ينابيع الحكمة
New member
- إنضم
- 28 نوفمبر 2008
- المشاركات
- 4,877
هناك حيث لهيب رمال مكة ..
في يوم شديد حره ..
هناك من بين تلك البيوتات ..
وسط ذلك الزخم الاجتماعي الغارق بالوثنية في (ذلك الزمان) ..
المذعن بكل ولاء منقطع النظير لعبادة الأجداد ..
تبعية صماء توارثتها الأجيال ..
ومن بين كل ذلك الركام ..
هناك ثمة نور يتبدى ..
أشرقت له جنبات مكة حينها طربا ..
واهتزت الأرض فرحا بمقدمه ..
ورمقت الجبال (( السماء )) بأعين ملؤها البهجة والحبور ..
فقد حظيت أن كانت أول من لامسها ذلك الوهج المبين ..
فأحال السماء لموضع رحيب لسعادة وابتهاج كبيرين ..
الكون ينصت في شوق وإذعان لخبر السماء ..
النجوم ترقب الأضواء تتلألأ بكل إبهار ..
أي خير أريد بكم يا أهل الأرض ؟!! ..
هناك وفي تلك ( البقعة الأولى ) التي خصها الله بفيض من البركات ..
وعبر تلك الحقبة من الزمان ..
تبدى من بين الجموع ..
رجل مهيب الخطى ..
طويل جسيم ..
شامخ الحضور ..
أبيض تعلوه حمرة ..
تبصر الذكاء وسرعة البديهة وقوة الفراسة تتفتق من ملامح وجهه وروعة التفاتاته ..
رجل سامق من طراز (( فذٍّ فريد )) !!!..
ترى مالذي جعل هذا المترع شدة وحزما وغلظة يحث الخطى سيرا حثيثا ..
أي نبأ أخرجه ؟؟
وعما يبحث ؟؟
يسير وهو يعلم جيدا أين تقوده خطاه ؟؟
ماضيا بحزم وقوة لم يثنيه عن عزمه الوقاد أي أمر ..
غير أن ثمة ضياء تعلو ملامحه بوضح ؟!!!
ها هو يقترب من أحد تلك البيوت ..
إن له لسر عجيب ؟!!
وإن مثله لا يضعضع أركانه أي نبأ ؟؟ !!
ترى أي نبأ سمعه هذا الشامخ فزلزل كيانه ..
وأنار قسمات وجهه فأضاء ..
وأشعل الخطى من تحت قدميه متجها لتلك الدار وحدها لا يريد سواها ؟؟
إنهـــــــــــــــــــــــــــــــا :-
إلى قوله تعالى :-
تلك الآيات التي قرأها هذا العملاق الفذ من الرجال وأي رجال ؟!!
كانت تلك الآيات أول ما قرأها هذا المترع عبادة وقوة وتفاني وعطاء!! ..
تلك الآيات التي ابتدأت منها سيرة (( بطل )) لم يزل التاريخ يذكره وبطون السيرة تفتخر بإنجازاته ..
تلك الآيات التي فجرت ينابيع الإيمان في فؤاد سيد من سادات قريش ومبشر بالجنة ..
تلك الآيات التي ملأت روحه وأخذت بتلابيب فؤاده وأسرت
كل ذرات حسه ..
وجميع جوارحه ..
فإذا بالشخص الذي استشاط غيظا وكمدا من إسلام أخته وزوجها يعود خارجا بغير ذاك الوجه الحانق ..
قسمات وادعة هادئة ..
وجه تلألأ الإيمان بكل وضوح في قسماته ..
سرت قشعريرة الإيمان بكل عذوبة وانسيابية في أدق العروق ..
فإذا بالزمان والمكان ينتشي ابتهاجا بإسلام ذلك البطل المغوار رجل وأي رجل كان ؟!!!
وسيمضي به العمر لينعم بمزايا عظام لم تكن لسواه ..
رجل بلغ به الصدق والإيمان والإخلاص وقوة الحق حد { الجلاء والوضوح }..
فلا أنصاف للحلول .. نقاء ووضوح رؤية شكلها إسلامه فمنحه إجلالا وتقديرا من الكبير والصغير على حد سواء ..
الحق بين , والباطل بين وهو (( الفاروق )) الذي فرق الله به بين الحق والباطل ..
وسيذكر له الإسلام ولائه المنقطع النظير لخدمته الدين مدى الحياة ..
وستشهد الأرض بكائه وخشوعه وتقواه ..
وستشهد البلدان عدله وإنصافه بكل تفاني وإخلاص ..
وسيذكر الأشهاد ورعه وزهده وطيب خطاه ..
( عمر بن الخطاب )
جبار الجاهلية عملاق الإسلام الفاروق الباهر في الإيمان ..
تلك كانت البداية الأروع (( آيات كريمات قرأها )) ..
كانت سبب إسلام شخصية نادرة عظيمة في تاريخ البشرية !!
اهتز أول ما قرأ آيات القرآن , و قال بفهم دقيق ووعي عميق :-
((( ما هذا بكلام بشر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و قال دلونى على محمد )))
فإذا به يعود بالسيف الذي قرر أن يقطع به رأس محمد صلى الله عليه وسلم وقد لواه ليقطع ويجتذ به رؤوس الكفر ويحطم بذاك السيف تلك الأوثان ..
كانت تلك الآيات العظيمات سبب إسلام عبقريٌ بُشِّرَ بالجنة ..
هناك كان عمر , وهناك كانت أنباء أعظم حقبة ذكرها التاريخ من صحابة رسول الله ..
ذاك أنهم وعوا وتدبروا كتاب الله ..
ترى أين نحن منهــــــــــــــــــــــــــم ؟!!!
سؤال كم نحتاج أن نطرحه على أنفسنا المتعطشة لرواء الأرواح
{ كلام الله جل في علاه } ..
فهل لنا أعين وآذان وقلوب كقلب عمـــــــــــــــــــر ؟!!!
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ::: إن التشبه بالكرام فلاح ..
ترى ما هو حظنا من تدبر كتاب الله ؟!!
فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ..
ترى هل لنا أعين تبصر كلام الله بكل تدبر وإتقان ؟!!..
أو هل لنا آذان تنصت بكل وعي وإمعان ؟َ!! ..
أم هل لنا قلوب تتفكر وتنقاد بكل خضوع وإذعان ؟!! ..
لعل قليلا من الوقت نقضيه بتلاوة متدبرة خاشعة متفكرة لهي خير من الدنيا بما فيها ..
أما آن الآوان لهذا الران الذي علا هذه القلوب أن يزول ..
أما آن لتلك الضبابية وتعتيم الرؤية أن تنقشع غشاوتها عن عيوننا ..
لندرك ونفقه سر الحياة ..
قبل أن تطوى أجسادنا سريعا في القبور ..
وحينها لا ينفع الندم على سوء التفريط ..
علنا أن نحسن المسير قبل أزوف الرحيل ..
ولنكن جميعا كعمــــــــــر ..
ونجاهد لنتشبه بأولئك الصحب الكرام ..
لنحسن السماع للآيات بصدق وإخلاص ..
ولنقرأ بتفكر وإمعان ..
كي نسارع التطبيق والانقياد بكل تقوى وإيمان ..
عسى أن ننال الثبات من ربنا الكريم ..
التعديل الأخير بواسطة المشرف: