....(الحلقة الخامسة)...
كان موضوع زيارة العروس هو شغلي الشاغل....
وتم الاتفاق مع جنابها العالي على أن تكون الزيارة مساء يوم الثلاثاء...
وقد تضمن برنامج الزيارة وجبة العشاء....
انطلقت إلى بيت العروس بسيارتي وقلبي تخفق الأشواق فيه فرحاً وطرباً بلقاء الحبيب الجديد...
وكنت قد أفرغت على رأس زوجتي دلواً من التطمينات والتبريرات وأنني مدعو إلى وليمة مهمة لا بد من إجابتها...
وهكذا كان....
وصلت بيت العروس....
وسرعان ما أوقفت السيارة ونزلت منها متعجلاً....
وحين وقفت أمام الباب...
التفت نحو السيارة فوجدت أن زجاج السيارة بباب السائق قد بقي مفتوحاً....
فعدت مسرعاً وأغلقته على الفور...
طرقت الباب.....
وجاء صبي وضيء في العاشرة وفتح الباب....
هذا الصبي عرفت فيما بعد أنه ابن أخت العروس...
ولم أكن أعلم أنه سيكون أحد أبطال فيلمنا هذه الليلة....
على مسرح بيت العروس....
دخلت مجلس الرجال....
وأتكأت على أريكة وثيرة....
واسترجعت بعض أنفاسي بعمق وهدوء...
وكنت أجلس متململاً متشوقا انتظر إطلالة الحبيب....
مضى من الزمن ربع ساعة كانت على قلبي من أثقل الأوقات....
ودخلت العروس ترفل في زينتها...
وتميس في حلتها....
كانت طيور الشوق والحب والهيام ترفرف فوق رأسينا حين الالتقاء....
وطال وقوفنا....
كما طال تغريد وغناء ورفرفة تلك الطيور الجميلة فوقنا....
ثم اخترنا سوياً مكاناً في المجلس قصياً....
نريد أن نجلس معاً خاليين في أبعد مكان عن الناس...
ولكن أنى لنا؟
وبعد مدة يسيرة جاء طائر العتاب وحط في مجلسنا....
وطفقت عروسي تعاتبني....
وارتفعت وتيرة العتاب....
وغدا عتابها كموج خفيف....
ولكنه على أية حال مخيف....
خصوصا لقليل الخبرة مثلي...
وأخذت أتلطف معها في الخطاب..
وركبت قارب المعاذير ولكن لم يلبث العتاب أن خفت موجته....
وتوارى طائره بعيدا عن الأنظار..
وعادت طيورنا الحبيبة تغرد في أجواء بهجتنا....
وتغني في ليل أنسنا الجميل....
آآه....ما أحلى تلك الليالي....وما أطيب تلك المجالس الخوالي....
وطوبى للرومانسية الحلال....
إنها كالماء الزلال....
بل كطيب الشهد في أعالي الجبال....
كنت مبتدئاً في عالم الرومانسية والحب والهوى....
وكانت عروسي متقدمة عني في ذلك المجال...
لم يقطع لحظات الهوى والرومانسية والوداد سوى طرق متتابع على الباب....
إنها أم العروس....
حيا الله حماتي الغالية....
مرحباً بحماة الهناء!!!!....
حماة السعد!!!...
مرحباً بحماة الهناء!!!!....
حماة السعد!!!...
لا بدللمعدد-حتى ولغير المعدد-من حفظ منظومة من عبارات المجاملة والثناء والإطراء....
هذه المنظومة حتى وإن بدت ثقيلة على النفس في كثير من الأحيان إلا إنها ذات مفعول قوي في العلاقات مع الآخرين...
خصوصا طوائف من النساء....
وخفيفات الظل من بنات حواء!!!!!....
كنت ما أزال أعيش أجواء الرومانسية والخيال وأعيش أحلى الأحلام حتى أيقظتني أسئلة حماتي التي أمطرتني بها وكادت تفسد علينا فرحة تلك الليلة....
وأما التنغيص فقد كان كمثل الغراب ينعق من بين تلك الأسئلة والتحقيقات...
في البداية قامت الحماة-وهناك صنف من الحموات أو الحمأت خطير وذو دهاء وشر مستطير-بتخديري بواسطة بعض الأسئلة الخفيفة التي عرفت فيما بعد أن هذه الأسئلة كان ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب....
