تجربتي مع القراءة
نعم إنها القراءة زادي وأنيسي وسلوتي .. كم تمر بالإنسان من لحظات أسى وحزن هم وغم وكآبة واكتئاب :blushing:.. أدناها سلبية وخور وفتور يقتم يومك .. وينغص عيشك .. فإذا بك تلتفت يمنة ويسرة:sadwalk: وتبحث عن ما يزيح عنك تلك المشاعر السلبية ومن عالم الضيق إلى عالم الاتساع ومن الجفاء والجفوة إلى عالم الاتصال والسلوى من مشاعر الحزن والألم إلى عالم الفرح والسرور .:shiny:
طوال سنوات عمري منذ كنت فتاة غضة بين والدي كنت الكبرى بين أخواني وأخواتي وكانت المسؤوليات :dunno:المرهقة طوال يومي في أعمال يومية لم تكن تناسب عمري واهتماماتي فمن أعمال منزلية إلى تدريس لأخواتي وحل واجباتهم والعناية بالصغار فأنا الكبرى حتى اللعب كان شبه محرم علي تصدقون إلى الآن أشعر بتوق الى اللعب الطفولي :clap:..
لكنها آنسي و صديقتي الوحيدة التي كانت تشبع شيء وأشياء في نفسي كنت انتظر كل يوم تلك اللحظة التي آوي فيها إلى سريري فاضطجع ثم أتناول بشغف ورغبة كتاب أو مجلة .. المهم أني اقرأ واقرأ حتى يداعب النعاس عيني فيتسلل الكتاب بين يدي حتى أجده صباحاً قد استقر على الأرض وبجانبي في السرير فآخذه بكل حنية :icon26:واعتذر إليه بصمت وأضعه بجانبي في مكانه الخاص .. أعلم أنكم تستغربون هذا لكن هذا هو الذي يحدث صدقت شعوري ومحبتي المكبوتة فدفقته لقراءتي .. ولم أكن احصر نفسي في كتاب معين أو نمط معين كنت اقرأ الكتب بكافة أنواعها واختلافها وهذا كتاب تاريخ وذلك أدب وهذا جغرافيا وهذا كتاب فكاهي وهذا جاء هذا كتاب ساخر وآخر يحلل أقرأ السجلات العلمية والشاملة والمتخصصة والدوريات والجرائد والصحف اليومية كنت لا أتنازل عن قراءتها حتى وإن لم أجد الوقت احتفظ بها حتى أتفرغ . ومن حسن الحظ أني لم أكن اقرأ الروايات السيئة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت مع سهولة الحصول عليها وهذا اعتبره من نعم الله علي إذ أني رأيت تأثيرها على مثيلاتي واحمد الله أن عصمني منها ولعل أبرز سبب لعدم قراءتها بعد توفيق الله هو أن أسرتي محافظة كانت لا تسمح بمثل هذه الأمور كنت اقرأ كتب جادة هل تصدقون مثلاً أني قرأت كتاب المستظرف في كل مستطرف وأنا مازلت في المتوسطة وكتاب منار السبيل ورجال حول الرسول وغيرها الكثير والكثير لقد كانت نفسيتي متعبة جداً من الأعمال المنزلية المرهقة ومن بعد والدتي النفسي عني كنت أحس بجفاف عاطفي شديد . كانت القراءة هي التي تروي ظمئي وتدفئ قلبي بها تزد هي ساعات يومي فتفرح أسارير نفسي وترهو أيامي لا تتصوروا مقدار الفرح الذي كنت أفرحه عندما أزور بيت خال أو عم فأجد في أحد زوايا المنزل مكتبة غطتها طبقة من الغبار فتكاد عيني تلتهم الكتب قبل أن افتحها أو اقرأها لا أنسى ذلك اليوم الذي زرت فيه بيت خالي فاطلعت على كتاب ( البداية والنهاية ) لابن كثير و ( طبقات ابن سعد ) فلا أصف شعوري تلك اللحظة ومقدار الفرح والسعادة التي تملكتني وأنا مازلت في أول ثانوي اطلعت على الكتابين فأحببتهما بل عشقتهما وهما بالمناسبة كتابين تاريخيين , رجوت خالي أن أستعيرهما فرأيت الكراهة في وجهه لرغبته في الاحتفاظ بكتبه ............. ولا ألومه فمن يجرب عشق الكتاب يكون من الصعب عليه أن يبتعد من يحب عنه لاسيما إذا كان باختياره , لكن خالي وافق في النهاية على الإعارة لبعض الوقت فأخذت الكتابين بعض الأجزاء وأنا مسرورة جذلى:c007: لكنه سرعان ما استعادهما وسط حزني الدفين:sad_1: فأسررتها في نفسي ولم أبدها له وقررت تلك اللحظة أن اشتري الكتابين متى ما استطعت إلى ذلك سبيلاً .
ثم انتقلت إلى معترك الحياة الزوجية وليس بمقام تفضيل لها غير أني على كل حال لم تكن التعاسة بعيدة عني خلالها وكانت سلوتي هي حبيبتي القراءة التي كانت تغسل همومي وتسلي وقتي وتنير ساعات يومي وليلتي .
ثم ابتليت برجل معدد بل ومشغول فلا تسألوا عن وحشة الليل وظلمته وكآبته:e052: فكانت القراءة تحوله إلى واحدة غناء مليئة بالأزاهير وغناء العصافير فكانت ولا زالت مثل السلسبيل الرقراق الذي انهل من منبعه العذب:e032: فيا لسعادتي عندما واسترخي على سريري فهذا كتاب على يميني وذاك على شمالي وبين يدي آخر ومجلات ودريات متناثرة هنا وهناك ثم قلم ودفتر فأدلي الدلو ثم أملأه وافرغ بعضه في وريقاتي ودفاتري فإذا الليل تتحول ظلمته إلى شمس مشرقة ووحدته إلى اجتماع مع الأحبة فيذهب الليل وتذهب سويعاته وأنا مسرورة قد انتصرت عليه وعلى أمواجه وكآبته وحزنه فلا أنا خسرت نفسي ووقتي وحياتي وقبل ذلك أعصابي .
نعم أخواتي عليكن بالقراءة .. القراءة .. القراءة فوالله هاهيا اللحظات بل الأيام بافراحها واحزانها ولت وانقضت وبقيت فائدة القراءة معي لقد كانت القراءة أداة تفريغ نفسي كما قلت مرت سنون الأسى وبقيت فائدة القراءة كما أني أرجو وأتمنى وأحث أخواتي الأمهات على تعليم وتعويد أبنائهن على القراءة الحرة ..:e094: وجعلها جزء أساسي من اليوم أدمنوا القراءة .. واجعلوا أولادكم يدمنون عليها ويعشقونها في زمن تتقاذفهم الفضائيات واللاب توب ووسائل التقنية الحديثة التي أخذت مكانها ومكان غيرها وعلى إيجابيات هذه الوسائل إلا أن القراءة لا يحل مكانها شيء أبداً .. فهي إبداع وتجارب مستقاة وتنمية خيال للقارئ واستفادة من تجارب الآخرين فكل كتاب يمثل عصارة فكر وجهد كاتبه حتى سقاه رحيقاً إلى قراءة .
وأفضل وقت لتعويد القراءة هو قبل النوم :a227:فإن الإنسان مع الأيام ومرور السنين تزداد أشغاله ومشاغله حتى تحتل مساحة يومه كله فتبقى سويعات وإن شئت الدقائق التي تسبق النوم لك لا يحلها أحد حتى وإن كنت متزوجة إلا أن ساعات انتظار الزواج اجعليها ساعات جميلة بالقراءة منها تحصلين على فائدتين أولاهما .. الفائدة من القراءة بحد ذاتها وثانيها أن يخف عتبك على زوجك عندما يتأخر بل قد تتمنين أن يتأخر حتى تتمي كتابك أو مقالتك .
أتمنى أن أكون قد أفدتكن بهذا الموضوع إلا أنها تجربة عايشتها فهي زادي وعتادي في مواجهة صروف الزمان بعد الاستعانة بالله بل أني أعلمها أولادي وأتفنن في ذلك حتى يحبونها اقصد يعشقونها ولا أنسى في نهاية المقال أن أبوح بسر عظيم يفوق ما ذكرت ألا وهو قراءة القرآن الكريم فإن لهذا سر عظيم وجميل لا يعرفه إلا من عايشه وطبقه
وختاما عزيزتي ان لم تقتنعي بما كتبت عن القراءة الا يكفيك قول الحق تبارك وتعالى(إقرأ باسم ربك الذي خلق).
أختكم / بنت نجد
وعلى دروب الخير نلتقي:bye1:
التعديل الأخير بواسطة المشرف: