صحة حديث ماذا يفعل لك القرآن بعد وفاتك
أولاً : (نص المقالة) :بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند موت الانسان وأثناء إنشغال أقربائه بمناسكِه الجنائزيةِ، يقفُ رجلٌ وسيمُ جداً بجوار رأس الميت. وبعد الدفنِ، يَعُودَ الناس إلى بيوتهم ، ويأتي القبرِ ملكان مُنكرٌ ونكير، ويُحاولانَ أَنْ يَفْصلاَ هذا الرجلِ الوسيم عن الميتِ لكي يَكُونوا قادرين على سؤال الرجلِ الميتِ في خصوصية حول إيمانِه.
لكن يَقُولُ الرجل الوسيم : "هو رفيقُي، هو صديقُي. أنا لَنْ أَتْركَه بدون تدخّل في أيّ حالٍ منَ الأحوالِ. إذا كنتم معينينَّن لسؤالهِ، فأعمَلوا بما تؤمرونَ. أما أنا فلا أَستطيعُ تَرْكه حتى أدخلهْ إلى الجنةِ".
ويتحول الرجل الوسيم إلى رفيقه الميت ويَقُولُ له:
"أَنا القرآن الذيّ كُنْتَ تَقْرأُه، بصوتٍ عالي أحياناً وبصوت خفيض أحياناً أخرى. لا تقلق. فبعد سؤال مُنكرٍ ونكير لا حزن بعد اليوم .
وعندما ينتهى السؤال ، يُرتّبُ الرجل الوسيم والملائكة فراش من الحرير مُلأَ بالمسكِ للميت في الجنة.
فلندعو الله أن يُنعم علينا بإحسانه من هذا الخير. آمين آمين آمين.
رجاءً أنقل هذا المحتوى إلى كُل شخص تعرفه.
ثانياً : (التعليق على المقالة) :
هذه المقالة مبنية على حديثين ، ولا يصح مضمون المقالة إلا إذا صحت هذه الأحاديث ، فإليكم بيان درجتهما :
.: الحديث الأول :.
(من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته ، فإن الملائكة تصلي وتسمع لقراءته ، وإن مسلمي الجن الذين يكونون في الهواء وجيرانه الذين يكونون في مسكنه يصلون يقبلون بصلاته ، ويستمعون لقراءته ، فإنه يطرد بجهره قراءته عن داره ومن نزلها فساق الشياطين ، ومردة الجن ، وما من رجل تعلم كتاب الله عن ظهر قلب ،
يريد به وجه الله ، ثم صلى به من الليل ساعة معلومة إلا أمرت به الليلة الماضية الليلة المستأنفة أن تكون عليه خفيفة ،
وأن ينبه في ساعته ، فإذا مات تصور صور القرآن في صورة حسنة جميلة ، ثم جاء فوقف على رأسه وأهله يغسلونه ، لا يفارقه حتى يفرغ من جهازه ، فإذا وضع على سريره دخل حتى يكون على جهازه ودون الكفن ، فإذا وضع في لحده وتولى عنه أصحابه ، وجاءه منكر ونكير جاء حتى يكون بينه وبينهما ، فيقولان له :
إليك عنا حتى نسأله ، فيقول : كلا ورب الكعبة ، لا أفارقه حتى أدخله الجنة ، فينظر القرآن إلى صاحبه فيقول له : اسكن وأبشر ، فإنك ستجدني من الجيران جار صدق ،
ومن الأصحاب صاحب صدق ، ومن الأخلاء خليل صدق ، قال : فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا القرآن الذي كنت تجهر بي ، وتخفي بي ، وتسر بي ، وتعلن بي ، وكنت تحبني وأنا أحبك اليوم ، ومن أحببته أحبه الله ، ليس عليك بعد مسألة منكر ونكير من غم ولا هم ولا هول ،
فإذا سألاه منكر ونكير وصعدا عنه ، بقي هو والقرآن في القبر ، فيقول القرآن :
