كنت أداعب زوجتي فرضعت من ثديها فنزل اللبن في جوفي, فهل تعد بذلك محرمه علي؟ بمعنى آخر هل صارت بذلك أما لي في الرضاعة؟
ليس في الشريعة ما يمنع الرجل من مص ثدي زوجته حال مداعبته لها, وذلك ليس مما حرمه الشرع على الأزواج وأما كون هذه الرضاعة تكون سببا في التحريم إذا نزل اللبن في فمه, فهي لا تكون كذلك مطلقا ومما يدل على ذلك:
1 – قوله تعالي: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) قال ابن قدامه (الكافي): فدل على أنه لا حكم للرضاع بعدهما.
2 – روى الترمذي عن أم سلمه رضي الله عنها وقال حسن صحيح قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام), ومعنى في الثدي: أي في زمن حاجة الطفل لثدي أمه ومعنى فتق الأمعاء: أي وسعها لتغذية الطفل عليه.
3 – روى البيهقي أن رجلا كان يصحب امرأته في سفر فوضعت فجعل الصبي لا يمص, فأخذ زوجها يمص لبنها ويمجه حتى وجد طعم لبنها في حلقه فأتى أبا موسى الأشعري فسأله فقال: حرمت عليك أمرأتك فجاء عبد الله بن مسعود فقال لأبي موسى: أنت الذي تفتي بكذا وكذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا رضاع إلا ما انشز العظم وأنبت اللحم).
4 – روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن امرأة من الأنصار عمدت إلى جارية لزوجها فأرضعتها (بدافع غيرتها) فلما جاء زوجها قالت أن جاريتك هذه قد صارت ابنتك, فانطلق الرجل إلي عمر فذكر له ذلك فقال له عمر: عزمت عليك لما رجعت فأصبت جاريتك وأوجعت ظهر امرأتك, فإنما الرضاعة رضاعة الصغير. وأما ما استدل به من ذهب إلى كون رضاعة الكبير تحرم كرضاعة الصغير, فيما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت سهيلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: (أني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه), فقال صلى الله عليه وسلم: (أرضعيه), قالت: (وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟) فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (قد علمت أنه رجل كبير).
ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى أن الرضاع يعتبر فيه الصغر إلا ما دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله إلى المرأة ويشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة, وأما ما عدا ذلك فلابد من اعتبار الصغر في التحريم من الرضاع وفي ذلك جمع للأحاديث والعمل بها ما أمكن هو الواجب.