في سوق المملكة و في عالم المرأة .. كان اللقاء المنتظر..
كانت سارة بكامل زينتها وهي ترتدي عباءتها ونزعت طرحتها لترتب شعرها الذي جعلته هذه المرة مموجا وتضع في مقدمته ربطة أنيقة تناسب لبسها ..وتضع ماكياجا بسيطاً وحاولت أن تتفنن بوضعه ..
طال انتظارها لبدور التي تأخرت عن الموعد المحدد ... واسترجعت ما قرأته في( شخبطات )حمد في الورقة التي وجدتها بعد زواجه في خزنته والتي كتب فيها ..أن من صفات بدور البرود ...
سرحت بفكرها .. وتساءلت بينها وبين نفسها ..
ما هدفي من رؤيتي لبدور ..؟؟
هل هو فعلاً لمعرفة من هي...؟؟ وهل يستطيع أبنائي التأقلم والانسجام معها بعد انفصالي ..؟؟ ..
.. وبينما هي كذلك مرت بجانبها امرأة مسرعة وهي تدفع عربة طفل ولم تخلع عباءتها بعد ثم تنعطف بالاتجاه الآخر حيث مكان موعدهم ..
توقعت أن تكون هي ..!
فسارت بالاتجاه المعاكس حتى لا تحرج بدور إن كانت تريد أن تعدل بزينتها قبل التقاءهما ...
وصلت للمكان المتفق عليه..حيث تزدحم النساء في ذلك المقهى بحثت وجالت بعينيها في كل الوجوه وهي محرجة ..
لم تجدها ..!
وبعد تركيز ...
رأت هناك..و في آخر طاولة بالقرب من الجدار سيدة منحنية على عربة طفلها . ... تعدل في جلسة طفلها وهو بالعربة .. توقعت أن تكون هي ..
فاقتربت منها ..وهي تبتسم .. وسلمت بصوت مسموع ..
التفتت بدور.. وردت السلام وأنفاسها تتسارع ثم وقفت تسلم عليها .. كان يبدو عليها الارتباك..
انحنت سارة على (مشاري) تقبله وتحمله وتداعبه فرأت فيه شبها كبيرا لأحد أبنائها ..
جلست سارة على الكرسي المجاور لبدور ..وبدأن بتناول الحديث ..
لكن المكان الذي اختاروه مسبقا ..يعج بالنساء والضجيج . ..ولم يكن مناسبا لتبادل حديث هادئ بينهما ..
فسألت سارة بدور إن كان من الأفضل أن يغيروا المكان لمكان أهدأ قليلا فوافقت ..
وفعلا دخلا إحدى المقاهي المنزوية و الهادئة في ذلك المركز ..
كان المكان هادئ...
و إضاءته خافتة .. توحي بالهدوء والاسترخاء ..
جلسن على أحد الطاولات الجانبية في ذلك المطعم ..وجها لوجه ..
كانت بدور ترتدي قميصاً عنابياًً تقليدياً بأزرار أمامية
وتنوره سوداء ..و شعرها منسدل بطبيعته على أكتافها وحتى نصف ظهرها ..وبدت ماهرة بوضع الماكياج الذي أظهر جمالها ....
بعد أن طلبن مشروب باردا لهن..
بدأت سارة الحديث ...... حتى وصلت لسبب مجيئها ..
سارة : أكيد تعرفين الخلاف بيني وبين حمد ..
و السبب اللي خلاني أطلب أشوفك وأتعرف عليك أكثر ..
بدور : أنا أعرف إنكم مختلفين لكني ما اعرف سبب الخلاف ولا الزعل اللي بينكم ..و حمد ما يتكلم عن الموضوع أبد ..ولا يسمح لي بسؤاله ..
وبصراحة أنا أشوف حمد ينام كل ليلة عندي ....!!
وحتى يوم كنت بالنفاس كان ينام ببيتي ...!!
أنا و أهلي مستغربين مرة من جلسته ببيتي ....!!
سارة : حصل خلاف كبير بيننا وكان بسبب عدم عدله معي ....وخاصة في وقت نفاسك ..
بدور : غريبة ..!! حتى أنا ما كنت أشوفه إلا ساعة أو ساعتين في اليوم يجي ويتقهوى كل يوم ..ودائما يكون مستعجل ..!!
وبعدين يا سارة مهما كان الخلاف ..عشان عيالك لا تعاندين و انسي وارجعي .
. كانت سارة تحدث نفسها ..!!
وهل أعطاني دقيقتين ..!! لكي أطمع بساعتين التي استقليتيها يا بدور ..!!
و تقاطع بدور بهدوء : بدور أنا ما طلبت أشوفك عشان أصلح ما بيني وبين حمد ..!!
انا لو كنت أرغب بالصلح مع حمد.. لي ألف طريق وطريق ..!!.
هدفي الوحيد إني أعرف زوجة الأب اللي راح يعيش معها عيالي ..لأني قررت الطلاق ..وأحب إني اتطمن على عيالي قبل تنفيذه ..
بدور : بصراحة حمد قالي في بداية زواجنا يوم كنا عرسان
يوم كنتي زعلانة عند أهلك والعيال لحالهم في البيت ..
قال لي... إنه يمكن يجيب عياله و يعيشون معنا ..
وقلت له ما عندي مانع وراح أحطهم بعيوني ..
.لكن .....!!
تعرف يا حمد أنا زوجة أب إذا دلعتهم قالوا زوجة أب وما يهمها ...!!
وإذا قسيت عليهم قالوا زوجة أب وقاسية ...
يعني في كل الحالات ما راح أسلم ...!!
سارة تنظر لها وهي متعجبة من كلامها ..بألم .. إذا حمد كان يبيع في تلك الفترة ..!!
كان ينوي التضحية بحياتي معه من أجل بدور ..!!
الحمد لله إنني قررت الانفصال عنه ..ولن يؤثر كلامها هذا بي بعد الآن
قاطع تفكيرها صوت بدور وهي تتحدث عن حمد ...وأنه أفضل الرجال ...وأفضلهم أخلاقاً وديناً وعطوفا ومحبا بالرغم من صفة العناد فيه .. وكأنها تقنع سارة به من جديد..!!
كانت تتحدث عن حمد وكأنها تعرفه أكثر منها ..وتفهمه أكثر منها فقد اكتشفت صفة العناد من سنتين من العشرة..وسارة لم تكتشف هذه الصفة إلا قريب ..!!
تحدثت بدور عن زواجاتها السابقة دون إسهاب ..ذكرت بعض من أخلاق أزواجها السابقين السيئة .. وعن كثير من رجال هذا العصر ..
ذكرت بتلميح كيف يكون حال النساء اللاتي يعانين من مثل أولئك الأزواج
بدور : سارة الحمد لله أن حمد ليس بسكير ولا عربيد.. يأتيك آخر الليل يترنح..
يكفي أنه يصلي ويخاف الله ..هذي أهم صفة ...صدقيني ..
أنا كل اللي حولي فرحانين إني تزوجت حمد ..لأني كنت متعقدة من الرجال و الزواج وكنت رافضة المبدأ وخاصة بعد فشل زواجي الثالث ..
....لا تتوقعين انك سترتاحين إذا انفصلتي...انا جربت الانفصال ..
وولدي يعيش عند زوجة أبيه في أيام الأسبوع ويأتي في عطلة نهاية الأسبوع ليقضي عندي الثلاثة أيام ولا يذهب إلا مرغما و باكيا فزوجة أبيه ما تهتم فيه مثل عيالها .. وأبوه يقسو عليه ويضربه و ينتقم مني فيه ...!!أنا متأكدة أنه ينتقم مني لأني رفضته..
ويعاقبني بقسوته على ولدي وأعاني من أجله الأمرين..
ما تصدقين يا سارة كيف أنا تعبانه عشان ولدي ..
تتعاطف سارة مع ابن بدور من أول أزواجها... وتتألم لحاله ...وتشفق على بدور وتراها ضحية فشل زواجات سابقة ..
وتبحث معها عن حلول لمشكلة ابنها .. فيطول الحديث بينهما ..
استطاعت بدور إقناع سارة بأن حمد لا يهتم بها مع أنها الزوجة الثانية .. وهي كذلك لا تعيره أي اهتمام ..!!
تحدثت عن انفصالها بالنوم عن حمد بعد زواجهم بثلاثة أشهر ..!!
تحدثت عن الأمراض التي أصابتهم هي وهو منذ زواجهم فكل واحدا منهم يحمل كيس الأدوية الخاص به . .وهم عرسان ..!!وأنهم كانوا يتقابلون فقط ليتناولوا أدويتهم ..!!
.تحدثت عن عصبية حمد معها ...وكيف كان يسخر من طبخها ..
كانت سارة تستمع وهي غير مصدقة ..
هل هذه بدور...!!.. التي قتلني وجودها بحياتي ..!!
تعاني ...!!
ومن من ..؟؟
من حمد أيضا ..
هل هي صادقه ..؟؟
تحدثت عن حمد في العلاقة الحميمة ..وهي تحمد الله انه ليس من النوع الشغوف بهذه الناحية ..
لأنها لا تحب العلاقة الحميمة بل و تقرف منها ..
تحدثت عن إدمانها للمهدئات والحبوب المنومة فهي لا تنام وقد تواصل يومين أو ثلاثة دون نوم ...!!
تحدثت طويلا عن حياتها وصورت نفسها أمام سارة أنها تعيش منفصلة تماما عن حمد في بيتها فبمجرد دخوله المنزل..تضع له عشاءه ...
ثم تأخذ طفلها وتدخل غرفتها ..!!
أشفقت سارة على حمد ..حبيبها ..وزوجها ...وعشيرها ...
تصورته يعيش حياة تعيسة في كلا البيتين ..!!
أشفقت على نفسها أيضاً..
فليس لمعاناتها السابقة معنى .. والحال كما ذكرت بدور ..
قاطع حديثهم بكاء (مشاري) الجائع في عربته فحملته سارة تداعبه وتربت عليه ليسكت حتى تنتهي بدور من تجهيز رضعته ..
كان الحليب بارد على الطفل ..ولم يستطع شربه وعاد للبكاء من جديد ..
ذهبت سارة من فورها للعاملات في المقهى لتطلب منهن ماءً مغلي لتضيفه على حليب الطفل ليدفئه قليلاً ..
ثم تناولت الطفل لترضعه هي بنفسها فهي تعشق الأطفال بعد أن استأذنت من بدور التي لم تمانع من ذلك ..
استمر الحديث و(مشاري) في حضن سارة ترضعه وتداعب شعره لينام ..
تحدثت سارة عن حياتها هي الأخرى ..وعن تضحياتها طيلة سنوات عمرها مع حمد وما كان نهاية تلك العشرة الطويلة ..
لكنها لم تذكر تفاصيل كثيرة وخاصة عن حياتها الخاصة جدا مع حمد ومشاعرها اتجاهه ..
لكن أثناء حديثها عن حياتها مع حمد .. انتابتها حالة حزن واغرورقت عيناها بالدموع التي لم تنزل.. لأنها لا تريد أن ترها بدور ..
ولكن بدور فاجأت سارة وسألتها: ما هو الحل ..؟؟
.. هل يريحك يا سارة أن انفصل عن حمد ..؟؟
لو كان هذا الشيء الذي يريحك لحملت ابني وذهبت لأهلي ..
لكنه ليس الحل لأن حمد وضع في رأسه فكرة الزواج ....!!
والآن هو يهددني كل ما رأى مني أي تقصير بالزواج من ثالثة
..ويقول انه سيختارها من جنسية عربية التي إن تزوجها الرجل وأحبها نسى نفسه قبل أن ينسى أولاده وزوجته وصد عنهم ...
ارتعبت سارة من حديثها ...فحمد لم يهددها لا قبل زواجه من بدور ولا بعد زواجه منها بأن يتزوج عليها .. ولا يتجرأ أن يتحدث عن الزواج فهو يعرف حساسية ذلك عند سارة ...
بدور توجه حديثها لسارة : سارة لا تخافين من وجودي في حياتك لكن خافي أن يتزوج ثالثة ومن جنسية آخري فتكون الطامة وينسانا كلنا ..
سارة مذهولة وصامتة ....
وبعد حديث مطول أحبت سارة بدور وانسجمت معها ..
وأخذن يتمشيَن في السوق معا وهن يتجاذبن أطراف الحديث ...
تطرقت بدور لكل شيء حتى لقرابة حمد .. وماذا اخبرها حمد عنهم ..
وبعد ساعات مرت لم تشعر الاثنتان بمرورها قاطعهم رنين هاتف بدور ..
كان المتصل حمد ...يسألها لما تأخرت ..؟؟ وهو لا يعلم أنها مع سارة زوجته .. فقد اتفقت الاثنتان أن لا يعلم عن لقاءهم في الاتصال الأول بينهما وكان بطلب من سارة ..
أغلقت بدور الهاتف وهي تقول : يحسبني مع بنت عمي مضاوي اللي توها جاية من الكويت .. ويقول ليه تأخرتي ..؟؟
سارة : أشوى ما قلتي له انك معي ..؟؟
بدور : لا طبعاً
يرن هاتف سارة ..
كان المتصل ابنها سعود الذي جاء في موعده لأخذها ..
وقبل أن تفترق الاثنتان ...
بدور : تكفين يا سارة ...أرجوك ..أنتي عرفتيني ..وأنا عرفتك ..ليه ما نعيش براحة حنا وعيالنا ..؟؟
ليه نضيع عمرنا بالزعل والحزن صدقيني أنا أعيش حياتي بلامبالاة ولو كنت أدقق في كل شي كنت مت من زمان ... ..
سارة خلي المياه ترجع لمجاريها وخلي حمد يرتاح ..صدقيني يا سارة حمد نفسيته مرة تعبانه ..ودايم معصب ..وزعلان ..
يختي ريحي عيالك ونفسك .. وخلي عيالنا يعيشون مع بعض ونعيش أسرة وحدة ..والعشرة اللي بينكم مو قصيرة ..
سارة تأثرت جدا فيما يخص حمد وتعبه النفسي .....
فلو لم يكن هناك ما يفتقده في حياته الجديدة ....لما التعب ..فبدور أمامه وهو يعيش معها ... لوحدهما ..دون سارة ...؟؟ لما يتعب ...؟؟
من أجل أولاده ..؟؟
أم لأنه فعلاً يفتقدها ..؟؟
احتارت ...ووعدت بدور أن تفكر بموضوع العودة لحمد وخاصة بعد إصرار بدور على ذلك ...وانتهى اللقاء