مرحبآ !

من خلال التسجيل في صفحات نسوة يمكنك ذلك من المشاركه وتبادل الآفكار الأيحابيه مع زميلاتك

آشتركي معنا الآن !

٠•● ۩۞۩ تعالي يا [you] نحيي جنان القلب..۩۞۩ ●•٠

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529
٠•● ۩۞۩ تعالي يا [you] نحيي جنان القلب..۩۞۩ ●•٠





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أخواتي الحبيبات


منذ فترة طلب إلينا أحد دكاترة الدراسة أن نحلل سورة من القرآن الكريم ، سعدت بالفكرة ؛ فكثيرا ما وددت أن أقف عند سورة الحديد ففيها آيات تستوقفني عندما أقرؤها كثيرا .

سأضع بين أيديكن تحليل السورة ، فلرب كلمة تحيي همة ، أو توقظ نزعة خير خامدة ، كما يحيي الأرض بعد موتها .



معاني جميلة عشتها ، فعيشوها معي .. :cupidarrow:





الحبيبة بسبوسة.. ها أنذا أفي بوعدي .. :msn-wink:


كل الود والتحايا

بدار



وهنـــــــــــــا رابط الردود :


 
التعديل الأخير:

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529


" سبح لله "

منها انفلق فجر السورة ، وحيث نشهد حركة منسجمة ما بين آيات السورة في تحقيق معنى الإنابة إلى الله تعالى الذي بيده مقاليد السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير .


السورة بأكملها طرْقٌ مُسَدَّد ، بمشاهدها المتنوعة ، وبصورها المجتزأة من الماضي والحاضر والمستقبل ، طرْقٌ على قلوب مؤمنة انقادت لنداءات ميلها الأرضي ، ولهت بالدنيا (المال والبنون والفتن والأماني والغرور ..) .


طرقاتٌ إنعاش ، وإيقاظ للهمم الخامدة في القلوب ، تتجلى في معاني ومساقات مختلفة ، وصور فنية مادية مقتطعة من واقع الحياة ، وواقع الأمم السابقة ، وواقع الآخرة !


طرقاتٌ امتدت عبر الأزمنة ؛ لتحاصر هذا القلب بالحقيقة الأكيدة ، وهي أن الله مالك الملك ، والعليم البصير بما يجول في محيط الكون الواسع ، ومحيط الصدور الرحبة بخطراتها الصاعدة والهابطة .




عملية الإنعاش القلبي – إن صح التعبير – هي عملية إحياء لهمم خامدة غافلة ، فهو الله الذي "يحيي ويميت " : يحيي الأرض بعد موتها ، ويحيي القلوب بعد غفلتها ، وكل ذلك فضلٌ من الله سبحانه ، وهي الخاتمة التي جاءت في آخر آية " والله ذو الفضل العظيم ".


عملية إنعاش وسط معمعة من الصراع ما بين الظلمة والنور ، والهداية والضلال ، والإنفاق والبخل ، والسـَّبْـق وطول الأمل ، والأسى والفرح ؛ تتعاقب على النفس البشرية كتعاقب الليل والنهار ، وسهام ٌ من الفتن والأماني والغرور تتقاذف القلب المؤمن ، في عملية متتابعة بين ولوج وخروج ، ونزول ومعراج ، وهي في علم الله سبحانه ، كعلمه بما في السماوات والأرض .



وهكذا.. تنطلق السورة من مقصد أساسي وهو إيقاظ همة الخير في قلوب مؤمنة مالت إلى الدنيا ، وانشغلت بفتنها وزينتها . ومن هذا المفهوم توالت أجزاء السورة ، يستدعي بعضها بعضا ، في علاقة سببية ، تؤكد أن النتيجة الأخروية متوافقة مع عمل الإنسان في الدنيا ، وأن تحقق الإيمان قد يفوت المرء حين يسوِّف ، ويؤجل ، فتختم الفتن والذنوب على قلبه . وإنما بالمبادرة الآن ، وإسعاف النفس بما يقوي إيمانها من الصدقة والذكر والتقوى واتباع الحق ، سيحيي ميت همته ، ويعيد إليه شباب إيمانه .



تابعوا معي..
 
التعديل الأخير:

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529

وكي نحدد أجزاء السورة يمكننا التأمل في الضمائر التي توزعت في أنحاء السورة ؛ فالضمائر التي سيطرت على السورة هي ضمائر الغائب والمخاطب ، والمتكلم ، والأخير وقع في آخر السورة في حديث الله سبحانه عن أهل الكتاب ، وإرسال الرسل وإنزال الكتب عليهم . وأما ضمائر الغائب والخطاب فقد طغت على السورة ، وجاءت بالتناوب ؛ فتأتي آيات بضمير الغائب ، ثم تعقبها آيات بضمير المخاطب ، وهكذا .