لأفرشنك فراشا لينا ، ومهدا وثيرا ، ودثارا دفيئا حسنا جميلا ، جزاء لك بما أسهرت ليلك ، ومنعتك شهوتك وعينيك وأذنيك وسمعك وبصرك ، قال : فلينظر فينظر إلى السماء أسرع من الطرف ، فيسأل له فراشا ودثارا فيعطيه الله ذلك ، فينزل به ألف ملك من مقربي ملائكة السماء السابعة ، وتجيء الملائكة فتسلم عليه ، فيقول له القرآن :
هل استوحشت بعدي ؟
ما زلت منذ فارقتك أن كلمت إلهي الذي أخرجت منه لك بفراش ودثار ومصباح ، فهذا قد جئتك به ، فقم حتى تفرشك الملائكة ، قال : فيوضع فيدفع في قبره من قبل لحده ، ثم يرفع من جانبه الآخر ، فيتسع عليه مسيرة أربعمائة عام ، ويوضع له فراش بطائنه من حريرة خضراء ،
وحشوه المسك الأذفر ، في لين الخز والقز ، ويوضع له مرافق عند رأسه ورجليه من السندس والاستبرق ، ويوضع له سراج من نور في مسرجة من ذهب عند رأسه ورجليه ، يزهران إلى يوم القيامة ،
ثم تضجعه الملائكة على شقه الأيمن على فراشه ، مستقبل القبلة ، ثم ينفخ أولئك الألف في وجهه فيسلمون ، ويزودونه ياسمين من الجنة ، ثم يصعدون إلى السماء ، فينظر إليه الإنسان وهو مضطجع على فراشه حتى يلجوا في السماء ، ثم يأخذ القرآن الياسمين الذي زودته الملائكة فيضعه عند رأسه ، فيشم غضا طريا حتى يبعث ، ويرجع القرآن إلى أهله فيجيؤه بخبرهم كل يوم وليلة ، ويتعاهد تربيته كما يتعاهد الوالد ولده بالخير ، فإذا تعلم أحد من ولده القرآن بشره بذلك في قبره ، وإن كان عقبه عقب سوء أتاهم كل غدوة وعشية ، فيطأ صاحبه في داره ، ويدعو لعقبه بالخير والإقبال)
رواه العقيلي في الضعفاء الكبير (2/39-40) وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (1/5) ومحمد بن الضريس في فضائل القرآن (ص 65-67) وابن الجوزي في الموضوعات (1/410-411) وغيرهم من طريق داود الكرماني الطفاوي عن مسلم بن أبي مسلم عن مورق العجلي عن عبيد بن عمير الليثي أنه سمع عبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول : فذكره .
وطريق ابن الجوزي يختلف في بعض رواته عن البقية المذكورين ، كما أنه رواه مرفوعاً بخلاف البقية فقد رووه موقوفاً .
قلت : هذا حديث باطل منكر موضوع ، فيه :
داود الكرماني الطفاوي : هالك ، ليس بشيء ، يُترك ، حديثه باطل لا أصل له ، وهو المتهم به .
ولذلك نص أهل العلم على بطلان هذا الحديث وكونه موضوعاً :
1. قال الإمام يحيى بن معين كما في الضعفاء الكبير (2/38) :
(داود الطفاوي الذي روى عنه المقري ، حديث القرآن ، ليس بشيء)ا.هـ
2. قال الإمام العقيلي في الضعفاء الكبير (2/38) في ترجمة داود :
(حديثه باطل لا أصل له)ا.هـ ثم ساق هذا الحديث .
3. قال الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات (1/412) :
(هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمتهم به داود ، قال يحيى بن معين : داود الطفاوى الذي روى عنه حديث القرآن ليس بشئ . وقال العقيلى : حديث داود باطل لا أصل له ، ثم فيه الكديمى ، وكان وضاعا للحديث)ا.هـ الكديمي بريء منه لأنه توبع .
