قال الله تعالى في سورة المؤمنون لسيدنا نوح عليه السلام :
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(28)
وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين(29)
وإذا تأملنا الآية الأولى نجد أن الله تعالى أمره بحمد ا لله على نعمة النجاة من القوم الظالمين ، وهو هنا يعلِّمه ألا تُنسيه النعمة المنعِم ،
أما في الآية الثانية فقد أمره بهذا الدعاء الواضح ... أي بالاستعانة به تعالى بعد نجاتهم وتوجههم إلى حيث لا يدرون ،
وإذا لاحظنا معاني الآية الثانية لوجدناها ؛كما يفسرها فضيلة الشيخ " محمد متولي الشعراوي " في خواطره القرآنية (المجلد السادس عشر) :
المُنزَل المبارك هو المكان كثير الخير ، فالشيء المبارك هو الذي يعطي فوق ما يُتصوَّر من حجمه وإمكاناته ... كأن يعيش شخص براتب بسيط عيشة كريمة ، ويربي أولاده تربية حسنة ، فيتساءل الناس: " من أين له ذلك؟!!" ، ونقول :
إنها البركة التي تحُل في القليل فيصير كثيرا ،
فمهما كان الوارد قليلاً ، فإنه يكثر بقِلة المُنصرف منه .
فالبركة رزق سلبي لا يزيد من دخلك ، ولكنه يقلل من مصروفك .
أما معنى خير المُنزلين : فالله تعالى هو خير المُنزلين لأن العبد قد يُنزِل شخصاً في مكان مريح ،كأن يُسكنه في بيت مُريح ،أو يستقبله ضيفاً عليه ..إلخ .
وإذا كان الإنسان مُنزِِل بهذا المعنى ، فالله عز وجل هو خيرُ المُنزلين ، لأنه – جل جلاله – حين يُنزلك ، يُنزل على قَدره ، وعلى قدر مُلكه وكرمه !!!!! (إنتهى حديث فضيلة الشيخ الشعراوي )
أما ما يلفت النظر في هاتين الآيتين ، فهو أن الله تعالى أمر نوح بحمده ، وما أحوجنا نحن إلى هذه التذكره !!!!
كما أمره وأوصاه بهذا الدعاء : " رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين "
وإذا كان هذا الدعاء أمر منه سبحانه ، فلابد أنه دعاء عظيم الفائدة ، جليل النفع، كثير الخير !!
فلماذا لا تدعو به نحن ، وما أحوجنا إليه؟!!!
لماذا لا ندعو به عند خروجنا من المنزل بعد دعاء الخروج المأخوذ من السُّنة المطهرة ؟!!
وعند دخولنا إلى السوق، والعمل ، وأي مكان نود فيه قضاء حاجة من الحاجات ،أو نرجو فيه التوفيق .. بل وعند زيارة أيٍ من الناس، لكي يجعل الله تعالى هذا المكان لنا كثير الخير ، ويحفظنا فيه من كل شر؟!!
هل نجربه ؟