعى إبله ، لقد اتخذ له مكانا ليستريح بينما ساحت إبله في الفلاء تنشد زادها . انطلق بصري خلفها ، وحاك في النفس خاطر : هل هي سعيدة تحت رعاية هذا الحادي ؟! هل تشعر بحريتها الآن ؟! امممم .. ولم لا ؟! إنه يرعاها ويأخذها إلى مواطن العشب الوفير والماء العذب ، ويحميها من هجمات الوحوش .
مـهْ أيها الخاطر .. ها هو الحادي يطلق صوته بقصيد شعبي جميل يناغي دروب القلب الدقيقة ، ويشق السكون الذي يلف المكان ، يا لها من كلمات ! بدأت تسحبني إلى فردوسها بلا ميعاد :
سهام الشمس تجرحني
تـِخـَلـَّي الونــَّة تتمادى
ألا يا ضحكتي فـِزِّي
وداوي الجرحْ على عمـْـقـَهْ
يفور بقوّتهْ يكـْوي
يزلزلْ داخلي أشجانْ
ألا يا حبْ رَحَلْ قبلي
ألا يا وِحـْدِتي ألوانْ
أبي أبكي إلينْ تـْصبْ
سَحـَايـِبْ ضيقتي وهمي
وأشوف المَرْجْ يـِـتـْماوَجْ
زهور الوجد والأحزانْ.....
هوا يمشي على أنفاسي
ويكتب عالمدى عنوانْ :
على ضيمي.. وعلى شوقي..
وعلى سرب الدَّمـِعْ يـِنـْهالْ
عجيب بداخلي أطيار
وعلى ضيِّ القمرْ تنداحْ
وترسم في الفضا صورهْ
عليها قصتي أنغامْ
أنا مشتاااااااااق يا حبي..
وصوتك في الحشا غدرانْ
أنا ولهاااااااااان يا حلمي..
وسفينة قلبي عالمرسى..
أظلْ أنـْطرْ حـَلا زولـِكْ
واكـَتـِّبْ من خفوقي الحانْ
أبيكْ ظـْلالْ...
أبيكْ سـْتـَارْ...
وأبيكْ لروعتي ميدانْ..
وخفقةْ جوفي المليانْ..
* * *
حياتي حلوهْ بافكاري
ولذيذة بـْجـَنـَّة أشواقي
جميلهْ في كيان انسانْ
يداري زهرتـَه تنثرْ
شذاها للعمرْ شِـريانْ
تـِميلْ بهمسة أنواركْ
ونضرة خدها تزدانْ
* * *
ألا يا حب !
سهامك حلوهْ تـِجـْرَحـْـني
وتزرعْ في الحشا أفنانْ
عليها توقف أفكاري
أغنـَّيها..
أناجيها..
وامدَّدْهـــا سـِمـَا لحلـْمي
وسيعَهْ مـْرَصـَّعَهْ بألوانْ..
ولـمـَّهْ الليل يلبسني
أحنّ لشوفتك ولهانْ
أبي بدْرِك ينورني..
ويناغي وحدتي بـْتـِحـْـنانْ !
تاه صوت الحادي بعد أن أخذه النعاس ، فلما اقتربت منه وجدت عبراته على خديه تتلألأ ، تركتُ صحن اللبن قربه ومضيت وأنا أردد قصيدته .. لقد استهوتني ، عرفتُ أن حب الآخر ليس حاجة ً بقدر ما هو حلم جميل يمنحنا شعورا رائعا .