وقد أعاننا هذا التوزيع على تحديد أقسام السورة بعض الشيء .
فالقسم الأول : الآيات (1-6) : جاءت بضمير الغائب : " سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".


وفي الآية الثانية وما يليها إحالات سابقة إلى الله ، يأتي فيها ذكر لصفات الله تعالى وإحاطته وعلمه ، وهو مما يحقق سبكا لهذه الآيات ، وحبكا لمفهومها ؛ فهو الله الذي التي تتجلى فيه كل هذه الصفات العظيمة .


جاء هذا الجزء في حركة موحية ، تعطي تهيئة للنفس كي تستقبل الحقائق والمسلمات التي تطرق على القلب ؛ لتنبهه إلى غفلته وانشغاله عنها .

ينطلق المفهوم الأول هنا ، وهو الحقيقة الناصعة بأن الله هو مالك الملك ، العالم بما في السماوات والأرض ، وبما يدور في الكون ككل ، عالم بما يلج الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، وعالم بما تمور به صدور العباد من خطرات صاعدة ونازلة كذلك..

فالعالم الكوني ، والعالم القلبي ، بفضاءاتهما الرحبة ، كلها في علم الله سبحانه ، وتحت أوامره ! إلا أن الكون استجاب لخالقه ؛ فأذعن وانقاد وسبَّح له ، وأما الإنسان فخاض في لجج رغباته ، ومال نحو همته الأرضية .

وهناك الكثير من الطباقات في هذا الجزء ، وهو مما يعمق الإحساس بالاستغراق وامتداد العلم الإلهي ؛ فهو الأول والآخر ( مطلق العلم بالزمان ) ، والظاهر والباطن ( مطلق العلم بالمكان ) (1) ، وعليم بالصاعد والنازل في الكون وفي الصدور .

وتكرر لفظ السماوات / السماء في هذا الجزء خمس مرات ، وفي السورة ككل سبع مرات ، ولفظ الأرض تكرر في هذا الجزء كذلك خمس مرات ، وفي السورة ككل تسع مرات ، والعلاقة ما بين العددين – في إطار السورة ككل - هي علاقة غالب على مغلوب ، وهي علاقة التذبذب التي يعيشها المؤمن وسط مغريات الدنيا وفتنها ، ما بين ميل أرضي وميل سماوي ، وهمة نحو الخير وهمة نحو زينة الحياة الدنيا ، فأيهما يغلب ؟! ومن سترجح كفته ؟!


وجاءت الآيات بصيغ متوازية تتكون من : ما ( الموصولة ) + فعل مضارع ( يفيد الدخول أوالخروج ، والنزول أوالصعود ) .

وهذه الأفعال بكونها في زمن الحاضر ، وبما تحمله من معاني الحركة ، تشحـن السورة بجوٍّ نَـشِط ، ينسجم مع قصد السورة في إنعاش قلوب لم تستوعب حقيقة الإيمان الكبرى بعد .

تابعوا معي..

 

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529
ثم تنتقل بنا السورة إلى القسم الثاني ( 7-10 ) بصيغة المخاطب ، والمخاطب هنا هم فئة المؤمنين الموجهة إليهم السورة .

ولم تبتدئ السورة بمخاطبتهم ؛ تلطفا ، وتدرجا في استمالتهم ، فقلوبهم التي تحمل بذور الخير لا بد وأن تستنهضها الحقائق ، ولا سيما المتعلقة بعظمة الله سبحانه وعلمه . ثم إن المخاطب هنا محذوف ، وهذا فية دلالة على مزيد من التلطف .


إن الله العليم البصير يدعو المؤمنين إلى الإنفاق في سبيله ، وأن يستجيبوا لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام ، الذي أرسله الله ونزَّل عليه كتابه ؛ كي يخرجهم من ظلمة الضلالة إلى نور الهداية ( علاقة سببية ) ، فالإنفاق من أوضح الدلائل الإيمانية ، وبه تتخلص النفس من شحها وبخلها في سائر الطاعات والعبادات ، فالبدء بالدعوة للإيمان والإنفاق يشير إلى أثر هذه العبادة في تغيير النفوس ، وجلاء القلوب ، وإيقاظ همة الخير فيها .



يتكرر لفظ الإيمان في هذه الآيات بصيغ متنوعة ( تكرار جزئي ) : آمِنوا ، آمـَنوا ، تُؤمنون ، لتؤمنوا ، مؤمنين .
ويتكرر كذلك لفظ الإنفاق في هذه الآيات بتكرار جزئي : أَنْفِقوا ، أَنْفـَـقوا ، تُنفِقوا ، أنْفـَـقَ ، أَنْفـَـقوا ) وهذا التكرار لكأنه نداءات خفية تدعو للإنفاق والإيمان ، كخلفية صوتية – ربما – تحفز المخاطب للاستجابة ، وهذا التكرار يحقق نوعا من السبك في ظاهر النص ، وحبكا في تأكيد مفاهيمه .



