بسم الله الرحمن الرحيم
جواب الدرس التاسع: الصـــمـــــت
*****************************
الجنوبي إنبساطي قادر على تكوين العلاقات الإجتماعية الواسعة
لبراعته في الحديث وإبتكار مواضيعه , لكن قبل ذلك فهو مستمع بارع..
يصمت شأنه في ذلك كشأن كل الرجال الصمت وقلة الكلام أبرز صفاتهم
يصمت حين تواجهه مشكلة أو مسؤوليات ثقيلة وضغوطات مفاجئة ,
يفقد رغبته في الكلام وينسحب معتزلاً لكهفه يفكر...
هذا الصمت تتقبله الكثير من الزوجات إن عرفن أسبابه,
لكن هناك صمت لا تتفهمه الزوجات ولا يستطعن تفسيره من خلال مايرينه من متناقضات
فكيف يفسر الجنوبي صمته..؟!
- الجنوبي في حالته الطبيعية لا يتعمد الصمت أو يتصنّعه
لأنه لا يُدرك بالفعل أنه صامت أو قليل الكلام...أو أن صمته قد أصبح مشكلة أو أمراً مقلقاً لزوجته...
لماذا....
لأنه لم يشعر بصمته فقد تحدث كثيراً في عمله وفي الشارع ومع أهله وأصحابه ....
فيعود لبيته ولإسترخائه وهدوءه لتهتم به زوجته وتتفقده وتقوم على شؤونه
ويكتفي بالكلام معها في طلباتها وطلبات أطفالهما وبعض الأخبار الخاطفه عن محيطهما
ويظل الصمت هو الغالب عليه ولاسيما أنه لم يستشعر إحتياج زوجته ورغبتها الحقيقية في محادثته لها..
حتى وإن إشتكت إليه صمته , فهي لا تجيد إستخدام مشاعرها المناسبة في الطلب
فيظنها الجنوبي تطلب منه الحديث لمجرد الحديث..
وقد تكون الزوجة أصلاً قليلة الكلام وتؤثر الصمت بحضور زوجها,
وبحكم طبيعة الجنوبي يتأثر ويتعلم منها الصمت بمرور الوقت..
وهناك حالات يتعمد الجنوبي الصمت فيها مع زوجته أبرزها:
- يصمت نتيجة إنطباع تكون لديه من تجارب سابقة من أن أي حديث بينهما سيؤدي إلى نقاشات
لا يود الخوض فيها تنتهي بتنكيد وخصام فيؤثر الصمت منذ البداية كإجراء وقائي.
- يصمت بعد مشاجرة ونقاش حاد مع الزوجة أظهر أخطاءه
ووضح عيوبه (يصمت بعد النقاش وليس أثناءه)
ويصمت لأنه أخطأ في حق الزوجة
وفي كلا الحالتين يصمت خجلاً وتردداً وخشية من عدم تقبل الزوجة لإعتذاره أياً كان( بالذات إن مر بتجارب سابقة معها)..
فيتركها لشأنها حتى ترضى من نفسها أو تظهر أي بادرة لإستعدادها للتواصل معه..
- يصمت الجنوبي حين تخطأ الزوجة في حقه أو ترتكب أمراً أغضبه
يستخدم الصمت كعقاب لها قد يستمر لأيام وأسابيع
إن لم تستطع الزوجة الإعتذار له وكسر حالة الزعل.
- يصمت الجنوبي حين يسمع كلاماً ضايقه عن زوجته وليس متأكداً منه لثقته فيها..
كأن يتكلم أهله عنها بسوء..
يصمت في البداية لأن الغضب تملكه ولعدم تقبله أصلاً الوضع ككل
لأنه باب من أبواب الضغائن والنزاعات
فيتردد في مواجهة زوجته ومدارات على أهله ..
-يصمت الجنوبي حين يحدث موقف يتعلق بزوجته يثير غيرته بشدة ,
وبفعل خياله الخصب ..يبالغ ويتصور أموراً غير حقيقية
وكلما زاد هذا الخيال , زاد صمته وإنعزاله عن زوجته.
فإن سألته الزوجة عما فيه.. تجاهلها
أو على أقل تقدير يقول لها بطريقة غاضبة ومبهمة " انتِ تعرفين ماذا فعلتي..!! "
ويظل صامتاً أو يلف حول الموضوع ولايصرح بتلك الغيرة التي تحولت لشكوك غير واقعية ..
يتحاشى الخوض في الموضوع
وفي حقيقته يود منها (هي) أن تناقشه في الأمر الذي يبدو مبهما لها
يصمت في ذلك لأنه لايجرؤ على الخوض فيه
حتى لا يكون الحق عليه في النهاية وخوفاً على مشاعرها.
