عزيزتي لنعلم أن حل المشكلة لا يكون بمشكلة أخرى، وأن الوصول إلى ساحل النجاة لن يكون بقارب محطم ،وإنما بمزيد تعقل وروية بعد حسن توكل على الله تعالى ونية صادقة ، قال الحكيم سبحانه : ( إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما ) .
كما أن تقوى الله تعالى سبيلك للوصول إلى حياة سعيدة كريمة، فتفقدي نفسك في عبادتك واتصالك بالله تعالى وقراءة الأذكار التي تزيدك طمأنينة وهدوءًا ، { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .
ولا أشك أنك الآن في كرب وشدة، إذ الزوج يمثل للزوجة حياتها وسعادتها وفرحتها وبهجتها، وإذا شعرت الزوجة بانصراف زوجها عنها شعرت بفقدان تلك المشاعر.
غير أني أدعوك إلى الآتي :
ـ أن زوجك ولو لم يكن زوجك إذا ثبت أن له علاقات بفتيات عبر الاتصالات الهاتفية او النت والمسنجر فإنه على خطر عظيم، ولابد أن تستشعري أن إصلاحه مشروع نبوي مبارك ، وليكن شعارك : ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ) ، فبغض النظر عن كونه زوجك اسعي في إصلاحه بكل وسائل الدعوة المناسبة، من : كلمة طيبة، ودعوة مخلصة، وهدية مناسبة، وابتسامة حانية، وسؤال شغوف، واتصال حنون، والرفق في الأمر كله، وأن تكوني أنموذجًا في عبادتك وخلقك في تعاملك معه، حتى يصل إلى مرحلة الخجل من الله أولاً ثم منك .
ـ اسمحي لي أن أقول لك أنك تعاملت مع مشكلتك بسلبية وإن كان هذا لم يكن في مقدورك التخلص منه حاليًا، ولذا فإني أهيب بك أن تنتقلي من المرحلة السابقة إلى مرحلة التودد لزوجك، والتجمل والتعطر له، وجذبه إليك أكثر ، من دون مبالغة أو تكلف ، وأعتقد بأنك لم تقصري في ذلك سابقًا، ولكن ضغوط المشكلة ألقت بحرارتها عليك حتى أغفلت المصابرة في أداء حقوقك التي عليك، وهذا لا يزيد الأمر إلا مضاعفة للمشكلة ، فاقتربي أكثر من زوجك، واعلمي أن هذا هو طريق الحل الأمثل.
ـ إن سقوط بعض الناس رجالاً أو نساءً في هاوية المعاكسات لا يعني بالضرورة كرههم لشريك حياتهم الشرعي، أو مللهم منه، ولكنه الشيطان يزين السوء، ويجر إليه ابن آدم، وتبقى المهمة الكبيرة علينا في دلالة هؤلاء إلى الفضيلة وإبعادهم عن الرذيلة .
ـ وإن نصف المشكلة قد حل باعترافك بانن لم يقصر في حقوقك، وهذا يدل على أن له ضميرًا طيبًا ، غير أن استهانته بالرجوع إلى الخطأ لأنك ربما علقت توبته بك، وصار اعتذار ه بين يديك، والأولى أن تذكريه بالله تعالى، وأن يتوب إليه، وأن يتذكر بأن الله مطلع عليه، وأنه سيحاسبه على فعله، وأنه يسمع كلامه، فماذا عسى أن يجيبه إذا سأله!!
ـ من المهم أن إذا أقبل على الله واعتذر أن تفتحي له باب الأمل بحياة زوجية هانئة، ليس فيها خوف أو ارتباك أو قلق ، وأن هذه الحياة إذا سعدت تستمر حتى في الآخرة، قال الله الكريم : ( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون . هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون . لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) .
ـ هذه المشكلة لا يليق بالزوجة الصالحة أن تتعامل معها بطلب الطلاق، فماذا بعد الطلاق في الغالب إلا التعب والنصب، والمشكلة تحتاج منك إلى مصابرة ثم تفوزي بالحل والسعادة .
ـ لا مانع أن تقولي له في حال اكتشافك له وهو يعاكس أن تقولي له : هل ترضى هذا لابنتك أو أختك أو أهلك ... فإن انتهاك العرض بكل صوره دَيْن .. !!
ـ ولتذكريه أن غض البصر هو الطريق الحق في قصر نظر الزوج على زوجته، أما من ترك لنفسه العنان في النظر ينظر الحرام ويستلذ به، فهو شقي ، قد غرس في قلبه سهم الشهوة المسموم .. ولا خير في قلب تسمم بنار الشهوات .
ـ الحوار الزوجي الهادئ المفعم بالحب الصادق وسيلة ناجحة في الوصول بأسرنا نحو الفرحة والانسجام .