تابعوا معي...
 
التعديل الأخير:

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية أغبط نفسي على هذا التفاعل الرهيب :showoff: فشكرا لكن أخواتي جميعا ومن القلب .

ثانيا : فكرة الاسم في العنوان تظهر لكل واحدة باسمها ، حتى انه الكثير راسلنني على الخاص لماذا أنا بالذات ؟ :shiny: وعموما هي ليست من ابتكاري وإنما ابحثوا عن المبدعة التي قامت بذلك من مراقبات ومشرفات القسم الديني ربي يحفظهن :icon26:


لكم كل الود والتحايا

دعواتكن

بدار
 

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529


وحينما ننتقل إلى القسم الثالث من السورة ( 11-15 ) تبتدئ بصيغة الغائب ، والحكمة من البدء بالضمير الغائب في قوله تعالى : "مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ " ، لربما – والله أعلم – لإلباس المقصود بهذه الآية هالة من التميز ، وعلو الشأن ، فمن هو هذا الذي يصل إلى هذا المستوى من الهمة في الخير ؟! إنه ليس شخصا بذاته ، ولكن بالإمكان أن تكون أنت هو !


ومجيء الآية بصيغة السؤال يدعم هذا المعنى المذكور ، إنه يشحذ الأذهان كي تتأمل وتتدبر فعل هذا الشخص ؛ كي تتخذه نموذج احتذاء !




ثم يلتفت السياق إلى صيغة الخطاب : " يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " ، وههنا عرض لمشهد مقتطع من مشاهد الآخرة ، مشهد محفز للقلوب المؤمنة كي تُقبل على الإنفاق ، وتتفتق الأنوار في صدورها .



إنه نور الصدقة والإنفاق ، يأتي بنور الآخرة . فهذا الجزء استدعاه الجزء السابق ليؤكد على مفهوم الإنفاق ، وأثره البعيد إلى يوم الآخر ، فهو علامة علامات التصديق والإيمان بالله في الدنيا ، كما أنه نور في الآخرة .



ولقد تكرر لفظ نور بصيغ متنوعة محققا الربط بين هذه الآيات : نورُهم ، نوركم ، نورا.


وتأتي مجموعة من الألفاظ تحتبك معانيها مع ما ورد في الجزء الأول : " فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ " ، الانفتان والتربص والريبة والاغترار بالأماني والغرور .. كلها أمور قلبية ، لا يعلمها إلا الله ؛ فعلم الله الذي نبهت إليه الآيات في بداية السورة سيكشف عن عالم الصدور وما يموج فيه من ألوان الفتن والغرور ؛ لأنه بكل شيء عليم ، بصير ، وعليم بذات الصدور !
 
التعديل الأخير:

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529

في القسم الرابع من السورة يأتي النداء صريحا ، بعد سلسلة من من المقدمات والتمهيدات الموحية التي خاطبت القلوب همسا : " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعلموا أنَّ اللهَ يُحْيي الأَرْضَ بَعدَ مَوتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّـكُم تَعقِلونَ ."


والنداء هنا للقلوب بأن تخشع لذكر الله ، وهو التسبيح الذي ورد في أول السورة " سبح لله " ، وأن تخشع للحق الذي جاء به الرسل وكتبهم .

هذا القلب المتقلب ، المنفتن بالدنيا ، بزينتها ولهوها ولعبها وملهياتها من مال وأولاد ، سيكون عرضة مع التسويف ، وطول الأمد ، لتراكم حب الدنيا فيه ، حتى يطمس عن النور ، ويتيه في الضلالة ، فيقسو ، ويظلم ، ويسير في درب الفسق والضلال .


الطباق ما بين " تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ " في أول الآية ، و " فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ " في آخر الآية يرسم صورة متباينة تستدعي كل صور الخشوع في الإيمان بالله وذكره والإنفاق في سبيله ، وكل صور القسوة في الانفتان بالدنيا والغرور ، ويقف الزمن هنا كفاصل بين الانقياد لصورة الخشوع أو لصورة القسوة ؛ لأن المحك هو المبادرة الآن استجابة لنداء الخير ، أو التسويف إلى أن يطول الأمد فيقسو القلب ، فالنتيجة مترتبة على مبادرة أو تسويف .


