مرحبآ !

من خلال التسجيل في صفحات نسوة يمكنك ذلك من المشاركه وتبادل الآفكار الأيحابيه مع زميلاتك

آشتركي معنا الآن !

حب مع سبــــــق الإصرار والترصـــــــــــــد

إنضم
14 يناير 2008
المشاركات
531
أمسكت مقبض باب الشقة وظلت تعاند حشرجته حتى فتح,دخلت نادية الشقة وألقت جميع الأكياس من يدها على الأرض وكأنها تلقي بجميع همومها خارج أسوار هذا البيت ,لم تعلم كيف واتتها الجرأة لتتخذ القرار أخيراً بالهجر.لقد استنفد كل طاقاتها, روضها على الخنوع أمداً طويلاً.
أكملت مسيرها وهي تجاهد الدموع هي لن تبكي من أجله.. لن تبكي.. لن تبكي ظلت ترددها حتي غافلتها دموعها بانهمارٍ عزيز لأول تبكي بعزة في كل مراتها السابقة كانت تبكي لأنها امرأة,تبكي لأنها صاحبة الموقف الأضعف تبكي لأنها جبانة.اليوم ستبكي لأنها أقدمت على خطوة جريئة تركت القفص الذهبي لأصحابه, يجعلون الاسم لامعاً بإضافة الذهب للقفص حتى ننسى أنه قفص ومنذ متى كانت الطيور الحرة ستسعد بالحبس وإن كانت مادته ألماساً.
أنهت حفلة البكاء الصاخبة التي قامت على غفلةٍ منها وذهبت للمطبخ وأشعلت إضاءته, في البداية ظل يغمز رسمت شبح ابتسامة ,يبدو أنك رقدت في سُبات عميق حتى لم تعد تجيد الإضاءة مثلي تماماً.لقد عادت لعادتها القديمة بربط كل أحداث الكون بها وكأن الحياة لم تُخلق إلا من أجلها فإن تعثرت في الطريق قد تلغي مشوارها وإن قطعت الكهرباء قد تقطع ما بدأت به ولا تنهيه..ابتسمت لخاطرها هذا وكم تمنت أن تعود نادية القديمة فقد كانت تشعر بأنها في صُلحٍ مع هذا الكون بينهما مرسال وإشارات لا يفقها سواها,وهنا اشتعل نور المطبخ فأدارت نفسها نحوه(يبدو أن حياتي ستضيء من جديد) نطقتها بحماسة مصطنعة ....ثم بدأت بتنظيف المطبخ حتى أنهته و
لم تسترح بل أكملت تنظيف غرفة الجلوس ونفض الغبار عن أثاث البيت المتروك وكأنها تُجهز على طاقتها المتبقية وتفرغ كل الألم المزروع في خلاياها فلم يتبق جزء من كيانها إلا وأصابته حُمى مشاكلها الحياتية ,لكن هذا المرة مختلفة فاليوم حفلة خطوبته على أخرى فإن كانت سابقا تمتلك القدرة على الاحتمال فاليوم وَأدها وأُزهق آخر نفس لصبرها.كم تحمد الله أن تأخر حملها وإن أخذوه مأخذاً رادعا لرفضها مشاركته بأخرى لم يؤمنوا أنها ليست السبب أو حتى هو كم أخبرهم الطبيب مراراً وتكراراً أنهما سليمان وأنها مسألة وقت ولكن مساحة الوقت ضاقت بأًمه تريد أن تصبح جدة للمرة العاشرة لا يكفيها أحفادها الآخرين..
ألقت بنفسها على السرير بعد أن أنهت أعمال البيت المتراكمة منذ سنين فهي لم تطأ قدمها هذا البيت منذ سنتها الأولى للجامعة هو بيت عائلتها الذي يقيمون فيه عندما يأخذ والدها أجازة من عمله,فعائلتها كلها مقيمة في السعودية هي حضرت لكي تنهي دراستها الجامعية هنا. فهناك صعب جداً أن تكمل الدراسة لأن رسوم الجامعة غالية جداً فهي تعتبر أجنبية و لربما هذا المعنى القريب للذهن لكن ما أراده والدها أن تكون في بلدها لتتزوج من ابن البلد فزواج الفتيات المغتربات صعب جداً هناك.
-انظر ماذا فعل ابن البلد بل ابن العم بابنتك المدللة يا والدي
نطقتها بصوتٍ واه وينتقض عهدها مرة أخرى بعدم البكاء من أجله وظلت على حالها حتى سلّمها التعب للنوم.
(انتهى الجزء الأول)

(اللهم انى اسألك ايمانا دائما، وأسألك قلبا خاشعا، وأسألك علما
نافعا، وأسألك يقينا صادقا، وأسألك دينا قيما، وأسألك العافية فى كل
بلية ، وأسألك تمام العافية ، وأسالك دوام العافية ، وأسألك الشكر
على العافية ، وأسألك الغنى عن الناس(
بقي منبه هاتفها المحمول مُصراً يردد الدعاء بذاك الصوت الشجي حتى أيقظها لصلاة الفجر.أمسكت الجوال و أطفأت المنبه واعتدلت بِثقل وكسل محاولة استيعاب أين هي الآن, فتقافزت هواجس البارحة لرأسها مجدداً أسندت رأسها بحافة السرير وأرخت جسدها المشدود لتستجمع قواها المترامية..وشدت بكفها على هاتفها تود خنقه مانعة فضولها من فتحه لترى ما الجديد..؟؟ فمن المؤكد أن هناك من افتقد غيابها فمن سيجهز الطعام ومن سينظف البيت ومن ومن ؟؟.. فإنها الخادمة التي باعوها ولم يقبضوا ثمنها بعد.ولربما عريس الهناء تذكر الكائن الرابض بجواره.
سخرت من نفسها ومن حماقتها كيف تركتهم يفعلون بها هذا..؟ كيف لنادية المرحة القوية أن تتحول إلى مأساة تُثير الشفقة,تنازلت عن كل شئ عن خصوصيتها واستقلالها وأذابت نفسها في بيت العائلة لم تعد تذكر الأنثى الساكنة فيها,لا تذكر سوى طيف يرتدي حجاب الصلاة دوماً لأنها لاتملك جناحاً خاصاً وأعمال منزلية لا تنتهي,وعزائم حماتها التي يجب أن تكون هي مشرفة عليها بنفسها..
ياااه كم ملّت هذا الدور لم يُعد يليق بروحها,يجب أن تحسم الموقف, تلم شتات أحلامها المُمزقة بين عادات بيت العائلة وثقافة العَيب التي سوّدت وَردية طموحاتها..
ألقت جوالها على السرير وذهبت للحمام للاستعداد للصلاة راجية المولى أن يكتب لها الخيـــــر وأن تتخذ صواب الأمر فهي لا تريد العودة للسعودية وإرهاق فكر والدها بها من جديد,يجب أن تفكر جيداً بل وجيداً جداً..
أنهت صلاتها وقراءة وردها المهجور من وقت طويل في هذه اللحظة بكت ولكن ليس من أجله,بل تقصيرها في حق الله,فكم من الوقت مضي ولم تمسك المصحف,ولم تلتزم يومياً بقراءة الأذكار,عليها أن تكون صافية مع ذاتها وأن تتقيأ كل هموم الحياة وتأخذ إجازة من الدنيا لبعض الوقت,كل ما يلزمها وقفة مع نادية...
نهضت وخلعت حجاب الصلاة وأمسكت الجوال وفتحته,لتجد الكثير من الرسائل,الكل يتساءل عن مكانها لوت شفتها( يبدو أن أحداً لم يخطر بباله بيت والدي القديم,يظنون جُبني سينتصر عليّ وسأخاف أن أقطن فيه وحدي,لم يعلموا أني أًقتات من غضبي شجاعةً,لأواجه كل لون من ألوان الخوف)
أكملت قراءة الرسائل حتى وجدت رسالة منه فحواها أثار غيظها(نادية..لا تجعلي الغضب يشطح بك بعيداً عن الصواب,ليس لكِ أحدٌ سواي,عودي هناك أمل للحل..ردي أرجوكِ أين أنتِ)
-هِه أمل,عن أية آمال تتحدث,إنه أملٌ منزوع الأكمام برداء قصير يصل إلي منتصف الساق..
نطقتها بسخرية وأكملت كل ما كان يثير قلقها أن يُعلموا والدها يجب عليها أن تكسب بعض الوقت لترتيب أفكارها الهائجة,ففي كل مرة يُغاضبها زوجها أو أحد من سكان البيت تقضي بعض الوقت في بيت عمها الأصغر في الطابق السفلي لبيت عمها والد زوجها,وينهون الأمر برتق المشكلة دون النظر إلى جذور القصة وكما هي العادة يُتوجون الجلسة بأكواب الشاي دليل الصلح,وقُبلة على رأس حماتها لأنه يجب احترام الكبير وأنه مضى من عمرها الكثير وإن بقيت حية هذه السنة قد لا تُعمر للأخرى, فعليها الصبر ,قتلها هذا المبدأ الأعوج في كثير من الأحيان,ولولا مخافة الله ما صبرّت على ظلمها كثيراً,لكن أن يكون جزاء المعروف صفع على الخدود,لا بل مئات اللاءات لقد فاض مكيالها,فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها..
.....................................