4. قال الحافظ الذهبي في تلخيص الموضوعات (ص 71) :
(وذا موضوع فيهم الكديمي -متهم- عن يونس بن عبيد الله عن داود الكرماني وهو هالك)ا.هـ
5. قال العلامة الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ص 305) :
(فيه نكارة شديدة ، وألفاظ يعرف من نظرها أنها موضوعة)ا.هـ
6. قال العلامة المعلمي في تحقيقه للفوائد المجموعة (ص 306) :
(من طريق داود ، عن صهر له سماه مرة مسلم بن شداد ، ومرة مسلم بن مسلم ، ومرة مسلم بن أبي مسلم ، والخبر موضوع باتفاقهم ، فمنهم من حمل على داود ، ومنهم من حمل على شيخه المجهول)ا.هـ
7. قال العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة (6821) :
(موضوع)ا.هـ
**
.: الحديث الثاني :.
(من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته فإن الملائكة تصلي بصلاته ، وتسمع لقراءته ، وإن مؤمني الجن الذين يكونون في الهواء ، وجيرانه معه في مسكنه يصلون بصلاته ، ويستمعون قراءته ، وإنه ليطرد بجهر قراءته عن داره ، وعن الدور التي حوله فساق الجن ، ومردة الشياطين ، وإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن عليه خيمة من نور يقتدي بها أهل السماء كما يقتدون بالكوكب الدري في لجج البحار ، وفي الأرض القفر فإذا مات صاحب القرآن
رفعت تلك الخيمة فينظر الملائكة من السماء فلا يرون ذلك النور فتنعاه الملائكة من سماء إلى سماء فتصلي الملائكة على روحه في الأرواح ، ثم تستقبل الملائكة الحافظين اللذين كانا معه ،
ثم تستغفر له الملائكة إلى يوم يبعث ، وما من رجل تعلم كتاب الله ، ثم صلى ساعة من الليل إلا أوصت به تلك الليلة الماضية الليلة المستقبلة أن تنبهه لساعته ، وأن تكون عليه خفيفة ، وإذا مات وكان أهله في جهازه يجيء القرآن في صورة حسنة جميلة واقفا عند رأسه حتى يدرج في أكفانه فيكون القرآن على صدره دون الكفن ، فإذا وضع في قبره ، وسوي عليه ، وتفرق عنه أصحابه أتاه منكر ، ونكير فيجلسانه في قبره يجيء القرآن حتى يكون بينه وبينهما فيقولان له : إليك حتى نسأله ، فيقول : لا ورب الكعبة إنه لصاحبي ،
وخليلي ولست أخذله على حال فإن كنتما أمرتما بشيء فامضيا لما أمرتما ، ودعاني مكاني فإني لست أفارقه حتى أدخله الجنة إن شاء الله ، ثم ينظر القرآن إلى صاحبه ، فيقول له : اسكن فإنك ستجدني من الجيران جار صدق ومن الأخلاء خليل صدق ، ومن الأصحاب صاحب صدق ، فيقول له : من أنت ؟
فيقول : أنا القرآن الذي كنت تجهر بي ، وتخفيني ، وكنت تحبني فأنا حبيبك فمن أحببته أحبه الله ليس عليك بعد مسألة منكر ونكير من غم ، ولا هم ، ولا حزن ، فيسأله منكر ، ونكير ، ويصعدان ، ويبقى هو والقرآن ، فيقول : لأفرشنك فراشا لينا ، ولأدثرنك دثارا حسنا جميلا جزاء لك بما أسهرت ليلك ، وأنصبت نهارك ، قال ، فيصعد القرآن إلى السماء أسرع من الطرف فيسأل الله ذلك له فيعطيه الله ذلك ، فينزل به ألف ألف من مقربي السماء السادسة فيجيئه القرآن ، ويقول : هل استوحشت ؟
ما زلت مذ فارقتك أن كلمت الله تبارك وتعالى حتى أخرجت لك منه فراشا ، ودثارا ، ومصباحا وقد جئتك به فقم حتى تفرشك الملائكة ، قال : فتنهضه الملائكة إنهاضا لطيفا ، ثم يفسح له في قبره مسيرة أربع مائة عام ثم يوضع له فراش بطانته من حرير أخضر حشوه المسك الأذخر ، ويوضع له مرافق عند رجليه ورأسه من السندس ، والإستبرق ، ويسرج له سراجان من نور الجنة عند رأسه ورجليه يزهران إلى يوم القيامة ، ثم تضجعه الملائكة على شقه الأيمن مستقبل القبلة ، ثم يؤتى بياسمين من ياسمين الجنة ،
ويصعد عنه ، ويبقى هو والقرآن فيأخذ القرآن الياسمين فيضعه على أنفه غضا فيستنشقه حتى يبعث ، ويرجع القرآن إلى أهله فيخبره بخبرهم كل يوم وليلة ، ويتعاهده كما يتعاهد الوالد الشفيق ولده بالخبر فإن تعلم أحد من ولده القرآن بشره بذلك ، وإن كان عقبه عقب السوء دعا لهم بالصلاح والإقبال أو كما ذكر)
رواه البزار في مسنده (7/97-99) من طريق بسطام بن خالد الحراني قال أخبرنا نصر بن عبد الله أبو الفتح عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فذكره .