في البداية قامت الحماة-وهناك صنف من الحموات أو الحمأت خطير وذو دهاء وشر مستطير-بتخديري بواسطة بعض الأسئلة الخفيفة التي عرفت فيما بعد أن هذه الأسئلة كان ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب....
بشرني يا ولدي:كيف حال أبيك؟؟....وكيف حال أمك؟؟....
وطمني!!!(قالت أطمنها!!!)على أم عيالك...(تعني زوجتي)....كيف حالها....وكيف صحتها....وبشرني عن صحة طفليك؟؟؟...
وطمني!!!(قالت أطمنها!!!)على أم عيالك...(تعني زوجتي)....كيف حالها....وكيف صحتها....وبشرني عن صحة طفليك؟؟؟...
وكنت تحت هذه التأثير والتخدير سعيداً بهذه الحماة التي تهتم مثل هذا الاهتمام بأخبار أسرتي وأحوالها....
وقلت في نفسي:هذه الحماة المثالية....وليست كحماتي الأولى....
وبعد أن فعل التخدير في نفسي وقلبي وعقلي فعله بادرتني هذه الحماة الجديدة لتخرج من جعبتها سهاماً حادة....
وتنهال عليَّ بسيل من الأسئلة الثقيلة....
والتحقيقات الغليظة...
والتحقيقات الغليظة...
هل عرف والداك بخبر الزواج؟؟...
ولماذا لم تخبرهما حتى الآن....
نريد أن تزورنا الوالدة في أقرب وقت....
ومتى ستخبر أم عيالك بهذا الموضوع...
ترى يا ولدي نحن أناس لا نحب المشاكل (المشكلات)....
وابنتي هذه-يا حبة عيني-لا تحب(المشكلات)أيضاً....
ولماذا لم تخبرهما حتى الآن....
نريد أن تزورنا الوالدة في أقرب وقت....
ومتى ستخبر أم عيالك بهذا الموضوع...
ترى يا ولدي نحن أناس لا نحب المشاكل (المشكلات)....
وابنتي هذه-يا حبة عيني-لا تحب(المشكلات)أيضاً....
كنت أختلس النظر إلى عروسي خلال تلك الجلسة الثقيلة التي لو وزع ثقلها على حي بكامله لتضجر سكان الحي منه ولضجوا....
فكيف بواحد مسكين مثلي...
ولكن من طلب العلا سهر الليالي...
فأجد العروس واجمة محرجة!!
أما أنا فلم أحد عن جوابي على جميع الأسئلة سوى قولي :خيراً إن شاء الله وبعد أن نفثت هذه العجوز ما في صدرها من أسئلة وتحرشات...
وصالت بي وجالت يميناً وشمالاً....
أنهت مجلسها بالتحية والترحاب بعد أن أخرجت ذلك من خزانة قديمة للمجاملة في ذاكرتها قد أكل الدهر عليها وشرب....
ما إن خرجت الحماة-هداها الله وكفانا وكفاكم تحرشات الحموات أو الحمأت-حتى أخذت أحاول التقاط أنفاسي التي بعثرتها حماتي هنا وهناك....
أفـــــــــــــــــــــــــــــــــف..ما هذا؟؟؟...
أقبلت عروسي تعتذر بحرارة....
وقدمت لي كأس ماء متوسط البرودة....
فشربت الكأس سريعا....
ولم يكن بي عطش سوى أنني جلست حوالي نصف ساعة تحت أشعة شمس حماتي العزيزة في ضحاها...
وليس في ظهيرتها...
بقبلة ود واحدة.....
وابتسامة صادقة من عروسي الحبيبة أنستني معاناتي وحرجي مع والدتها....
لولا ألطاف الزوجات....
وتدليل المتبعلات....
لفر كثير من المتزوجين-من ترويع-الحموات أو الحمأت إلى جزر نائية....
ولكن الله سلم....
أبحرت بي عروسي من جديد في قاربها الصغير الدافئ في بحر الهوى والحب والوداد....
كان الليل جميلاً ساكناً....
وكم تجاذبنا في تلك الليلة كلمات المحبة والشوق والالتياع وكم تناجينا....
وضكنا....
وضكنا....
لا تسلني عن الزمان والمكان....
فقد ذبت في هوى المحبوب....
ولقد تهت في دروب الوجد والصبابة...
وفجأة طرق الباب!!!!....