أحمد ..طفل مشاكس..مطيع..فطن..
ولله الحمد أنه يسكن وسط
عائلة متدينة محافظة..تعرف حقوق الله و الواجبات الدنيوية..لتنال
الفردوس في الآخرة..
كانت أم أحمد قبل يوم من شهر رمضان تجتمع مع أبناءها الكبار منهم
والصغار ..
في مجلس للذكر .. تنبه وتعظ وتنير في قلوب أبنائها شعلة الإرادة
لاستغلال رمضان بصورة مثلى ..
في تلك الأثناء الكل يتحمس لاستقبال رمضان ويستغله للقضاء على عادة
سيئة اكتسبها دون إرادة منه ..فهكذا أفهمت أم أحمد أبنائها .. أن رمضان
معقم القلوب .. ومطهر النفس البشرية .. من كل فيروسات وميكروبات
وطفيليات دنيوية..
كذلك أحمد الطفل ..بعد الشحنات الروحانية التي اكتسبها من حديث والدته.
عزم أن يصوم في هذا الرمضان بإذن الله
.. وحدث والدته قائلاً::
أماه .. لقد كبرت وصرت قادراً أن أصوم عن الأكل والشرب..وحتى المعاصي..لذلك أعدكِ أن أصوم رمضان كل أيامه ..
الأم :
بارك الله فيك يا أحمد . أنك رجلٌ .. يعتمد عليه ..
وأنا سأكافئك بأن أيقظكَ لتتهجد معنا في الليالي العشر الأخيرة
من رمضان .. عسى الله يرزقنا بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
أحمد :
وما هي ليلة القدر وما الفرق بينها وبين الأيام الأخرى في رمضان يا أمي ؟
الأم :
إنها خير من ألف شهر يا بني
إنها سبيلك للجنة . . وقد تكون في العشر الأواخر من رمضان
هنيئاً لمن يغتنمها..
وكيف أغتنمها ؟ كيف يمكنني أن أحصل عليها أرجوك اخبريني؟
حسنا يا حبيبي .. يكون إحيائها بكثرة الدعاء والإستغفار وصلاة التراويح
والقرآن ويكون ذلك من غروب الشمس إلى طلوع الفجر..
وهل سأحصل على الجنة .بعدها ..
بالتأكيد .. ستكون طفل نقي طاهر .. ومثواك الجنة إن شاء الله ولكن بشرط أن تصوم رمضان كله وليس فقط عن الأكل حتى في أخلاقياتك فلا تكذب
ولا تخاصم الآخرين..لأن رمضان يعلمنا على ذلك كي .. يهذبنا ..
حسنا أمي ..
ثم أدخلت الأم كفها في جيبها وأخرجت منه صورة لتريها أحمد
ما رأيك
مسكين هذا يا أمي
هل تريد أن تعرف كيف يشعر
لا بد أنه جائع ..
هل جربت أن تعيش بدون طعام 10 ساعات
لا أستطيع
ما بالك أن هؤلاء لا يجدون ما يأكلون ..بالأيام
الصيام يا ولدي سيعلمك الشعور بالجوع حينها ستفهم إحساس الفقراء والمساكين...ولكي نكسب الأجر يجب أن نكثر الصدقة في رمضان..
حسنا يا أمي..
أوى أحمد مبكراً إلى فراشة فبالإضافة لكونه صائم فغداً أيضا يوم دراسي..كان يفكر بحديث والدته
عن الشعور بالجوع والإحساس بالفقراء..متلهفاً..ليجرب هذا
كما أنه متحمسا لصوم رمضان بأكمله من أجل ليلة القدر..
استيقظ أحمد وهو غير جائع لأنه قد تسحر قبل 3 ساعات
ذهب أحمد إلى المدرسة وهو سعيد ..
ولكنه تفاجأ حين وجد كل الأطفال في صفة عند وقت الفسحة يأكلون الفطائر والشرائح وذلك التفاح وأخر يرتوي من الماء..فشعر بالضيق..كان يظن أن الجميع سيصوم في هذا الشهر..إنما جميع أبناء صفة لم يكن صائماً..فشعر بالجوع والعطش..وتذكر والدته حين تحكي له عن الفقراء وما يشعرون به حين لايجدون لقمة العيش لأيام كثيرة..فحزن في نفسه عليهم..وقال ما أشد قسوة الجوع .. ثم
نظر أحمد إلى سلمى التي تأكل الحلوى بشراهة..فسال لعابة ..
وهاهي تلعق أصابعها بسعادة ..وكان أحمد قد اعتاد أن يأخذ من سلمى الحلوى خلسة من يدها .. فيهرول في الهرب .. وهو يضحك عليها .. ولكن هذه المرة تذكر أنه صائماً..فظل مكانه..إلا أن سلمى أقبلت إليه..منزعجة من نظراته .. محتقرة إياه ..تقول:أحمد هاك هذه القطعة لقد جلبتها لك فلا تأخذ مني حلاوتي بعد اليوم..كل يوم سأجلب لك قطعة أيها الشرير..
تركها أحمد .. راكضا متجها نحو الباب خارج الصف..وهو منزعج..
كان لدى أحمد صديق وفي اسمه طارق..ذو شخصية قوية وقيادية رغم صغر سنة إلا أنه ذكي وفطن ربما البيئة التي ولد بها في القرية بين أبوين شديدين هي من شكلته هكذا ..
فلحق طارق بأحمد ليحمل هم صديقة الوفي فكما يقال
الصديق وقت الضيق..
طارق :
أحمد ما بالك يا صديقي ..
أحمد .. غاضبا :
.. لا شيء
طارق:
لما أنت حزين أخبرني هل ضربك سعيد ورفقائه
أحمد:
كلا .. اصمت عني أنا صائم ..
طارق:
صائم ؟!
أحمد:
نعم صائم . هل ستخبر الآخرين ليسخروا مني..
طارق:
كلا..لماذا أنت صائم ؟
أحمد :
لأن والدتي أخبرتني أنها ستوقظني في العشر الأواخر من رمضان لأصلي وأقرأ القرآن وأستغفر الله
طارق:
ولماذا في العشر الأواخر.
أحمد :
كي أحظى بليلة القدر
طارق:
وما ليلة القدر
أحمد:
إنها الجنه..أخبرتني والدتي أن من يقوم ليلة القدر ينال الجنة
طارق:
أيه صح ..سمعت المصلي بنا في المسجد حين كنت مع والدي يتلو سورة يذكر بها ليلة القدر وأنها خير من ألف شهر
أحمد:
كما أخبرتني والدتي أني سأشعر بالفقراء حين أجوع
ظل أحمد يثرثر لطارق عن كل ما علمته والدته عن الصيام
حينها رن الجرس محدداً انتهاء الفسحة عاد أحمد وطارق الى الصف
واحمد لا زال متضايقاً..فلم يفده طارق بشيء.. ولم يشجعه لما يقوم به ..
وفي نهاية الدوام عاد كل إلى منزلة
أفطر أحمد مع أسرته .. وصلى المغرب والعشاء والتراويح مع والده في المسجد .. ونام مبكراً.. وحين أيقظته والدته للسحور .. رفض وبشدة أن يستيقظ
فأخبرته أنه سييكون غدا صائما وكي لا يجوع كثيرا يجب أن يتسحر ..فالرسول حثنا على ذلك ونحن نحب رسولنا ونتبع سنته وما يقول أليس كذلك
أحمد :
كلا كلا لن أصوم غداً.
الأم :
ولماذا
أحمد :
لا أريد لا أريد
الأم:
حسنا إذن لن أصنع لك فطورك ولن أعد لك وجبة المدرسة ولن أيقظك لليلة القدر
لم يجبها ونام أحمد
حين استيقظ شعر بالجوع وشرب الماء ولكن والدته لم تعد له شيء
فأعد لنفسه بنفسة شطيرة الجبن والمربى بشكل غير مرتب ووضعها في علبة الطعام خاصته ..وذهب للمدرسة
في الفسحة قبل أن يخرج أحمد علبة الطعام ويأكل شريحته ..ترقب سلمى حتى تأكل الحلوى وما أن فعلت حتى هرع
إليها مختطفا الحلوى ساخرا منها.. إنما سلمى هذه المرة لم تكن قد جلبت معها حلوى أخرى لأنها ظنت أن أحمد لم يعد يحب الحلوى .. فبكت!!
التفت طارق إلى أحمد فتوجه إليه وهو فاتح فاه وتوسعت بؤبؤة عينيه ..
صارخاً..
توقف .. أحمد أنتَ صائم هل نسيت..
أجابه أحمد بغضب: كلا لستُ صائم ..
طارق:
لماذا يا أحمد ألم تكن ترغب بالجنة ؟!
صمت أحمد
حينها التف حول طارق كل الأطفال الذين يذهبون معه سويا إلى المنزل سيرا على الأقدام متجهين نحو قريتهم الصغيرة..
طارق:
كلنا صائمين يا أحمد إلا أنت
لقد أخبرت أصدقائي أننا نريد الجنة لذلك سنصوم رمضان كله وناشدنا أمهاتنا أن يوقظننا في العشر الأواخر من رمضان علنا نحظى بليلة القدر!
كما أننا نريد أن نشعر بالفقراء .. ونكف عن الكذب . ونتخلص من الخصال السيئة أنت أخبرتني ذلك
انصدم أحمد ولم يكد يبلع الحلوى التي لازالت في كوخ فمه ..
شعر بالإحراج .. فكذب وقال .. أنا لم أصم لأنني مريض ..
طارق:
إذن غدا سنصوم كلنا ..
سمعتهم سلوى وقالت
كذلك أنا سأصوم ..
عاد أحمد للمنزل وهو حزين..لأنه كذب على أصدقائة ولم يصم مما أدى إلى غضب والدته عليه.. وما إن رأى والدته حتى ارتمى في حضنها وأخبرها كل ما حصل معه فطلب منها أن تسامحه..فسامحته وأخبرته :أن يعاهد الله أن لن يكذب مرة أخرى على أصحابه وسيخبرهم غدا بالحقيقة..
ففعل ذلك أحمد ..