هذا الزمن الذي نعيشه زمن العجائب والغرائب, زمن صعب منفتح على كل شيء, أصبح العالم فيه كقرية واحدة, تسببت تقنيته الحديثة-عندما تستخدم استخداماً منحرفاً-إلى إحداث مشكلات كبيرة,وطروء عادات سيئة, وأعراف مقززة,لم تعرفها مجتمعاتنا العربية والإسلامية, لولا هذا الانفتاح العالمي المقيت.
من هذه المشكلات ما تعانين منه أختي فقد كثرت شكاوى الزوجات الصالحات من أزواجهن لارتباطهم بعلاقات محرمة, ما بين مقل ومستكثر, بسبب هذه الجوالات أو الدردشات أو الايملات
اذا كان زوجك يصلي فلا شك أن محاولة انتظامه على الصلاة ومحافظته على أوقاتها من أكبر العون له على مراقبة الله والخوف منه,مما يعينه على ترك ما هو فيه: ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)), لكن الأمر لا يزال في طور المحاولة.
كما أن الفئة العمرية التي يمر بها زوجك خصوصا اذا كان صغيرا هي فترة عنفوان قوية,سريعة التغير, قد تتأخر معها حركات المراهقين لا سيما حب التجربة والانفلات.
أوصيك أختي الفاضلة بالحرص على عدم اختلاق المشاكل معه حيال هذا الأمر, بل استمري على ما هو معروف عنك من جميل الحكمة وروعة التصرف, والنظر بعين التفاؤل لحصول المراد,حتى تسعدي في بيتك, ولا تنعدم ابتسامتك.
إنني على معرفة بجملة من القصص الشبيهة لقصتك, قد حاولت فيها بعض الزوجات مصادمة الزوج بقوة في محاولة يائسة منها لاقتلاع هذا التصرف منه, لكنها باءت كلها بالفشل, بل أصبح الزوج يجاهر بالمعصية بعد أن كان يستتر بها ويخفيها عن زوجته, حتى وصل الحال ببعضهم إلى أن خير زوجته بين بقائها على هذه الحال أو طلاقها.
فلا أتمنى أن تتعجلي في مصادمته حتى لا تتكدر حياتك, وتصبح حياة سوداوية, بل اعتبريه شخصاً عليلاً, يحتاج منك إلى اليد الحانية التي تقدم له الدواء وتقف معه حتى يعافيه الله تعالى.
هذه المعاكسات والمحاداثات على النت منه في هذا السن, لا تعدو أن تكون محاولة لاكتشاف مجهول, أو تقليد صديق, أو البحث عن شيء مهم يفقده في زوجته.
فتأملي هذا جداً وفكري فيه ملياً لعلك تهتدين إلى طريق مناسب يرده للجادة والعودة إلى طريق الله المستقيم.
وانصحك ايضا
1-استمري على ما أنت عليه من حسن التبعل وجميل الطاعة.
2-لا تصادميه أبداً في الإنكار عليه بعد علمك واكتشافك لمعصيته.
3-أسمعيه-عن طريق الأشرطة أو الإذاعة أو البرنامج الفضائي-فداحة نتائج الخيانة الزوجية.
4-أكثري له من الدعاء بالهداية والاستقامة والثبات على طاعة الله تعالى, فقد كان أكثر ما يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )).
5-أدخليه في دورات تدريبية متنوعة, لها علاقة بالإرشاد الأسري والنفسي والعاطفي.
6-سافري معه في عمرة إلى بيت الله الحرام,واستغلي بحكمة حالة صفائه وهدوء باله في التلميح له- بطريقتك الخاصة- عن اطلاعك مصادفة على شيء من مغامراته.
7-املئي وقت فراغه بما هو نافع ومفيد, فلربما كان عنده وقت طويل أو بطالة فادحة تؤدي به إلى ضياع ساعاته في اللهو واللعب والحرام.
8-من أهم ما يعين على التغلب على هذه المشكلة (تقوية ضعف الإيمان), فزوجك رقيق الديانة, ليست له علاقة قوية بالله تعصمه, ولا عبادة تشغله, ولا ورد من القرآن والذكر يؤنس وحشته, فلو علم حق المعرفة أن الله معه في خلواته, ويرى حركاته وسكناته, وأنه يسمع كل كلماته ومعاكساته, لما استمر على وضعه القبيح, فبماذا سيجيب ربه إذا وقف بين يديه فسأله عن كل كلمة أو خطوة أو رسالة أو همسة.
9-لا بد له من بعدٍ عن رفقة السوء ومن يعينه على السير في هذا الدرب, فمن صاحب معاكساً فلا بد يوماً أن يعاكس.
10-وأخيراً,فالأمر يحتاج منك إلى مجهودات مكثفة في شغل وقته وزيادة جرعة الإيمان له, والتركيز على التوجهات بالأخلاق الحميدة, وتوجيهه لاختيار الصحبة الزكية النقية, وليعلم هذا الزوج أن أشد الأذى هو أذى العرض, وأنه كما يدين الإنسان يدان, فمن وقع في عرض غيره, ربما أوقع الله في عرضه غيره فابتلي بأخته أو أمه أو بنته.