لفظة " الأرض " وردت هنا في موضع تشبيه القلب بها ، فكلاهما موضعٌ للحياة والموت ، وفي القسم الأول من السورة ، ارتبط ذكرها في علم الله بما يلج فيها وما يخرج منها كعلمه بما يتردد بالصدور ، ثم سيرد ذكرها في قسم لاحق في قوله تعالى " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا " ؛ فهي والنفس البشرية موضعٌ للمصائب ، وهذا الارتباط الجميل ما بين الأرض والإنسان بقلبه وصدره ونفسه جاء في مواضع يقع فيها قلب الإنسان كأرض قابلة للاستثمار في جانب الخير أو جانب الشر ، فقد يزرع الانسان في قلبه خيرا ، وذلك باختياره ، وقد يزرع فيه شرا ، كما قد يحصل للأرض ، فقد تُستزرع فتدب فيها الحياة ، وقد تُهمل وتُتْرك فتموت وتهلك ! فالإنسان له أن يوجه خطراته للخير بالاستجابة لها ، وله أن يبادر إلى ذكر الله والإيمان به والإنفاق في سبيله كي يخشع قلبه وتدب فيه الحياة ، وله أن يتقبل المصائب بقلب مؤمن بقضاء الله ، وله أن يكون على عكس كل ذلك !
 
التعديل الأخير:

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529

بعد تقديم صورتين ؛ للقلب الخاشع ، والقلب القاسي ، تتحرك الآيات لتدعم صورة الإيمان ، بالتحفيز على الصدقة والإنفاق في سبيل الله ، وليس ذلك وحسب ، بل لترتفع الهمة إلى مراتب أعلى مع الصديقين والشهداء ، وذلك في القسم الخامس : " إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ " .

ويتكرر هنا قول الله تعالى في القسم الثالث من السورة : " مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ " بتكراره هنا : " وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ " ، وهو من باب التأكيد على هذه الدعوة ، والتحفيز لها .


وبعد الصورة المحفزة ، تأتي صورة أخرى تبين حقيقة الدنيا ، وحقيقة زينتها –وهذا هو القسم السادس- فما هي إلا حطام (20-21) : " اعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ".


صورة مُلْتَقَطة من الطبيعة ، تصف لحظة إعجاب الانسان بخضرتها ونضرتها ، فما هي إلا أن تتلاحق عليها عوامل الفناء والزوال ، فتصفرّ ، وتيبس ، فتكون حطاما !

فهذه هي حقيقة الدنيا التي تفتن القلوب ، وتنجذب إليها بسلسة من الإغراءات ، تضرب عليها حتى تسد منافذ الخير إليها مع مرور الوقت والتسويف .

فهذا مشهد آخر يضرب على قلب المؤمن كي يفطن إلى نفسه ويعتبر ، ويبادر ويبادر من أجل ماذا ؟!
" سَابِقُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ".

السبق ثانية هو المطلوب ، وها هو النداء الصريح الثاني للمبادرة بالعودة إلى الله ، قبل أن يطول الأمد فتقسو القلوب .
 

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529


ويتبع هذا المحفز القوي ذكرٌ للمصائب التي تجفل منها القلوب –في القسم السابع- ، فكأن ما سبق تمهيد يحقق انفعالا إيجابيا يخفف الانفعال السلبي التي قد يتولد بذكر ما تفجع منه النفس :

" مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ".


والمصائب حين تقع ينشغل القلبُ بأحزانه وهمومه ، ويصبح الألم هو طابعه وهو قمة ما يشعر به ، قد ذهل عما حوله ، ونسي أن الله سبحانه معه ، قادر على أن يرفع همه . انساق وراء انفعاله المحموم ، وأصبح ينظر إلى مصابه بأنه الوجود كله ، لا أنه ومصابه ذرة من هذا الوجود الذي خلقه الله ، وقدر ما سيكون فيه ، وحظ كل إنسان فيه ، قبل أن يخلق الأرض ومن عليها !

 

بدار

ملكة متوجة
إنضم
28 ديسمبر 2006
المشاركات
1,529

ثم يأتي ذكر مشاهد من الأمم السابقة –في القسم الثامن- تقدم للمؤمنين صورة لفِعل هؤلاء ومآل أمرهم ؛ فكثير منهم فاسقون ! وفي هذا تنبيه كبير إلى أن الفتن قد تدخل القلب من مداخل تبدو خيرة ، ولكن النيجة إلى غير ذلك تماما .


وتكرر ذكر " وكثير منهم فاسقون " في هذا القسم مرتين ، وفي القسم الرابع مرة واحدة ، وكلها عائدة إلى أهل الكتاب الذين استسلموا للفتن وطول الأمل ، فكانت عاقبتهم غير محمودة .


وتختم السورة في الآيات ( 28-29 ) – وهي القسم التاسع والأخير- بالدعوة مجددا إلى الإيمان بالله وإلى التقوى بصيغة الخطاب .
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى