"أنا أسمي محمد.....أذهب إلى المدرسة.....أنا في الصف الثالث....قالت أمي...بأنك أرسلت المال كي أذهب إلى المدرسة و أحفظ القرآن....أنا أحبك كثيرا...أنت طيبة...لأنك تعطيني المال و تساعديني....أمي دائما تدعو لك...أنا و أمي نحبك كثيرا....شكرا لك..."
غرقت في بحر الدموع....بكيت كما لم أبك منذ سنين....بكيت و أنا أحاول جاهدة تأمل ملامحه البريئة في تلك الصورة المرفقة برسالته المختصرة....ملامح تتفجر بمعاني الصدق و الطهارة....شكله الخارجي مرتب بالرغم من تلك الثياب الممزقة بعض الشيء...شكله مرتب بالرغم من عدم تناسق الألوان في اختيار ملابسه كما يتضح في الصورة....ومن بين شلالات الدموع التي اكتسحت وجهي المحمر...تسللت إلى شفتي ابتسامة تعبر عن الارتياح....ابتسامة نبعت من رضى قلبي و نفسي برسالته التي أبكتني....رسالته التي هيجت في نفسي مشاعرا و أحاسيسا...مشاعر لم أرغب في أن اشعر بها وحدي...فأصر قلمي على اقتسامها معكم....فهل تراكم عرفتم من هو محمد؟؟؟
محمد طفل يتيم...باكستاني الجنسية....توفي والده منذ بضع سنين ...ولم يتبق له في هذه الدنيا سوى والدته التي لم تجد إلا عملا متواضعا في بلدتها الفقيرة...مروا بظروف صعبة لا يعلمها غير الله....تمنت والدة محمد أن تلحقه بالمدرسة....تمنت أن ترسم الابتسامة على تلك الشفاة الصغيرة المتشققة...لكم تألمت وهي تراه ينظر إلى أقرانه وهم يدرسون و هو لا يستطيع إلى ذلك سبيلا لقلة ذات اليد....فكم وقف محمد يتأمل الأطفال وهم يرتدون ثياب المدرسة وهو لا يملك حتى ثمن القماش....كم رمق الأطفال بعين دامعة وهم يشترون ما يشتهون من الطعام وهو يبيت أحيانا على صراخ معدته ولا من طعام....كم مرة اشتكى محمد لوالدته الشعور بالبرد ولا من ثوب يدفيه أو غطاء يحتويه!!! فتوجهت والدة محمد إلى بارئها بالدعاء...طرقت ذلك الباب العظيم وفي قلبها يقين بالإجابة. ومن ثم اتكلت أم محمد على الله وقدمت أوراق محمد مع أوراق أيتام المسلمين الذين يحتاجون لمحسن يكفلهم.
وصلت أوراق محمد إلى دولتي الحبيبة....وقدر ربي بأن أقرر و صديقاتي كفالة أحد الأيتام في نفس الفترة التي وصلت فيها أوراق محمد... فكان ذلك اليتيم هو محمد....سألت عن المبلغ الذي يتوجب دفعه...نزلت الإجابة على رأسي كالصاعقة....150 درهم فقط....يا سبحان الله.....إنسان سيعيش ب 150 درهم في الشهر.....وشبابنا اليوم يشترون كل اسطوانة من اسطوانات الأغاني والمجون ب 50 درهما...أي أن ثلاثة اسطوانات يساوي ثمنها ثمن حياة محمد و دراسته....تهافتت التساؤلات إلى ذهني و تدافعت..كم ثوب و كم حذاء يساوى ثمنه أكثر من 150 درهما ومع هذا لم نتنازل عنه بل صممنا أكثر و تمسكنا به...تساءلت بيني و بين نفسي لبرهة...كم فستان بلغ ثمنه أكثر من 500 درهم و اشتريته دون تردد؟!...ياترى إن أرسلنا هذا المبلغ إلى محمد فكم ستكون سعادته!!!
أحبتي في الله.....
ماذا سنجني من تبذير الأموال على أمور تافهة...وماذا سنخسر إن تنازلنا قليلا عن حبنا للبذخ و خصصنا 150 درهما شهريا لطفل يتيم لا معيل له!....فكم تساوي ابتسامة بريئة ترتسم على شفتي طفل نسي معنى السعادة منذ زمن!....فوالله دعوة صادقة...من أم سعيدة بنفقتك على طفلها اليتيم تساوي الدنيا و ما فيها...ولعلنا بتلك الدعوة ندخل الجنة مع أوائل من يدخلونها بإذن الله تعالى....
واعلموا يا رعاكم الله أن السبيل إلى ذلك سهل يسير...فحتى و إن كنت طالبا أو طالبة في المرحلة الثانوية وليس لديك مصروف خاص يمكنك من كفالة يتيم فلا تيأس، بإمكانك أن تكون أنت ومجموعة من أصدقائك شركة خاصة بكم...يساهم كل واحد منكم في هذه الشركة بما يستطيعه ليصبح لديكم في نهاية كل شهر 150 درهما أي ما يساوي قيمة كفالة اليتيم، بذلك يكسب كل واحد منكم أجر كفالة اليتيم بسهولة و يسر...فقط جددوا النية..واعزموا و توكلوا على الله.
وأقول لمن لا يستطيع إلى ذلك سبيلا ادعو غيرك و شجعه على كفالة اليتيم فالدال على الخير كفاعله، ولا ننسى قول من لا ينطق عن الهوى حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم " أنا و كافل اليتيم في الجنة هكذا" و أشار بالسبابة و الوسطى، و فرج بينهما. رواه البخاري.
فيا طامعا بجوار خير البشر...في جنة خالق البشر...الفرصة أمامك...والثمن بين يديك...فأقبل أيها المسكين...واغتنم فرصة قد تندم على تفويتها حين يواري جسدك التراب...فتتمنى لو أنك كفلت ذاك اليتيم..وحظيت بدعوة صادقة...تقيك جهنم و حرها...وتدخلك الجنة بسلام.
أختكم// ود
(( صاحبة كتيب نور النور الذي يحمل هذه المقالة ))