قلت : هذا حديث غريب منقطع منكر جداً ، فيه :
1. انقطاع : خالد بن معدان لم يسمع من معاذ بن جبل رضي الله عنه .
2. نصر بن عبد الله : مجهول لا يُعرف .
3. بسطام بن خالد الحراني : مجهول لا يُعرف .
ولذلك نص أهل العلم على انقطاع هذا الحديث ونكارته :
1. قال الإمام البزار في مسنده (7/99) بعد رواية الحديث :
(وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ولم يسمع خالد بن معدان من معاذ وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه فلذلك ذكرناه)ا.هـ
2. قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (1/296) :
(في إسناده من لا يعرف حاله وفي متنه غرابة كثيرة بل نكارة ظاهرة وقد تكلم فيه العقيلي وغيره ورواه ابن أبي الدنيا وغيره عن عبادة بن الصامت موقوفاً عليه ولعله أشبه)ا.هـ يُشير بأول كلامه إلى نصر وبسطام .
3. قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/280) :
(حديث منكر منقطع)ا.هـ
4. قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (2/254) :
(فيه من لم أجد من ترجمه)ا.هـ يُشير إلى نصر وبسطام .
5.قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في نتائج الأفكار (2/21) :
(فيه مع انقطاعه نصر بن عبد الله ما عرفته ، وبقية رجاله ثقات)ا.هـ
6. قال الحافظ السيوطي في شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور (ص 129) :
(هذا حديث غريب في إسناده جهالة وانقطاع)ا.هـ
7. نقل العلامة ال**يدي في إتحاف السادة المتقين (4/494) كلام الحافظ العراقي نقل إقرار من غير إنكار .
8. قال العلامة الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ص 305) :
(فيه نكارة شديدة ، وألفاظ يعرف من نظرها أنها موضوعة)ا.هـ
9. قال العلامة المعلمي في تحقيقه للفوائد المجموعة (ص 306) :
(خالد بريء منه ، وكذا ثور، والبلاء ممن دونهما ، فإن بسطاماً ، ونصراً لا يعرفان ، وإليهما أشار الهيثمي في مجمع الزوائد قال " فيه من لم أجد من ترجمه")ا.هـ
10. قال العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة (14/733) :
(ذكر له-لحديث عبادة-السيوطي في اللآلئ (1/241) شاهداً من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، ولكنه مما لا ينهض للشهادة في نقدي ، لانقطاع وجهالة في إسناده ، ولأنه كالمشهود له من حيث بطلان متنه)ا.هـ
فذكر حديث معاذ رضي الله عنه ونقل كلام البزار والمنذري والهيتمي ، ثم قال (14/734) :
(وأما قوله-أي الحافظ المنذري-في الموقوف : "لعله أشبه" مما لا وجه له ، لأنه من اختصار بعض الرواة ، وكذلك هو عند العقيلي ، ولأنه من الأمور الغيبية التي لا تقال بالرأي ، بل هو موضوع ظاهر الوضع ، باطل المتن كما تقدم ، وأوله مخالف لقوله تعالى : "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً" ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمر حينما مر به وهو يقرأ في الليلة جهراً ، ولما سأله ، قال : يا رسول الله ! أوقظ الوسنان ، وأطرد الشيطان ! فقال له صلى الله عليه وآله وسلم : "فاخفض من صوتك قليلاً" في قصة معروفة في السنن وغيرها ، وصححها ابن خزيمة (1161))ا.هـ
وقال في ضعيف الترغيب والترهيب (367) : موضوع .