مضى يومان هادئان نسبياً تتلقّى فيه الرسائل في كل وقت ولكن لا تستجيب لأحد الكل انشغل بغيابها خالاتها وعماتها و أعمامها حتى زوجها لقد عوض سنوات الجفاف الثلاثة من الرسائل في اليومين الماضيين..
لم تُعر كل هذا أي اهتمام كل ما فعلته أنها اتصلت بوالدتها لتطمئنها على حالها وسايرت المكالمة لأنهم لم يُعلموا أهلها بما حدث وأجزلت شكراً في زوجها وبيت عمها وكأن شيئا لم يحدث,وأنهت المكالمة برجاء والدتها
(أُماه دعواتك يا أيتها الغالية)وأقفلت الهاتف حتى لا يزعجها أحد باتصالاته.
قامت وأَعدت لنفسها وجبةً خفيفة للعشاء وهي تشعر براحة تتسرب جسدها فهي ترتدي بيجامة بيتية وردية خفيفة فتتحرك بسهولة ومرونة,تُعد ما تشتهي ..تجلس كيف تشاء براحة دون قلق بدخول أحد أولاد عمها الغير متزوجين الساكنين بنفس البيت..
أنهت وجبتها وأغلقت نوافذ البيت جيداً وتأكدت من إغلاق باب الشقة بالمفتاح,متوسلة الله أن يحفظها من كل سوء ومن كل طارق قد لا يَطرق بخير,وأبعدت وساوسها وخيالاتها برسم مجرمين قد يقتحمون البيت وهي لوحدها واستعاذت من الشيطان الرجيم وذهبت لسريرها وقرأت أذكار النوم والتحصينات اليومية و وضعت يمناها أسفل وجنتها. لكنها تقلبت كثيراً هذه الليلة يزعجها شعوريُراودها بافتقاد زوجها إلى جوارها يبدو أنها ألفت هيمنته على المكان,لاتنكر شعور الأمان الذي يُغلف الأجواء بقربها بجانبه,طردت كل تناقضات أفكارها وقَصراً جاءها النوم.
....
...
كوابيس وأحلام مزعجة قتلت نومتها لتستفق صارخة وتجد نفسها بين ذراعين تحتضناها بقوة جزعت واخترق الرعب كل كيانها فلكمت هذا الصدر القوي بقوة محاولة إبعاد نفسها عنه وتهتف باسم زوجها مستنجدة لتجده يكمم فمها ويبعدها برفق لتتعرف على هذه القسمات المألوفة ..
-اشش إنه أنا
رفعت حاجبيها وألقت بنفسها في صدره لتفرغ بقية الرعب الذي احتلها لثواني وجعلها تلعن نفسها وينهار كل بنيان فكرها الذي تعبت وهي ترصه في الأيام الثلاثة الماضية,وبعد حملات البكاء المتتالية والشهقات المذبوحة استعادت كبرياءها المقهور وابتعدت لتصرخ في وجه ..
-كيف حضرت لهنا..؟
رفع المفتاح الاحتياطي المخبأ وهزه في الهواء,ضربت رأسها بأصابعها كيف نست أمره..
-وكيف علمت بوجودي هنا..
صمت قليلاً وهو يـتأملها ويبتسم منذ مدة لم أركِ ترتدي هذا الملابس..
نظرت لنفسها ..
-لا تغير الموضوع ..
هز كتفيه بلا مبالاة وقال:
-في البداية لم يخطر ببالي وجودك هنا أبداً,لم أتوقع جرأتك,ولكن اتصل الجيران لأنهم شعروا بحركة غريبة في البيت فأيقنت حضورك..وأتيت ببساطة..
-وماذا تريد..؟
-أنتِ..
- وأنا لا أريد..
-كاذبة,لمَ كنت تناديني وتَعلقتِ بي إذن قبل قليل..ورسم ابتسامة كبيرة على شفتيه وداعب أنفها برقة
احمرت خجلاً وردت..
-كنت خائفة..
-والآن...؟
-الآن أخرج من البيت..
نهض من جانبها وسار ناحية الباب فاستوقفته
-هكذا بسهولة..
ابتسم ولكن ظل معطياً لها ظهره أنتِ أمرتي وأنا نفذت..أنتِ الملكة هنا..
-وتلك الأخرى ..الجارية..
-لا يـــوجد أخرى
-كيـــف..؟
-حينها أدار ظهره- لم أستطع أن أوقع عقد القرآن شُلت يميني تجمدت اللحظات ليشرق وجهك في أرجاء المكان..
قالت ببلاهة
-هـــا..
-تذكرت قصة حبنا بكل تفاصيلها فلم أستطع أن أنحره بتوقيعي..
هنا ثارت ..
-أرجوك لا تقل قصة حب إنها قصة مزيفة كنت وإياك نُساق لها سوقاً
رفع حاجبيه مندهشاً متسائلاً..
فأكملت:
كلهم تآمروا علينا,حتى والدي تآمر معهم بحسن نية يُرسلني لأكمل تعليمي الجامعي وأعيش عندكم,ويغلف نيته الحقيقة حتى يُعجب بي أحدكم وأتزوج..
-يبدو أن الوحدة أصابتك بالهلوسة..فأنا أحببتك بحق..
-ولم لا نقع في الحب فتاة في سنٍ مناسبة للزواج وكذلك أنت,والكل يهمس ويلمز ليثيروا اهتمامنا ببعض..
-والمعنى أنك لم تحبيني..؟؟
-بلا ولكن مع سابق اصرار وترصد من كل أطراف العائلة ليجعلونا نقع في غرامٍ من تخطيطهم
هنا لم يصبر لقد ضحك كثيراً على قولها..
احمرت غضباً وقالت مستفزة:وأنا اليوم لا أريد العودة إليك
هنا أطرق برأسه وصمت قليلاً ثم قال:
أدري أسبابك كلُها أيتها الغالية,لقد تركنا صغائر الأمور تكبر حتى صارت جسوراً تفرقنا
-وليس هذا فقط ..
علم أنها تقصد تسلط أمه لكنه لم يرد التجريح في والدته فرغم كل شئ تبقى سيدته الأولى فالأفُ ممنوعة لها فكيف بالتجريح بها وبشخصها عالي المقام لديه..فقال
-لا تقلقِ اتفقت مع والدي ببناء بيتٍ مستقل في الجزء المتبقي من الأرض,لقد عَذّرني كثيراً من أجلك..
وأَخفى عليها ما فعله والده بوالدتها وأمرها بترك الأولاد يعيشون بحرية وكيف انتهى تسلطها بضياع ابنة أخيه التي أُومن عليها واتخذ عهداً بأن لا تلقى ضيماً في حضرته..
صمتت لقد سدّ كل الجوانب ولكن مازالت كرامتها تأبى الرضوخ فقالت:أريد البعد قليلاً..
سكت ثم مشى ناحية الشقة ولحقته هي بهدوء و استغراب لتخليه عنها هكذا..
وأدار مقبض الباب لتصيبه الحشرجة من جديد ويمتنع عن الفتح,فضحكت فأدار وجهه وكل تعابير وجهه تتسائل ما الذي دفعها للضحك..
-يبدو أن الكون يرسل لي إشارة أن أوافق..
ضحك فقد تذكر تخاريفها التي كثيراً ما نهاها عنها فعاد إليه ووقف أمامها لبرهة ثم لفها بذراعيه وقال بهمس:جزيل الشكر لكل من أصرّ ورصد ليكون بيني وبينك هذا الغرام..فإني أُحبك بحق..
أما هي ابتسمت ورفعت قبضة يدها رافعةً أُصبعها الإبهام لمقبض باب الشقة كعلامة نصر و تحيي تعبيره عن رغبتها في العودة ..وهمست وأنا أيضا أحبـــــــــــــك...
النهاية











 
أعلى