يوم ميلاد ماريا

[نسائم ود]

غربتنا مثل البحر !!

موحشة كظلماته..متقلبة كأمواجه ..
جميلة كمكتشفاته...أخاذة كأسراره..مختلفة الناس ككائناته..
واسعة الدروس كعمقه وامتداده..

كان يوم عيد ميلاد ماريا درساً مهماً لي أخذته من مدرسة الحياة التي لا أنفك طالبة على مقاعدها كل يوم!!

كنت يومها غارقة في أعمال البيت والدراسة حينما أخذت ماريا تحكي لي أن صديقتها ( جوليا ) في المدرسة قد احتفلت مع أمها بيوم ميلادها وكيف أن الأم قد أحضرت بعض قطع الكعك الصغير الذي تقاسموه بينهم .. قالت ما قالت وانصرفت غير مكترثة ...

غرقت في دوامة من الأفكار والخواطر .. هل عدم حماسها في سرد الموضوع هو مجاملة لي أم قياس لردة فعلي ؟ هي تعلم أن يوم ميلادها قد اقترب ولكنها لم تسأل عن أي شيء ؟هل نحن بحاجة لحفلة عيد ميلاد حقاً !!

قال قائل بأن لا حرمة فيها ولا لبس فالدين يسر أباح اللهو البريء ...ونادى آخرون بأنها ليست من الدين في شيء بل هي أمر ( محدث ) لم يعتده أحد من أسلافنا العظماء ..وأياً كان رأي كل فريق فأنا مازلت مع الفريق القائل بأن القضية الأعمق من هذا والأكبرهي قضية الولاء والهوية والأفكار يمتلأ بها هذا القلب الصغير الذي هو قلب ابنتي!!


قلت في نفسي : إن كنت سأقيم ( حفلة) وأرعى تحضيراً لها وأنا التي أود لو يباع ( الوقت ) في السوق لأسارع فأشتريه ..فلتكن هذه الحفلة على شيء ( يستأهل ) !!

هاتفت مدرستها وقلت لها لكوننا مسلمين قد ودعنا رمضان والعيد من أيام قلائل أفتأذنين لي بآخر الوقت لنحتفل بعيد ماريا ؟

اتفقت معها على أن يكون الموضوع كله مفاجأة لها ..بعدها بيومين قدمت المدرسة ماشية قبيل الوقت المحدد بدقائق ..قابلت مدرسة ماريا العام الماضي ..لما علمت بما سأصنع ابتسمت وقالت سأساعدك ...سأنادي عليها للفصل عندي مدة خمس دقائق ..راقبي خروجها من بعيد ثم ادخلي

..حملت أغراضي ودخلت فصلها وسلمت على مدرستها والتلاميذ ..و وقفت بينهم ( خطيبة ) وقلت إن ماريا فتاة مسلمة والمسلمون حول العالم قد أنهوا صيام شهررمضان واستقبلوا العيد وماريا صامت 7 أيام فلتقولوا كلكم لها هذه العبارة ( ( Happy Eid وكتبتها لهم على السبورة بخط كبير مع بعض الزينة .. أحضرت معي أناشيد وتكبيرات العيد ..كان صوتها مميزاً ..ولحظة لا أنساها عندما عادت ماريا للفصل فرأتني ..بالطبع كانت في غاية التأثر وكذلك الجميع قال لها ( Happy Eid) ماريا!!

أكملت أقول إن العيد عندنا رمز الفرح وفعل الأعمال المميزة... واليوم لدينا بعض الألعاب نلعبها سوياً ..كانت أكثر الألعاب حماسة للصغار تلك التي طلبت منهم الجلوس على شكل دائرة وأعطيتهم كرة ملفوفة بحوالي ثلاثين طبقة ...على أنغام الأناشيد تتداول بينهم لتستقر في يد ٍ ما عند توقف النشيد.. وعلى صاحب تلك اليد محاولة نزع ما أمكن من طبقات قبل إعادة أصوات الأناشيد ...كان ما بداخلها صندوق حلويات للجميع !!

وقت إنصرافي شكرتني المدرسة بحرارة وقالت : أحسنت صنعاً لأنك عرفت الأطفال بثقافتكم وما تحملون من هوية فنحن نسعى في كندا لتعليم الأطفال شيئاً قليلاً عن ثقافة كل شعب..كان الموضوع جديداً ومحمساًَ لباقي التلاميذ وهذا في نظري أفضل من أعياد الميلاد !!


في طريق عودتنا للبيت أحسست بسرور كبير عندما سارت معنا صديقة لماريا ماشية وكانت تسأل ماريا عن رمضان والعيد وماريا تشرح لها كل ما تسأل عنه ..



تربية أطفالنا ( تربينا ) نحن معهم أحياناً !! وكل مرحلة فيها تحدي وصعوبات تخلق روح الإبداع عند الوالدين والمربين ورب ضارة نافعة ..لكن إن كنا سنقدم بدائل ( وهي ضرورة ملحة أحياناً ) فلتكن هذه البدائل ( مبهرة !! ومشبعة ) تصل لدرجة الإقناع والرضا ......والهداية أولاً وأخيراً بيد المولى جل وعلا وفي أيدينا فقط تبقى الأسباب..

لا تضعفي أمام طفلك .. لإحراج ممن حولك أو شهوة في نفسك .. أو حتى لتحقيق رغبة طفلك
فسيرى أن كلامك مخالف لفعالك أحيانًا

علمي طفلك الثبات على المبدأ و الدين ..
و أنه مهما كثر المخالفين فهذا لا يعني أنهم على الحق

الطفل يبقى طفلاً و يشتهى ما عند الآخرين .. و يتمناه ..
فلا تحرمي طفلك هذه المتع .. لكن اصنعي المناسبات وفقًا للدين
( كالصيام كما في القصة ، أو إتمام حفظ سور من القرآن ، حفل نجاح ، أو إنجاز كبير للطفل )

قد يشعر طفلك بالنقص أو الغيرة من هؤلاء .. فتلمسي مشاعره .. و سانديه
قولي له أعرف ما تشعر به .. و احكي له قصص صغار الصحابة .. و طاعتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم

اجلسي معه و احكي له عن الجنة و الثواب العظيم الذي يحصل له بترك المنكرات ..


* القصة بقلم صديقة لي في الغربة

*للعلم الموضوع منقول

 

[الهديه]

سلمت يداك ع هذا الموضوع

طالما كانت بنتي تتمنى حفلة
وسويتلها جفلة نجاح مفاجئة
وطارت من الفرح
ما أنسى فرحتها

 

[&لحظه صمت&]

يعطيك العافيه

 

[حنين العراق]

غاليتي
لك من الاسلوب اروعه
ومن السرد اجمله
انرت صفحات المنتدى بمشاركت غاليتي
لا تحرمينا هذا الابداع
.
.
اختك حنونة​