***
ثالثاً : (فتاوى مهمة) :
1. قال فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله تعالى :
(الحمد للّه
الذي جاء في السنة النبوية الصحيحة من تمثل العمل الصالح ، ومنه قيام العبد بالقرآن الكريم ، بالرجل الحسن في القبر ما يلي :
1- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ...إلى أن قال – في وصف حال المؤمن في القبر - :
فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ .
قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ . فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ . فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ . فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي )
رواه أحمد (4/362) وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" (156)
2- عن بريدة رضي الله عنه قال : سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول :
( َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ . فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ لَهُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا . فَيَقُولَانِ : بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا )
رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)
يقول السيوطي في شرح الحديث (2/1242) :
" ( كالرجل الشاحب ) قال السيوطي : هو المتغير اللون ، وكأنه يجيء على هذه الهيئة ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا ، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة ." انتهى .
ولم أقف على شيء من السنة الصحيحة في تمثل العمل الصالح رجلا في القبر إلا هذين الحديثين .
أما الحديث الذي ذكرته – أخي السائل الكريم – فلم يرد في كتب السنة المعتمدة ، ولم نقف له على إسناد صحيح ولا ضعيف ، بل هو مما ينتشر في بعض المنتديات والمواقع من غير تحرٍّ ولا تثبت ، ولعل بعض الجهلة من الناس كتبه من قبل نفسه ثم عزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحث الناس على الاهتمام بالقرآن والعناية به ، ولم يدر هؤلاء أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب التي توبق صاحبها في نار جهنم ، وأن النية الحسنة لا ترفع الإثم عن هؤلاء الذين يكذبون ويضعون الحديث على لسان النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (1291) ومسلم (4) والله أعلم)ا.هـ
المصدر :
http://islamqa.com/index.php?ln=ara&ref=93151
2. قال مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية :
(الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد صحة هذا الكلام بالصيغة التي ذكر بها في السؤال، إلا أنه ثبت في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في قبره بشكل رجل في صورة حسنه، كما ثبت أن القرآن يشفع لصاحبه، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69957، 56153، 35857، 71977.
وعلى المسلمين أن يعتنوا بتعليم القرآن للناس وتحريضهم على حفظه والإكثار من تلاوته، وعلى تعلم السنة والإكثار من مطالعتها والعمل بها وحضهم على التقرب من الله بما ثبت من نصوص الوحي، فذلك أولى وأهم من نشر المقالات التي تحوي ما لا يثبت، وهو التطبيق الفعلي لحديث البخاري: بلغوا عني ولو آية ، له أعلم.)ا.هـ
المصدر :
http://www.islam***.net/ver2/fatwa/S...Option=FatwaId
3. قال الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله تعالى :
(الحديث الأول الذي فيه أن القرآن يتمثّل في صورة رجل وسيم ، حديث موضوع مكذوب على رسول الله لا يجوز نشره ، ولا تجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد أورده ابن الجوزي في كتاب " الموضوعات " وقال : وقد رواه العقيلي عن إبراهيم بن محمد عن عمرو بن مرزوق عن داود أبسط من هذا .
ثم قال : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به داود .
قال يحيى بن معين: داود الطفاوي الذي رُوي عنه حديث القرآن ليس بشيء .
وقال العقيلى : حديث داود باطل لا أصل له، ثم فيه الكديمي ، وكان وَضَّاعًا للحديث.
وحُكُم عليه الألباني بأنه موضوع مكذوب ، في " ضعيف الترغيب والترهيب " والله أعلم)ا.هـ
المصدر :
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?p=5532
***
والخلاصة أن هذه المقالة المنتشرة مبنية على حديثين باطلَيْن مُنكرين ، فلا ينبغي نشرها إلا للتحذير منها ومما تحويه من أحاديث باطلة لا تصحّ عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
والله تعالى أعلم .
وصلى الله عليه نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً