مشاعر أنسانه
New member
- إنضم
- 5 مايو 2010
- المشاركات
- 8
( الفراق )
صوت أزيز الباب وهي تفتحه يكبل نفسها المتهالكة حزناً ..المثقلة بالهموم
وكأن شيئاً ما ينتزع من صدرها لكنه يأبى إلا التشبث والبقاء ..
وكأن خليطاً ما يرتج في داخل جمجمة رأسها ..
دافئ .. كثيف .. يشعرها بالدوار !!!
ما زالت يدها تمسك بمقبض الباب .. ما زال قلبها يأن من قوة نبضاته ..
ما زالت رأتاها تغص بالهواء .. ومنظر السرير يتماوج أمام عينيها .. المكتب .. الكرسي .. أرفف الكتب .. المشط .. وهنااااااااااك ...... حيث يجلس !!!!
تمالكت قدماها .. خطت في عمق المكان فاحتواها البعد ..
شعرت بالفراغ .. صحراء كبيرة هي هذه الحجرة ..
صحراء مقفرة .. ورياح تعصف .. وتراب يصفع خدها المدلل بحبه .. خدها المبلل بعشقه ..
لا شيء .. لا شيء سوى صوت أنفاسه .. ومشاهد تحركاته ...
تتأمل بنبض عينيها غربتها دونه .. وبأهداب سمعها حفيف ذكرياته .........
هنا .. كان يقف ليتأمل كتاباً ما ..
وهنا أمسك بطفلته ليرمي بها في الهواء ..
وهنا نزع عمامته ..
وفي هذا المكان كان دائماً يعلق ثوبه ....
وهاهنا استدر نحوها : ( ما الأمر حبيبتي ؟ !! ) ..............
وارتمت على سريرها دون صوت ... تقتلها العبرة !!!!
شعرت بيده تمتد لتمسح رأسها المثقل : ( اصبري حبيبتي .. اصبري نور عيني ..
أيام وأعواد .. أري الله منك رضاً بما كتب .. ففيه الخير علمنا أو لم نعلم ..
سلمي بحكمة الله ماء حياتي .. واعلمي أنك وهج الحياة ..
وأنك الأم والأخت والصديق والزوجة ... وأني مهما ابتعدت فإنني معك بقلبي ونفسي وكل جوارحي ..
اعلمي وثقي أنك لا تغيبين عن فكري لحظة ولا عن قلبي قيد أنملة ..
أنت التي عرفت معك طعم الحياة ولذة الأنثى .. أرجوك اصبري .. فصبرك صبري .. وثباتك ثباتي ) ...
عادت لها أنفاسها بعد أن كادت تخنقها ذكرياته ..
ونبض قلبها بعد توقف طالت مدته ..
واستجمعت نفسها بعد أن تشتت شملها من عصف فراقه ...
استدارت نحو مكتبه .. جلست فوق كرسيه ... ازداد همس نصائحه ... استعاذت بالله من الشيطان الرجيم .. استغفرت .. ثم رفعت يديها إلى السماء باكية .
آآآآآآآآآآآه .. كم قصرت في حقه .. آآآآآآآآآآآآه كم أهملته ..
آآآآآآآآآآه كم ضيعت من فرص لإسعاده .. لإغراقه في بحر تبعلي ..
لأجعله أسعد زوج .. لأجعله من فرط النعيم يهذي .. ومن بلاغة التودد يبكي ..
ومن قمة عطائي يحتار ما عساه أن يعطي ..
كل الكروب تتهاوى عند صوتي .. والآلام تضمحل بلمسة يدي ..
أما نعيم الدنيا .. كل الدنيا .. فهو في ابتسامة شفتي .. !!!!!!
الفراق .. ذلك التنين الذي ما يلبث أن يخرج من مغارته بين الحين والآخر ليحرق سعادتي .. ليذهب بعقلي ..
لم يعد هو كذلك اليوم .. لقد وجه نيرانه نحو إهمالي .. نحو تقصيري .. نحو كسلي ..
نحو عجزي .. نحو نسياني لفضل ذلك الرجل ..
نحو إحساسي بأنني قد قدمت .. نحو شعوري بحاجتي للأخذ ..
نحو ضميري الذي قل تأنيبه لي .. نحو تلك الذكريات السيئة التي سمحت لعقلي بأن يحفظها عنه ..
لتصبح رماداً أنفضه عني فأقوم كأسعد امرأة تدرك أن في إرضاء هذا الزوج ثم الجنة .