- يصمت إن كان يرى بأن زوجته نكدية وحياتهما مليئة بالمشاكل والخلافات
فالصمت له راحة بال ..
- يصمت عندما يكون هناك فارق ثقافي شاسع بينه وبين زوجته
وهذا الفارق واضح في طريقة تعامل كل منهما مع الأخر بلسان ثقافته ...
سواءاً كان الزوج أعلى ثقافياً أو العكس...
(المشكلة لا تتعلق بوجود هذا الفارق الثقافي مادام هناك ذكاء في التعامل مع الوضع).
- قد يصمت نتيجة مفاهيم تشكلت لدية بسبب التربية والبيئة التي عاش فيها
وقد تتغير هذه المفاهيم مع العشرة.
وبرغم ذلك... فأكثرما يزعج الزوجة هو صمت زوجها معها فقط
فيما يصدح كالبلبل مع غيرها...فما السبب ياترى..؟!
لنعرف أولا لماذا يتحدث الجنوبي..
- الجنوبي يؤثر الإستماع على التحدث, وإن تحدث فهو لا يقصد الحوار بذاته ,
إنما يقصد الحوار لتحقيق غايات معينه
وإن بدى بعضها غير عقلاني في نظر الغير...
- وجوده بين الجماعة يحقق له الكثير من الغايات ويفتح شهيته للحديث ,
فيتحدث من باب تغيير الأجواء وتقديم الدعم والمساندة والمؤازرة الكلامية وعرض خدماته عليهم.
- يتحدث عندما يكون المجال أمامه واسع في التحدث عن نفسه وآراءه وأفكاره
دون التحرج من ذلك بالذات إن وجد إنصات وإعجاب من الطرف الآخر..
- الميانة لها دور وكذلك أهمية الشخص المقابل لديه...
يصمت الزوج مع زوجته المهمه عنده لأنه يمون عليها وتتحمل ذلك منه,
لكنه لن يفعل ذلك في ظل وجود أشخاص كوالديه أو أي أشخاص آخرين يكن لهم الإحترام ويخشى عتابهم له
فيتحدث معهم بل ويتصنع الحديث مجاملةً وإن كانت به هموم الدنيا بأسرها..
-قد يستخدم الحديث وسيلة للتودد والتقرب من الغير...
فمثلاً يخوض ببعض تفاصيل حياته أو يكشف بعض أسرار حياته العائلية ,
ليعطي تطمينات ويجرئ الآخرين على الحديث معه.
كيف تتعاملين مع صمت الجنوبي وتشجعينه للحديث معك...
- أولا ميزي نوع صمته بمعرفة الأسباب ,
فإن كان بسبب ضغوط او مشاكل تواجهه , فأتركيه لشأنه وإنشغلي عنه بممارسة نشاطاتك اليومية
وحاولي ملامسة غريزته المستمتعة بالتغيير وإبتكار الأجواء المريحة
في ترتيب البيت , إعدادا الطعام المميز, الروائح العطرة, مظهرك الجميل
فكلها أمور تخرجه عن صمته وتفتح شهيته للحديث.
- أظهري حاجتك الفعلية له ورغبتك في أن يحادثك ,
وكيف تنعكس محادثته لك على نفسيتك والراحة التي تشعرين بها بعد كل حوار بينكما مع شكره
هذا اجدى وانفع لك مستقبلاً من عقد تلك المقارنات السلبية
كـ (لماذا تصمت معي وتتحدث مع غيري)..
-الجنوبي شخص مستمع من الدرجة الأولى,
فلا يعني كونه صامت أنه لا يسمع.
فإن تأكدتي من عدم إنشغاله ذهنياً إجلسي معه وقد إهتميتي بمظهرك
وتحدثي معه في أي إمور تخصك ولا تنسي الترويج لنفسك,
وأطلبي إستشارته أو رأيه في أي أمر ليشعر بأهميته ويشاركك حديثك
ولا تنشغلي كثيراً بحركاته التي تظهره غير منتصت
بادليه الحركات ..لكن باللمسات الحانية والمداعبات البريئة.
-الثقة التي كونها الزوج عن زوجته بفعل العشرة والزوجة أساساً بنتها لنفسها...
لأنه إن تكلم معها حفظت سره , ولم تستخدم أقواله ضده (تعايره بها)
وأظهرت الحيادية في مشاعرها إن كان يتحدث عن أهله
وإستمتاعها بسماع أحاديثه عن نفسه (طفولته وبطولاته)
ولا تعارضه في آراءه أو تحتقر أفكاره
هذه الثقة تجعله لا يطيل صمته كثيراً بل ويستمتع بمحادثتها
ويسعى إليها كلما حانت الفرصة...
ويظل الصمت مسألة نسبية تشكو منه بعض الزوجات دون الأخريات مع عدم إهمال أن الزوجة قد تشكل فرقاً في ذلك...